«لأن حياة الشعوب تقاس بمقدار تغلغل الثقافة فيها، ولأن الاهتمام بالثقافة فى مصر يقتصر على المتخصصين أو المشتغلين بها سواء من الكتاب أو من موظفى وزارة الثقافة. ولبدء اندثار ظاهرة الصالونات الثقافية التى يقيمها أشخاص غير مشتغلين بالمسألة أو منتفعين منها، لذلك كله أحيى السيدة مى إربل زوجة السفير الألمانى بالقاهرة لاهتمامها بالشأن الثقافى، من خلال صالونها الناجح». بهذه الكلمات بدأ الكاتب الكبير محمد سلماوى حديثه إلى ضيوف الصالون فى أمسية حميمة، أقيمت بمقر السفارة الألمانية، تكلم سلماوى عن كاتبنا الأشهر نجيب محفوظ ومشواره الأدبى الذى كان فاصلا مهما بين مرحلتين فى تاريخ الرواية العربية، حيث أوضح أن محفوظ يعتبر أبا الرواية العربية، التى اختلفت كما وكيفا بعد تقديمه لها وقال إن من أهم ما يميز محفوظ أنه صاحب أطول مشوار أدبى فى مصر. إلى جانب تفاعله مع الأحداث الوطنية، وطرحها فى أعماله، مثل ملحمة الثلاثية التى تناول فيها الصراع العربى الإنجليزى، وأشار سلماوى إلى أن محفوظ عندما ألف الثلاثية لم تكن من ثلاثة أجزاء كما هو معروف، ولكنها كانت رواية واحدة تخطت الألف صفحة، وعندما ذهب بها إلى الناشر، رفض أن ينشر رواية بهذا الحجم خوفا من الخسارة، واشترط نشر جزء منها، وعندما نجح تم نشر الجزءين الآخرين. أهم ما ميز الصالون أن الحضور استمتع بتلقى ثلاثة أنواع للثقافة، حديث الكاتب محمد سلماوى عن حياة نجيب محفوظ، والاستماع لبعض الموسيقى الشرقية، كما تم عرض لوحات فنية بديعة بريشة الفنانة التشكيلية الكبيرة نازلى مدكور، وهى لوحات تمثل شخوص رواية «ليالى ألف ليلة»، وكانت قد نشرت فى «كتاب الفنان»عن دار «ليمتد إديشون كلوب» الأمريكية، وهو مشروع تقيمه الدار مستهدفة به عشاق الكتب النادرة فى العالم، حيث تطبع عددا قليلا من النسخ يصل سعر الواحدة منها لعدة آلاف من الدولارات، ويكون موقعا من الكاتب ومن الفنان الذى يرسم شخوص الكتاب. من المواقف التى أشاد بها سلماوى فى حياة نجيب محفوظ، كتاباته التى تناولت نقد أنظمة الدولة فى ظل وجودها وليس بعد أن تترك السلطة مثلما حدث مع رواية «ميرامار» التى أغضبت المشير عبدالحكيم عامر، وعندما أرسل قوة للقبض على نجيب محفوظ، وعلم الرئيس جمال عبدالناصر بالمسألة، أصدر تعليماته إلى عبدالحكيم عامر بإرجاع القوة وقال له تليفونيا حسب سلماوى «إحنا عندنا كام نجيب محفوظ فى مصر يا عبدالحكيم». الصالون حضره مجموعة من الشخصيات العامة المهتمة بالثقافة، كان من بينهم السفير الألمانى برند إربل، الدكتور على السمان، الإعلامية الكبيرة سلمى الشماع، طارق فودة مدير تحرير آخر ساعة، الدكتورة هدايت الملوانى، الفنانة التشكيلية زينب خليل، الإعلامية ليلى رستم، والمهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة الشروق، والسيدة أميرة أبوالمجد مسئولة نشر كتب الأطفال بدار الشروق.