محمد على الحاكم المستبد المستنير حكمه وأسرته فى الفترة ما بين «1805 1953»، شعاره «الغاية تبرر الوسيلة»، بنى مصر الحديثة على الطراز الأوروبى، استغل الجميع من بداية سعيه للحكم إلى تنصيبه واليا، لم يشغله إلا طموحه فى رؤية مصر من أقوى البلاد، تمرد على الكثير وتمرد عليه الكثير، وهذا ما يرويه لنا الدكتور صلاح أحمد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة دمنهور. محمد على تمرد على الحكام ليكسب الزعامة الشعبية التى أوصلته للحكم وتحقيق المجد له ولأسرته وتحديث مصر وهو ما نجح فيه بالفعل، ولكن بأسلوب السوط والتعسف الذى لم يعجب البعض الذين عادوا ليتمردوا عليه عندما تولى بنفس أسلوبه القديم.
حيث ضرب محمد على باشا القوى الشعبية ببعضها ليصل إلى الحكم، عاملا على كسب ثقة الشعب، فكان على ثقة بأن من يكسبها لن يهزم إلا بأمر الله ومن تخلى عنها صار ضده فبدأ بالزعامة الشعبية والمماليك.
وتميز بالذكاء الشديد فعندما ذهب لمواجهة المماليك كقائد للجيش فى عهد خسرو باشا وجعل المماليك يتمردون عليه كاسبا ثقتهم، ولم يكتف بالعامة بل انضم إلى المشايخ والعلماء الرافضين للضرائب التى فرضها الحاكم على الشعب، حيث كان فى ذلك الوقت العلماء والشيوخ هم حلقة الوصل بين الحاكم وبين الشعب، وكان هو على علم بذلك.
فقد طالبت الزعامة الشعبية والمشايخ والعلماء أن يتولى محمد على ولاية مصر، وكان الجميع يثنى عليه، وبالفعل تولى مصر ولكن تبدلت الأحوال وانقلب على الجميع.
محمد على باشا استطاع بعد توليه أن يقضى على الزعامة الشعبية بقيادة عمر مكرم، على الرغم من أن عمر مكرم نقيب الأشراف بدأ بالمناداة به واليا وتشفع له عند السلطان، إلا أن محمد على بدأ فى فرض الضرائب على الشعب المصرى، وإلغاء فكرة الالتزام وتملك جميع الأراضى، واعترضت عليه الزعامة الشعبية، ووقتها لم يشعر بالحكم المطلق فقرر أن يتخلص من عمر مكرم، جاء بوثيقة تشكك فى لقبه «نقيب الأشراف»، وأمر بنفيه إلى دمياط.
ولم يعترف بهم أيضا فى تصديهم للحملة الفرنسية فى رشيد وقتما كان يقاتل المماليك فى الصعيد، وبدأ بالتنكيل بباقى الزعماء بعد عمر مكرم إلا أن انتهت الزعامة الشعبية.
وسمى البعض محمد على «الحاكم المستبد المستنير»، كان مبدئه «الغايه تبرر الوسيلة»، لذا سخر جميع طبقات الشعب من فلاحين وحرفيين لبناء مصر الحديثه، مع إهمال للرأى الآخر وذلك لشعوره بأن أغلب الشعب يعارضه، لذا لجأ لجميع الأساليب المشروعة وغير المشروعة.
وبدأ فى التخطيط لبناء مصر الحديثة وشعر أنه لن يستطيع النهصة بمصر إلا باقتصاد جيد، فقرر الغاء فكرة «الالتزام» وهى تملك ذوى الشأن للأراضى وأصبحت الأراضى ملكه، وقرر بعد ذلك تأجيرها للفلاحين وضم باقى الأراضى إلى ملكه، كما سخر الفلاحين لشق الترع والقنوات ومات العديد تحت ترابها.
وأعاد النظر إلى بناء الجيش باعتباره الركيزة الأساسية فى إحداث توسعات ولكنه استبد فى ذلك أيضا، فحينما باءت محاولته بالفشل فى الاستعانة بجنود سودانيين، قرر أن يجند أبناء الشعب المصرى ولو بالقوة وإرسالهم فى بعثات لإتمام دروسهم الحربية ليكون قادرا على الثقة فى من حوله.
ويكفينا أن نشعر بنهضة محمد على لمصر وقوة جيشه بأن جميع الدول الأوروبية كانت فى حالة من الترقب لما يحدثه محمد على من نهضة، والعداء الذى يكونه من جانب آخر، فلم يبد الانجليز فى البداية رغبة فى مقاومة الفتوحات المصرية السريعة، بل زودوا المصريين بالذخيرة، أما فرنسا حاولت دفع محمد على على إعلان الاستقلال والانفصال وتشكيل نظام سياسى وثيق الصله بها، واستفادت الدول الأوروبية بحالة الصراع بين الدولة العثمانية ومحمد على، ولما استحكم الأمر وظهرت القوى المصرية المتنامية أصبحت الدول الأوروبية موضوعيا فى صف الدولة العثمانية، وعرضت تقديم للدولة العثمانية مساعدة عسكرية لقتال محمد على.