تشهد المنطقة العربية ومحيطها حاليًا تحولات في التحالفات التي تحمل عناوين مثل: «محور المقاومة» و«محور الاعتدال». هذا ما نستخلصه من مقالل الصحفي اللبناني علي هاشم في جريدة السفير اللبنانية، اليوم الاثنين، الذي يرصد زيارات «سرية» لقادة «إسلاميين» فلسطينيين إلى الدوحة وزيارات متوقعة قريبًا إلى طهران. من بين الزيارات المتوقعة تلك التي سيقوم بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل «خلال أسبوعين» على حد توقعه، مشيرًا إلى تحسن العلاقات بين الجانبين مؤخرًا، بعد فترة توتر بسبب موقف مشعل من الأزمة السورية، وتأييده «الثوار» في مواجهة النظام الذي تؤيده إيران. يرى هاشم أن قطر مستعدة الآن للعب دور إيجابي إلى جانب تركيا في إقناع جزء من المعارضة السورية، للتفاوض من أجل الوصول لحل ينهي نزيف الدماء المستمر في سوريا، وأن يترك أمر الحسم في مصير الرئيس بشار الأسد إلى الشعب السوري، ويقول إن «النقطة الأخيرة هذه ربما تكون مربط الفرس في الصفحات الجديدة التي من المتوقع أن تفتح خلال الأسابيع المقبلة». والى نص مقال الصحفي اللبناني على هاشم: «قبل أسبوع أو أكثر بقليل ذهب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح إلى العاصمة القطريةالدوحة، في زيارة حملت طابع السرية، أولاً بسبب الوضع الأمني لشلح الذي تضعه الولاياتالمتحدة على لائحتها للإرهابيين الأكثر خطرًا في العالم، وكذلك إسرائيل الذي يتصدر مع غيره من قادة المقاومة لوائح التصفية الخاصة بها. أما السبب الثاني للسرية فكان طبيعة الزيارة التي هدفت للقاء رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل، الذي يتخذ من الدوحة مقرًا له منذ تركه سوريا. اللقاء بين أبي عبد الله وأبي الوليد ليس جديدًا، فكلاهما يقود حركة مقاومة إسلامية فلسطينية، وكلاهما كان يجاور الآخر في دمشق قبل الأزمة، وكلاهما حليف لإيران. الجديد هنا هو مكان اللقاء: الدوحة، والمستجد هو أن مشعل ربما يزور طهران بعد رأس السنة الإيرانية، أي خلال أسبوعين فقط من الآن. خلال الأشهر الماضية، كانت العلاقة بين حماس وإيران قد عادت إلى ما يمكن وصفه بالوضع المقبول. وفود عديدة من الحركة زارت طهران منذ صيف 2013، بعضها سياسي وبعضها عسكري وبعضها الآخر لأسباب أخرى مختلفة. وحده مشعل ظل خارج قوائم المسافرين إلى طهران، لأن عوائق عدة كانت تمنع التواصل المباشر بينه وبين القيادة الإيرانية أو حتى بينه وبين الذين يمونون للتوفيق بينه وبينها. السبب معروف، وهو موقف مشعل من الأزمة السورية وتأييده الواضح والصريح خلال فترة معينة ل"الثوار" في مواجهة النظام، بل وما حكي في أروقة "محور المقاومة" عن دور عسكري أو خبراتي قدمته حماس لبعض الكتائب، وهو الأمر الذي تم نفيه جملة وتفصيلاً على لسان أكثر من قيادي حمساوي، وذهب البعض منهم إلى القول إن الذين قتلوا من الحركة في معارك سوريا ذهبوا بمبادرة فردية. مصادر قيادية في حماس أكدت أن الزيارة أصبحت وشيكة، وأن العلاقة مع طهران وإن مرت بما يشبه سحابة الصيف، إلا أنها اليوم جيدة وكذلك العلاقة بين حماس و"حزب الله"، وإن كل ما يحكى عن توتر أو فتور ليس سوى أمنيات من لا يرغب في رؤية "محور المقاومة" يعود إلى سابق عهده. وتشير المعلومات المتوفرة من مصادر متقاطعة إلى أن العوائق التي كانت تمنع زيارة مشعل إلى طهران قبل أشهر كانت كثيرة، لكنها في الفترة الأخيرة انحصرت بعدم القدرة على تأمين موعد مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي، الذي، ولأسباب عدة، كان يفضل التريث قبل حصول هكذا لقاء. لكن حماس التي تعلم أن دون هذا الأمر لا شيء فعلاً يعيق الزيارة، جهدت لتأمين الموعد عبر الأصدقاء المشتركين والحلفاء المعنيين، وذلك لأن زيارة طهران من دون لقاء المرشد لن يكون لها المعنى والوقع الذي تريده أو الذي يريده مشعل، ولأن زيارة المرشد ستعني من دون شك أن صفحة كاملة طويت وأن حماس عادت بقوة إلى مكانها السابق في "محور المقاومة والممانعة" الذي يشهد اليوم عملية إعادة صوغ وبناء على قواعد جديدة تناسب زمن ما بعد "الربيع العربي". في هذا الإطار، يقول مصدر عربي متابع للحراك الذي يجري على صعيد المنطقة، إن عملية إعادة صياغة المحاور وبنائها تجري على قدم وساق في المنطقة بأسرها، "محور الاعتدال" يعيد تقييم تجربته بعد "الربيع العربي"، وكذلك "محور المقاومة والممانعة"، وكلاهما اليوم اختلفت أهدافه وعرضت جبهته وكثرت مشاكله. ويضيف المصدر، أن اليوم لا بد من شكر التطورات الأخيرة في سوريا والخليج ومصر على دورها في تسريع حركة التموضع بالرغم من الخلافات والتناقضات، السعودية والإمارات والبحرين عزلت قطر التي وجدت نفسها أقرب إلى إيران تماماً كعُمان، وينطبق الأمر على تركيا وتونس و"الإخوان المسلمين" في المنطقة التي وإن كانت على خلاف جذري مع طهران حول سوريا، إلا أنها تجد نفسها إليها أقرب مما هي إلى "محور الاعتدال" الذي يعاد تشكله أيضاً بما يتناسب مع الخط السياسي والمصالح المشتركة. أهم ما جاء على لسان المصادر المتقاطعة، هو أن الدوحة التي انحسرت علاقتها بالملف السوري خلال الأشهر الماضية، بدأت فعليًا بتصفية استثماراتها الجهادية على كل المحاور هناك، وأنها مستعدة للعب دور إيجابي إلى جانب تركيا في إقناع من تمون عليهم من المعارضة السورية للجلوس إلى طاولة جديدة للمفاوضات بناء على المبادرة التركية الإيرانية المشتركة للوصول إلى حل ينهي نزيف الدماء المستمر في سوريا، وأن يترك أمر الحسم في مصير الرئيس السوري بشار الأسد في نهاية المطاف إلى الشعب السوري، والنقطة الأخيرة هذه ربما تكون مربط الفرس في الصفحات الجديدة التي من المتوقع أن تفتح خلال الأسابيع المقبلة».