•الجماعة قررت الانتحار ولن تشارك فى المصالحة الآن حفاظًا على التنظيم.. ونمر بأجواء صناعة كراهية واستسهال لفكرة «المخلّص» التى تكرس الاستبداد قال الدكتور وحيد عبدالمجيد، القيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى، إن لجنة الخمسين المشكلة لتعديل الدستور تكرر نفس أخطاء الجمعية التأسيسية التى وضعت دستور 2012، متوقعا أن يكون الدستور الجديد مؤقتا و«عمره قصيرا»، ولن يستمر لفترة طويلة. وانتقد عبدالمجيد، فى حواره مع «الشروق»، خط سير المرحلة الانتقالية، معتبرا أن بعض ثوار يناير أصابتهم فوبيا «الدستور أولا»، وهو ما أدخل البلاد فى متاهة وضع دستور فى ظل ما وصفه بأجواء الكراهية والخوف. واتهم عبدالمجيد القوى المدنية بالبطء، وعدم القدرة على سد الفراغ السياسى بعد نظامى مبارك والإخوان. لافتا إلى أن الجبهة مازالت فى حالة مراقبة أكثر من حالة اشتباك فعلى مع الوضع فى الشارع. وفى السطور التالية نص الحوار: • ما رأيك فى طريقة إدارة المرحلة الانتقالية عقب الموجة الثانية للثورة فى 30 يونيو، التى كان مطلبها الأساسى الانتخابات الرئاسية المبكرة؟ مشروع خارطة الطريق تم التوافق عليه قبل 30 يونيو بأيام من خلال حوارات متعددة، لأنه كانت توجد ثقة أن تغييرا جوهريا سيحدث فى مصر وبدأ الإعداد له مع محاولة استيعاب دروس 25 يناير، لكنها للأسف لم تفلح هذه المرة أيضا. وبدأ الإعداد المبكر للاتجاه الذى تسير فيه البلاد فى الأسبوعين السابقين على 30 يونيو، وحدث نقاش حول البدء بتعديل الدستور، ورأيى أن هذا لم يكن ضروريا، وأن تكون الخطوة الأولى الانتخابات الرئاسية ثم الانتخابات البرلمانية، على أن يجرى إعداد الدستور بطريقة أهدأ ووفقا للأصول التى تحدث فى الدول الديمقراطية من خلال إشراك المجتمع بمعناه الواسع، وهذا يحتاج لفترة طويلة لا تقل عن عامين، ولكن جزء من زملائنا الذين أرادوا استيعاب دروس يناير، كان لديهم فوبيا وضع الدستور أولا، بينما كان رأيى ان الوضع فى 30 يونيو مختلف. • ما الذى حدث وأدى لتغيير ترتيب خريطة الطريق المقترحة والبدء بالانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية؟ ما حدث فى جلسة 3 يوليو التى حضرها الدكتور محمد البرادعى، وشباب تمرد، مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، تم الاتفاق على هذا التغيير، ولكن أعتقد أن هذا الترتيب خاطئ، وكان لابد من إجراء الانتخابات الرئاسية أولا، مع وضع ضمانات لعدم توغل الرئيس المنتخب على السلطات الأخرى. • هل شعرت بقلق وتوقعت حدوث تعثر فى المرحلة الانتقالية؟ كنت أتوقع أن البدء بتعديل الدستور يدخلنا فى متاهات ويخلق صراعات نحن فى غنى عنها، خاصة عندما تم النص على تشكيل لجنتين لتعديل الدستور، وأعتقد أن هذا الدستور أيا كانت التعديلات التى تحدث فيه، هو دستور مؤقت ولن يستمر طويلا، لأنه ترميم لدستور 2012، فبنيانه غير صحيح ولم يكتب بطريقة صحيحة، ولم يحدث نقاش مجتمعى حوله، وسيظل أكثر من 90% من المصريين لا يشعرون بالدستور وأهميته، وستكون هناك غربة بينهم وبين هذا الدستور الذى لم يشاركوا فى إعداده، مثلما حدث طوال تاريخنا الدستورى. • ما رأيك فى أداء لجنة الخمسين بالمقارنة بالجمعية التأسيسية التى انسحبت منها فى 2012؟ أداء روتينى بيروقراطى، فيه استنساخ لطريقة أداء الجمعية التأسيسية فى 2012، بدءا من نصوص اللائحة التى تم وضعها، رغم وجود اعتراضات جوهرية عليها من قبل القوى الديمقراطية، بالإضافة إلى استنساخ طريقة العمل وتشكيل اللجان ودور رئيس اللجنة الذى يتطابق مع دور رئيس الجمعية السابقة، فلم يحدث أى ابتكار أو استفادة من الخبرات والتجارب الأخرى، وفتح الباب لمطالب فئوية لمؤسسات فى الدولة ترغب فى الحفاظ على مكاسب معينة أو تحصل على مكتسبات جديدة، وهذا لا يعنى الشعب المصرى والمجتمع. • اللجنة اتبعت عددا من الإجراءات التى أضفت سرية على جلساتها، ما رأيك؟ عليه علامات استفهام كثيرة، لأن فى جمعية 2012 الإخوان حاولوا أن يفعلوا هذا ونحن تصدينا لهم، والصحفيون كانوا يلجأون لنا فى حالة حدوث أى تعتيم، والغريب أن السيد عمرو موسى كان معنا فى هذا الموقف وتصدى معنا لذلك. • ما رأيك فى الخلاف داخل اللجنة حول استمرار مجلس الشورى أو الغائه؟ مجلس الشورى من الموضوعات التى لا يجب ان تكون محل نقاش، فالواقع يفرض علينا ترتيب الوضع السياسى بطريقة معينة، احتياجنا الأساسى ثورة تشريعية كبيرة بعد الدستور، كل القوانين المكملة للدستور تحتاج لتعديل أو إصدار عدد من القوانين الاخرى، نحن نحتاج خلال الدورة الأولى للبرلمان تعديل ما يزيد على 100 قانون، وهذا يستدعى إسراع العملية التشريعية ووجود مجلسين يعطلها، ويضيع مزيدا من الوقت، أيضا الديمقراطيات الحديثة والتطورات والإيقاعات السريعة فى الحياة أنهت نظام المجلسين. • ما رأيك فى الخلافات المثارة بشأن المواد الخاصة بالمؤسسة العسكرية؟ فيما يخص محاكمة المدنيين أمام محكمة عسكرية الجدل حولها مسيئ لثورتى يناير و30 يونيو، من حيث المبدأ لا يجوز محاكمة أى شخص إلا أمام القاضى الطبيعى، ولا يجب النص على الاعتداء على القوات المسلحة لأنها عبارة مطاطة، أما بشأن اختيار وزير الدفاع وموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة عليه، أعتقد أنه لا مشكلة فيه، وعلى العكس أرغب فى وجود مجلس أعلى للشرطة يتشكل من شخصيات عامة وحقوقيين وضباط سابقين، وتكون له الموافقة على اختيار وزير الداخلية، حتى لا نعود لنظام يستطيع الرئيس ملء إرادته على هذه المؤسسات وتسخيرها لخدمته، لابد من وجود ضمانة لعدم تحويلهما لمؤسستين تابعتين للسلطة التنفيذية. • متى تنبهت أن مسيرة المرحلة الانتقالية تواجه أزمة؟ الأجواء العامة فى مجملها أجواء صناعة كراهية عميقة جدا فى المجتمع، واستسهال من جانب جزء من القوى السياسية الديمقراطية والمجتمع لإعادة طرح فكرة المنقذ والمخلص، لكنها فكرة لم تطرح فى مجتمع إلا وأخذته للوراء، فعندما يعول مجتمع بأكمله على شخص أيا كان يعنى أننا بدأنا طريق الاستبداد، وهذا يحدث فى ظل الشعور بخطر وتضخيمه والوقوع فى أسر الخوف، أخطر ما يهدد أى مجتمع أن يتملك الخوف منه، وتوصيل الأمر أن الشعب عاجز عن مواجهة الخطر ويوجد من ينوب عنه، هذه أجواء تثير قلقا على المستقبل وتطرح تساؤلات على كيفية التعامل مع الخطر، وهل تساعد على مواجهته أم تفاقمه. • هذا يقودنا للحديث عن أداء القوى المدنية، كيف تقيم الموقف؟ أداء القوى الديمقراطية ضعيف وبطىء، ولم يحدث أى تحرك لسد الفراغ أو الفراغين اللذين تركهما نظام مبارك والإخوان. • لماذا لا توجد محاولات داخل الجبهة لسد الفراغ؟ الجبهة تعمل من خلال الأحزاب والحركات الأعضاء فيها، وهى مازالت فى حالة مراقبة أكثر من اشتباك فعلى مع الوضع فى الشارع والتحرك لسد الفراغ الموجود الآن. • هل ينعكس هذا على نتائج الانتخابات البرلمانية؟ من الصعب توقع أى شىء يخص الانتخابات البرلمانية قبل تحديد نظام الانتخاب، والنتائج ليس كلها متعلق بالوجود فى الشارع، هناك عوامل كثيرة تؤثر على النتائج، ولكن بالطبع الأداء الآن سيؤثر بدرجة ما على الانتخابات. • ما موقفك من المصالحة وتعثرها؟ تعبير المصالحة غير دقيق وليس فى محله، ما نحتاجه هو تحديد قواعد العملية السياسية ويكون الباب مفتوحا لمن يرغب المشاركة وفقا لهذه القواعد، وهذا لا يتعلق بالضرورة بمشاركة الإخوان فى العملية السياسية الآن، لأنهم غير مستعدين لها، فالتنظيم لايزال أسيرا لقيادته التى أدخلته النفق المظلم، وهذه القيادة لا تريد وليس من مصلحتها حدوث تهدئة لأنه يقترن بها الاعتراف بالفشل والخطأ، وتنظيم الإخوان قائم على أن هذه القيادة لا تخطئ، فإذا ثبت الخطأ يحتاج إعادة بناء التنظيم على أسس جديدة، وهذه القيادة المعروفة بالتنظيمية، الهدف الأسمى لها الحفاظ على التنظيم فى قبضتها، وحتى الآن هم ناجحون فى هذا، ولهذا لن يعودوا للمشاركة مهما فتحت أمامهم الأبواب، فالإخوان قرروا «الانتحار» ولن يشاركوا فى العملية السياسية الآن حفاظا على التنظيم. لكن الباب لابد أن يكون مفتوحا أمام قواعد الإخوان، والقضية ليست مصالحة مع الإخوان أو صناعة كراهية وتحقيق ما سعى إليه الإخوان عندما قرروا الانتحار وتوقعوا أن يدفعوا مصر كلها للانتحار، فليبق الإخوان فى غيهم، لكن مسئوليتنا وضع حد لحالة الكراهية. •فى رأيك من الذى يحكم مصر الآن؟ ليس هناك أحد يدير بمفرده، فالمشهد موضع تعاون وتنافس وصراع بين قوى متعددة لذلك نجد أن حتى داخل الحكومة توجد تباينات والمشهد معقد ولا يوجد طرف يستطيع فرض قرار نهائى على الجميع بما فيها المؤسسات السيادية والعسكرية، وحتى الآن يوجد توازن فى القوى، بدليل أن قانون التظاهر لم يصدر وتأجل إصداره لحين إعادة النظر فيه. • ما موقفك من الحديث عن ترشح الفريق السيسى للرئاسة خاصة بعد إعلان عدد من قيادات الجبهة تأييده؟ حتى الآن لا يوجد موقف، وما قيل كان ردا على أسئلة مرتبطة باللحظة التى يطرح فيه السؤال، هذا كلام عابر ليس موقفا نهائيا. • وماذا عن مرشح الجبهة فى الانتخابات الرئاسية؟ لم يتم الاتفاق حتى الآن.