«عدنا بغير رجعة»، كانت هذه العبارة هي تلخيص لمشاعر السائقين العائدين من ليبيا بعد الإفراج عنهم، وبعد أيام قضوها في إجدابيا شاهدوا فيها الموت بأعينهم، على يد إحدى ميليشيات ليبيا. الشعور بفرحة العودة طمسته المرارة والألم الذي عاد السائقون محملين به، حيث أكد الجميع على سوء المعاملة ولغة التشفي الواضحة على ألسنة الخاطفين، والحقد الذي يكنه هؤلاء للمصرين بصفة عامة ولولا تدخل الكبار والعقلاء لحدث ما لم تحمد عقباه، كما أكد السائقون. الحاج عطية محي الدين أحد السائقين العائدين، قال للشروق: "تعرضنا للذل والمهانة وعوملنا كأسرى حرب وهو ما جعلني أقسم على عدم العودة إلى ليبيا مرة أخرى، ولو كان العائد في كل سفرية ملايين الجنيهات فكرامتنا لا تقدر بثمن، مؤكدا أنه في هذه السفرية تعرضنا لكافة أنواع الإهانة من جانب شباب المليشيات الذي لا يعرف معنى كلمة مصري ولا يعرف أننا نذهب إلى هناك بخير مصر من طعام وشراب وكل ما يلزمهم". وتساءل السائق العائد من ليبيا: "هل يكون جزاء مصر وأبنائها أقبح الشتائم والابتزاز على كل بوابات ليبيا ودفع رشاوى وإتاوات ومن يرفض يتعرض للتعذيب والتنكيل به، وأحيانا العودة إلى أهله في صندوق؟" ويضيف الحاج عطية، أنه كان يفضل الموت عن الإفراج عن المتهمين الليبيين المتهمين بتهريب السلاح، لأن ذلك يعتبر كسرا لأنف بلدنا، وأنا أوصيت أهلي في أول اتصال ونحن مختطفين أن يبلغوا السلطات في مصر، مختتما حديثه، بقوله: "حسبنا الله ونعم الوكيل". وقال منير عبد العاطى حسن أحد السائقين المفرج عنهم، إن السائق العائد من ليبيا يكون أشبه بالعائد من الموت لأن ليبيا باتت مقبرة لكافة المصريين، لأننا نشاهد الموت في كل بوابة تفتيش وعلى مداخل المدن ونحن نمر على قرابة 25 بوابة في الذهاب والعودة وكل بوابة تدار بطريقة العزب الخاصة، وكل بوابة لها قوانين خاصة ونتعرض في الكثير منها للتفتيش بشكل مسيء ويتم فرض الإتاوة علينا وندفع ما يطلبه المسلحون ومن يعارض ذلك يكون اختار الموت لنفسه. وأكد، أننا نذهب للقمة العيش فندفع ما نكسبه في رشوة المسلحين، متسائلا: "ما فائدة السفر من أصله وأحيانا تتعرض الشاحنات الخاصة بالمصريين للحرق والتكسير"، وأضاف لم يكن أحدنا يجرؤ على التحرك أثناء احتجازنا إلا بأمر من الخاطفين وإلا فإن أبسط وأسهل شيء هو إطلاق النار علينا. إبراهيم حسن أحد السائقين العائدين، يقول للشروق إن لقمة العيش التي نكسبها في ليبيا أصبحت مغموسة بالذل والمهانة ولكن الحال في مصر هو ما يدفعنا إلى الذهاب بسياراتنا هناك، فنحنا ندفع آلاف الجنيهات كأقساط لتلك السيارات ولولا ذلك ما ذهبنا إلى ليبيا مرة ثانية. وأضاف أنه يشكر الفريق السيسي والمخابرات في مصر وقائد المنطقة الغربية، لأنهم لعبوا دورا مهما في الإفراج عنهم وأنهم لاحظوا تغيير معاملة الخاطفين لهم وتحسنها بعد دخول مخابرات مصر في الأزمة، ووصلت إلينا أعداد كثيرة من شيوخ وعوائل إجدابيا، لتؤكد لنا أنهم يضمنون سلامتنا حتى تنتهي مفاوضات الخاطفين مع مصر.