" تأمل دعوة الجهاد التي بثها السيد عمر مكرم والروح التي نفخها في طبقات الشعب، فإنك ترى هذا الموقف مماثلا لموقفه عندما دعي الشعب إلي التطوع لقتال الفرنسيين، ثم تأمل دعوته للأزهريين للمشاركة في القتال، تجد أنه لا ينظر إليهم كرجال علم ودين فحسب بل رجال جهاد وقتال ودفاع". هكذا كتب " الرافعي" عن الزعيم الشعبي والمناضل الثوري " عمر مكرم". ولم يكن عمر مكرم مجاهدا ضد الاستعمار فحسب، بل كان مناضلا أيضا ضد استبداد وظلم الوالي التركي " خورشيد باشا" ففي مثل هذا اليوم " 13 مايو" قرر مكرم مع عدد من زعماء الشعب المصري في دار الحكمة عزل الوالي الظالم وتعيين محمد علي بدلا منه بعد أن أخذوا عليه شرطا بأن يسير بالعدل ويقلع عن المظالم. ويحدثنا د- محمد مورو ، صاحب كتاب " عمر مكرم ومناهضة الاستعمار والاستبداد " عن دور الزعيم الشعبي في مقاومة الاستعمار الفرنسي وكذلك استبداد وظلم الولاة، فيقول: " كان عمر مكرم نقيبا للأشراف في مصر قبل مجيء الحملة الفرنسية سنة 1798، وهو من سلالة الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أفني حياته في الجهاد ضد الاستعمار وضد استبداد وظلم الولاه ، فعندما جاءت الحملة الفرنسية علي مصر نجح في تنظيم حركة المقاومة الشعبية وقام بتعبئة الجماهير للمشاركة في القتال، بل كان له دورا كبيرا في تكوين مجتمع قوي استطاع أن يهزم الفرنسيين بعد فشل الجيش النظامي بقيادة المماليك" ويضيف مورو " كان هناك مجتمعا قويا مكون من، علماء الأزهر، نقابة الأشراف، نقابة الصناع والحدادين، والتجار، هذا المجتمع بقيادة نقيب الأشراف عمر مكرم استطاع أن يهزم الفرنسيين، والذي ساعد مكرم علي تنظيم مقاومة شعبية ناجحة هو البنية السليمة للمجتمع المصري في ذلك الوقت التي سمحت بالمقاومة رغم أن الدولة كانت ضعيفة، فاعتقد أن الرهان دائما علي قوة المجتمع وليس الدولة". ويتابع "بعد هزيمة ثاني أكبر دولة استعمارية في تلك الفترة، نشأت في المجتمع المصري طاقة هائلة وأصبح هناك وعيا تاريخيا وتلاحم شعبي كبير ، ورأي هذا الشعب بقيادة زعيمه عمر مكرم أنه لا استمرار تحت نظام قمعي مستبد ، وفي عام 1805 اندلعت ثورة أخري ضد استبداد الوالي خورشيد باشا وخرجت الثورة من الأزهر ، حيث نجح عمر مكرم في حشد عدد كبير من الناس وذهبوا الي قصر الوالي وبدأت المفاوضات معه ليتوقف عن تصرفاته الظالمة فيما يخص الضرائب ومعاملة الناس ، ولكن هذه المفاوضات فشلت ، وبعد ذلك توجه عمر مكرم مع عدد من علماء الأزهر الي المحكمة الشرعية التي أصدرت فتوي بعزل الوالي الظالم ، ونجحت هذه الثورة الشعبية في الضغط علي الخلافة العثمانية التي قامت بعزل خورشيد باشا" ويذكر مورو جانبا من الحوار الذي دار بين عمر مكرم ومستشار الوالي خورشيد باشا عندما ذهب الي القصر فيقول " عندما التقي السيد عمر مكرم بمستشار خورشيد باشا وقع بينهما جدال حيث قال له المستشار: كيف تنزلون من ولاه السلطان عليكم؟ وقد قال الله تعالي " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم". فأجابه عمر مكرم: أولو الأمر هم العلماء وحملة الشريعة والسلطان العادل ، وهذا رجل ظالم حتي السلطان والخليفة إذا صار في الناس بالجور فإنهم يعزلونه ويخلعونه ، وقد أفتي العلماء والقاضي بجواز قتالكم ومحاربتكم لأنكم عصاه. وختم مورو حديثه قائلا " تجربة عمر مكرم أكدت لنا أن المجتمع القوي يستطيع أن ينظم مقاومة شعبية قادرة علي قهر أقوي الجيوش ، وانطلاقا من هذه التجربة الناجحة أدعو أن يكون تحرير فلسطين عن طريق الاجتياح الشعبي السلمي ولن تستطيع إسرائيل أن تفعل شيئا".