في بداية الشباب. عندما بدأنا العمل في أخبار اليوم وآخر ساعة علي وجه التحديد.. كان صالون العقاد »في منطقة روكسي بمصر الجديدة«.. مازال يعمل. بمعني أنه في كل يوم جمعة كان يستقبل شباب المثقفين سواء كانوا من الكتاب أو من القراء.. الأستاذ يجلس يتصدر حجرة الضيوف في بيته. وحجرة الضيوف لم تكن تخلو من مئات الكتب. فقد كان بيت الأستاذ »كتبا في كتب« بحيث وجب عليك الحذر حتي لا تأتي قدمك علي بعض منها. ولم يكن صالون العقاد وحده فقد اتبعت الكاتبة العظيمة جاذبية صدق نفس الأسلوب. كانت تنتظر ضيوفها أسبوعيا لكن في المساء وفي هذا الصالون أيضا كنا نلتقي بعشرات الكاتبات من بنات ذلك الجيل. ثم كان الصالون الأدبي الذي يقام في شارع قصر العيني عندما يفتح علي شارع المنيرة ولكن من ناحية جاردن سيتي كان جمعية الأدباء ونادي القصة برعاية الرجل الذي رعي الأدب في مصر لفترة طويلة وهو يوسف السباعي وأقول عن الأدب لأنه كان يمد يد المساعدة للعديد من الأدباء الشبان كما كان يرعي أيضا كبار الكتاب والأدباء.. ثم راحت السنون تمضي والمشاغل تزداد والحركة الأدبية تخبو قليلا قليلا حتي قاربنا علي نسيان أي كيان أدبي في مصر. ومنذ أشهر قليلة فوجئنا بصالون أدبي تقيمه قرينة سفير ألمانيا في القاهرة السيدة مي إربل. لكن مي سافرت بحكم عمل زوجها الذي سافر إلي طهران حيث بدأ برند إربل زوجها عمله الجديد. ولم يعد في القاهرة إلا الصالون الأدبي الذي يقيمه السفير السعودي في القاهرة: السفير هشام الناظر. حيث اعتاد أن يدعو العديد من الشخصيات لحضور صالونه الأدبي الثقافي مساء الأربعاء من كل أسبوع حيث يقدم لهم أحد المتحدثين من الشخصيات السياسية أو الأدبية ليتحدث إليهم ويتحدثوا إليه وتمتلئ أجواء الزمالك بروح ثقافية لا نجدها ببساطة في أي مكان آخر. وأتصور شخصيا أن بيت السفير السعودي في قلب القاهرة الزمالك يتحول في هذه الليلة المتكررة إلي صرح ثقافي عظيم وهو بهذا يعلن غيرته علي الثقافة العربية الثقافة الأدبية روح الود والصفاء والتطلع إلي روح الحوار الذي نفتقده. الرأي والرأي الآخر. الاقتراب من بعضنا البعض حول الحوار. وكم أتمني أن تمتلئ القاهر مرة أخري بمثل هذه الصالونات. وليس في القاهرة وحدها بل ربما في كل العواصم العربية لأنه بالتأكيد يفتح صفحة جديدة من الفكر العربي الذي أصبحنا نتوق إلي الاستماع إليه حتي يعطر أجواءنا العربية في كل مكان.