سعر جرام الذهب عيار 21 فى مصر الآن يسجل 3150 جنيها    الأمطار الغزيرة تتسبب فى خروج قطار عن مساره بجمهورية كومى الروسية    آلة كذب متحركة وفاشل فى الجولف.. ترامب يشن هجوما على بايدن قبل المناظرة    مدرب بلجيكا يشكو تأخر حافلة فريقه و"أقلام الليزر" فى بطولة أوروبا    أخبار مصر.. وزارة العمل تعلن عن 3162 فرصة جديدة فى 45 شركة ب12 مُحافظة    إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بطريق الإسكندرية الصحراوى    فيلم عصابة الماكس يقترب من 14مليون جنيه إيرادات خلال 13يوم عرض    تقديم خدمات طبية ل 1230 مواطنًا بالقافلة الطبية المجانية بالحامول    الصحة تطلق حملة صيفك صحى بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    خبير مياه يكشف حقيقة مواجهة السد العالي ل«النهضة الإثيوبي» وسر إنشائه    جامعة القاهرة تحتل المركز 271 عالميًا بتصنيف يو إس نيوز (US-News) ل 2024    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    الجيش الإسرائيلى يستعد لخوض حرب مع حزب الله    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    «نائب بالشيوخ»: استضافة مؤتمر صراعات القرن الأفريقي تٌعزز التعاون الدولي    الدفاع الروسية تعلن تدمير 12 مركزًا للتحكم بالطائرات المسيرة في أوكرانيا    راحة لمدة يومين، قبل انطلاق منافسات دور ال16 من البطولة "ليورو 2024"    إعلامي: الأفضل لأمير توفيق التركيز على الصفقات بدلًا من الرد على الصفحات    إزالة فورية لبناء مخالف في قنا    هيونداي تكشف عن سيارة كهربائية بسعر منخفض    الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة (فيديو)    خلافات أسرية.. استمرار حبس المتهم بقتل زوجته ضربًا في العمرانية    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    تحرير 24 ألف مخالفة مرورية متنوعة    مصدر أمني يكشف حقيقة سوء أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    تنفيذ فعاليات "يوم الأسرة" بمركز شباب قرية الديرس بحضور 50 أسرة بالدقهلية    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    "الأوقاف": ندوات ب 4 محافظات اليوم عن "مفهوم الوطنية الصادقة" بمناسبة ذكرى 30 يونيو    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    مذكرة تفاهم بين المعهد القومي لعلوم البحار والهيئة العربية للتصنيع    «دفاع النواب»: 30 يونيو ستظل عنوانا للإرادة المصرية القوية التي لا تقهر    رئيس الرعاية الصحية يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا نقصد من قراراتنا000!؟    وفاة النجم الأمريكي بيل كوبس المعروف بأدواره في «ليلة في المتحف» و«الحارس الشخصي» عن 90 عاما    مواجهات نارية.. مجموعة السعودية في تصفيات آسيا النهائية المؤهلة ل كأس العالم 2026    جامعة بنها تتقدم 370 مركزا على مستوى العالم بالتصنيف الأمريكي "US news"    محطات فنية بحياة الفنان الراحل صلاح قابيل فى ذكرى ميلاده    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    السيسي يصدر قرارا جمهوريا جديدا اليوم.. تعرف عليه    الدوري المصري، زد في مواجهة صعبة أمام طلائع الجيش    لطلاب الثانوية العامة 2024، تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    وزير إسرائيلي: تدمير قدرات حماس في غزة هدف بعيد المنال    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    حظك اليوم| برج الحوت 27 يونيو.. «اتخذ خطوات لتحقيق حلمك»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    «هو الزمالك عايزني ببلاش».. رد ناري من إبراهيم سعيد على أحمد عفيفي    ما تأثيرات أزمة الغاز على أسهم الأسمدة والبتروكيماويات؟ خبير اقتصادي يجيب    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    10 يوليو موعد نهاية الحق فى كوبون «إى فاينانس» للاستثمارات المالية    ميدو: الزمالك بُعبع.. «يعرف يكسب بنص رجل»    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    الحكومة تحذر من عودة العشوائية لجزيرة الوراق: التصدى بحسم    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لم يحكم المصريون أنفسهم ؟ .. قراءة لنموذج محمد علي بعد 206 عاما
نشر في محيط يوم 02 - 10 - 2011


* جاء محمد علي كضابط ألباني متطوع .. فحكم مصر!
* الدولة الملكية رسخت الطبقة الوسطى وانفتاح السادات حطمها

دراسة أعدها - عمرو عبد المنعم
عند إلقاء نظرة فاحصة في تاريخ مصر عبر العصور سوف نجد أن هناك بونا شاسعا بين القاعدة الشعبية والحكام في العصور المختلفة .

بل إن هناك مدرسة تاريخية كبيرة تقول أن مصر لم يحكمها مصريون سوى فترات قليلة، فمن عصر الهكسوس إلي الإحتلال الفرنسي والإنجليزي، ومنذ أن عرف الفرس طريقهم إلي مصر في نهاية عصر الأسرات، حتي العصر الحديث، لم يتمكن المصري من حكم بلادهم.

ولو نظرنا للتاريخ العثماني ، سنجد مدرستين، إحداهما تعتبر دولتهم غزوا استعماريا للبلاد المصرية، وهي في الغالب مدرسة ذات ميول غربية، ومدرسة أخرى ترى أن دولتهم خلافة إسلامية، انتصرت على الغزو الإستعماري، ولكنها أصيبت في أخريات حياتها بالضعف والوهن، فأصبحت مستباحة للجيوش الغربية .


ألباني يحكم مصر
لاحظنا هتافات بعض الشباب الإسلاميين بعودة الخلافة العثمانية، والتي تواكبت مع زيارة رئيس الوزراء التركي رجب أردوجان لمصر ، وهو ما يذكرنا بتولى محمد علي الألباني حكم مصر برضا الشعب، في ظل غياب رمز وطني فاعل. ويذكرنا ذلك بمجيء محمد علي كضابط ألباني متطوع في الحملة العثمانية لإخراج الفرنسيين، وموافقة المصريين على توليه أمرهم آنذاك.
ولنستعيد القصة من بدايتها .. بعد أن ترهلت الدولة العثمانية ، شرعت فرنسا في إقامة مشروع استعماري لها في المنطقة – من خلال مصر مع نهاية القرن الثامن عشر . وقد أخفق المشروع الفرنسى بسبب تدخل إنجلترا ، التي كان لها مصالح متنامية مع الدولة العثمانية والمنطقة العربية ، ومع ذلك ظل للمشروع الفرنسى تأثيره الواضح على القوى السياسية الحاكمة فى مصر وكذلك القوى الاستعمارية المتطلعة إليها (1).

و بعد جلاء الفرنسيين نهائيًا عن مصر عاد التنافس الذي كان بين المماليك وخاصة بعد وفاة مراد بك في إبريل عام 1801، فانحصرت المنافسة على الزعامة في ذلك الوقت بين "عثمان بك البرديسي" و"محمد بك الألفي" ولكن رغم ذلك عمل العثمانيون على تنصيب "محمد خسرو باشا" واليًا على مصر في يناير 1802، ولكنه فشل في مهمته حيث دار الصراع بين قواته والمماليك كما ثار عليه طائفة الارناؤود ( الألبانيين) بقيادة "طاهر باشا" .

وفي 6 مايو 1803 أعلن العلماء والمشايخ اختيار طاهر باشا قائم مقام ولكنه لم يظل طويلاً حيث تم اغتياله في مايو عام 1803 على يد الانكشارية. فتولى بعده "محمد على" قيادة الحامية الألبانية في 1803 وكانت مصر في حالة من الفوضى، فرأى محمد على أن عليه التحالف مع "عثمان بك البرديسى" للتخلص من الحاكم العثماني الجديد "أحمد باشا" والزعيم المملوكي المنافس "محمد بك الالفى" وبالفعل تمكن محمد على من هذا التحالف من طرد الوالي أحمد باشا بعد أن حكم يوم واحد (2).
بعدها بدأت سلطة محمد على تظهر في الميدان، وبعد حوالي شهر اختلف مع البرديسي الذي أحدثت فداحة ضرائبه ثورة في القاهرة. فانتهز محمد على هذه الفرصة لمصلحته، وانضم إلى المشايخ وكسب عطف الشعب وثقة علمائه ، فأسقط جميع الضرائب ، وأمر جنوده بمهاجمة المماليك بالقاهرة فخرجوا منها وذهبوا إلى الصعيد، ونجح بعد ذلك في تعيين خورشيد باشا محافظ للإسكندرية واليًا على مصر وكان خامس من تولى ولاية مصر في خلال سنتين.
واستمرت الحرب بعد ذلك سجالا بين المماليك وجنود الوالي ومحمد على إلى أن ارتدوا عن القاهرة وانسحبوا مرة ثانية إلى الصعيد. وبعد مطاردة المماليك إلى الصعيد انهار التحالف القائم بين محمد على وخورشيد.
وعمل محمد على لينال تأييد العلماء مرة أخرى ، وخاصة نقيب الأشراف السيد عمر مكرم ، (ويلاحظ هنا الدور الكبير للعلماء في مناصرة الأهالي بالقاهرة ضد الإحتلال ودورهم في الأقاليم في نهاية القرن الثامن عشر لتخفيف الآثار السلبية لتجاوزات رجال الإدارة ، من ذلك شكوة أهالي بلبيس للشيخ عبد الله الشرقاوي من ظلم محمد بك الألفي واتباعه لهم ، وهي مشكلة تمكن من حلها)(3) .

الفرمان العثماني وإرادة الشعب
ما إن علم العلماء بوصول فرمان يقضى بعودة الألبانيين ورؤسائهم إلى بلادهم حتى طلبوا من محمد على البقاء في مصر لما عهدوه فيه من العدل والاستقامة فقبل"محمد على" ذلك ، وتكمن عبقرية محمد علي في أنه كان دائما يسعى للاستفادة من الخبرات المحلية في الأقاليم إذا صادفته مشكلات اجتماعية واقتصادية وإدارية فكان يسعي لعقد (مجالس مؤقتة).
و في يوم الاثنين 13 مايو أجمع العلماء على عزل خورشيد باشا وتعين محمد على واليًا مكانه فامتنع محمد على في بادئ الأمر حتى لا ينسب إليه أنه المحرض على هذه الثورة، وأنه يريد السلطة ، و لكن السيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي قلداه خلعة الولاية فقبل محمد على الشروط التي رفضها خورشيد من قبل كما أقر بالرجوع إلى الزعامات الشعبية في إدارة شئون البلاد، و بهذا و نزولا عن إرادة زعماء الشعب أصبح محمد على واليا على مصر في 13 مايو 1805(4).

لقد استطاع محمد علي أن يكسب كافة الطبقات الاجتماعية للشعب المصري ، وتميز عصره بمرونة عالية في التحول والتكيف الإداري ، مع كل مرحلة اقتصادية شهدتها تلك الفترة، وتحولت الدولة من دولة تعتمد على الفرد الحاكم لدولة تعتمد على المؤسسات (5).

وهنا ظهرت شخصية محمد على باشا وظهر مشروعه والذي تلخص فى أن الابتعاد بمصر عن الاندماج فى السوق الرأسمالية لايأتى إلا بتحديث مصر، ولعل هذا ما حدا بإنجلترا للتدخل بإسقاط تجربة محمد على باشا بالضغط على الدولة العثمانية للتخلى عن سياسة الاحتكارات تارة والتدخل العسكري لإلزام محمد على بمعاهدة لندن تارة اخرى (6)

محمد علي ينفرد بالسلطة
رغم تولي محمد علي الحكم في مصر بالإرادة الشعبية إلا أن ذلك لم يكن كافيا لكي يستتب له الأمر ويحافظ علي منصبه فتره طويلة فقد كان لزاما عليه التخلص من كل أعدائه أو أصدقائه للإنفراد بالسلطة، لذا فقد اتبع عدة خطوات تتمثل في مهادنة السلطان العثماني، التخلص من المماليك، حملة فريزر الإنجليزية، التخلص من جنود الألبان، التخلص من العلماء ، على النحو الذي نفصله ..

مهادنة السلطان العثماني .. لقد تولي محمد علي حكم مصر رغما عن ارادة السلطان العثماني حيث من الملاحظ في الفرمان الخاص بتوليته بأن لهجة السلطان تدل على أنه سوف يعزل محمد علي في أقرب فرصة.

ورغم أن محمد علي كان هو الوالي الشرعي لمصر وحامل لقب باشا إلا أنه لم يكن يحكم سوى مدينة القاهرة ، وبقية البلاد كانت تابعة إما للمماليك أو البدو، بينما الإسكندرية كانت الدولة العثمانية قد استبقتها تحت سيطرتها المباشرة وصدر فرمان عثماني بتعيين أمين أغا حاكما على الإسكندرية برا و بحرا مما يؤكد أن الدولة العثمانية أرادت أن تجعل مدينة الإسكندرية مستقلة عن مصر لتكون مركزا لإستعادة مصر من قبضة محمد علي .

ولكن الظروف خدمت محمد علي بعد عزل السلطان العثماني سليم الثالث و تولية مصطفي الرابع الحكم عام 1807 ثم خلفه السلطان محمود الثاني عام 1808 و كان صغير السن، وقد عمل محمد على استرضاء الدوله العثمانية بين الحين و الآخر.

التخلص من المماليك
كان موقف المماليك يتسم بالعداء تجاه محمد علي، وحاولوا استعادة نفوذهم في مصر خاصة أنهم اعتبروا محمد علي دخيلا على البلاد والسلطان العثماني لم يكن راضيا بتوليته، وكانت إنجلترا تدعم الموقف المملوكي ليزيد نفوذها في مصر .
لذا فقد ناصب محمد علي المماليك العداء ، وإلى جوارهم العلماء الذين منعوه من فرض ضرائب جديدة على الشعب، واعتبر محمد علي في ذلك وصاية عليه ، رغم قبوله المعلن بالشروط لتولى الحكم .

و لعل أحد أسباب عدم ثقة محمد علي في المماليك حادثة في فترة توليه مصر عندما أرسل السلطان العثماني بعمارة بحرية بقيادة عبد الله رامز في 17 يوليو 1805 و كانت مؤلفه من 2500 جندي لمراقبة الموقف في مصر إلا أن المماليك قاموا بالاتصال بهذه العبارة من خلال محمد بك الالفي الذي عرض عليهم نيابة عن البكوات أن يقفوا بجانبه من أجل انتزاع القاهرة من يد محمد علي ، ولكن الوالي محمد علي استطاع اقناع القبطان بأنه يستطيع ضبط الأمور الداخلية بما يحقق مصالح الدولة العثمانية.

وكان المماليك في هذه الفترة منقسمين إلى فرق شتى ؛ فكان ابراهيم بك وعثمان بك البرديسي يتخذون الصعيد مأوى لهما ، بينما محمد بك الالفي وأتباعه يقيمون بالوجه البحري ، وكان الأخير يعتمد على الإنجليز، ولذا فقد ترصد محمد علي لخطره .

ولكن ساعدت الظروف محمد علي في صراعه مع المماليك عندما توفي البرديسي في نوفمبر 1806 ثم وفاة الالفي في يناير 1807 وبعدها احتشدت القوة المملوكية الباقية في المنيا فقام محمد علي بإرسال قوة من المشاة والفرسان للقضاء عليهم ، إلا أنه استخدم سلاح الخديعة الذي كان فيه متميزا حيث عرض علي المماليك الصلح بينما كان يتصل بالعربان الموالين للمماليك حيث عرض عليهم الأموال مقابل إرشاد جنود محمد علي علي مواقعهم و هو ما ادي الي ايقاع محمد علي بالمماليك والاستيلاء على مدافعهم واحتلال أسيوط ، لكن الأنباء وردت إليه بأن الانجليز وصلوا إلى الاسكندرية فقام بعمل صلح مع المماليك في الصعيد ليتفرغ للقتال مع الانجليز.

وبعد مساجلات الصلح والحرب مع المماليك، شعر محمد علي بالتعب ، وقرر أن يوجه لهم ضربته القاضية، حينها دعا المماليك إلى حفل توديع ابنه طوسون أحمد بالقلعة قبل ذهابه لشبه الجزيرة العربية لإخماد الحركة الوهابية ، وبالفعل جاء المماليك في أبهى زينتهم، واحتفى بهم محمد علي، وبينما أوشك الحفل على الإنتهاء، وتجهز المماليك لأخذ مواضعهم في المواكب الضخم لتوديع طوسون ، تم احتجازهم داخل ممر تم غلقه بإحكام وانهال عليهم الرصاص من كل جانب ، ليسجل التاريخ مذبحة القلعة الشهيرة إيذانا بنهاية العصر المملوكي.

حملة فريزر
كانت حملة فريزر الإنجليزية على مصر أحد النتائج المترتبة على تدهور العلاقات العثمانية الإنجليزية ، بعد طول تحالف وصداقة، ولكن بعد الصلح الذي عقدته الدولة العثمانية مع فرنسا، خشت انجلترا من أن تقوم فرنسا بحملة للإسكندرية للإستيلاء عليها، فقررت إرسال أسطولين هناك عام 1807 ، وكانت الحملة المتجهة للإسكندرية مكونة من 7000 جندي وكان الهدف منها إقامة قاعدة عسكرية بريطانية في ميناء الاسكندرية .

اعتمدت انجلترا في حملتها علي تأييد المماليك لها بقيادة محمد بك الالفي ، ولم تكن تدري بوفاة الألفي قبل مجيئهم بشهرين، ولم تحسب لصلح محمد علي مع المماليك حينها، حيث أعد محمد علي حملة من 4000 من المشاة و 1500 من الفرسان و اتجهت الحملة إلى رشيد لملاقاة حملة فريزر ، إلى أن تم بالفعل الجلاء عن ميناء الاسكندرية في 19 سبتمبر 1807 و بعدها تم اصدار فرمان سلطاني بضم الاسكندرية الي سلطان محمد علي بعد أن كانت منفصلة إداريا عن الحكومة المركزية بالقاهرة.

التخلص من الجنود الألبان .. ساعد العلماء محمد علي على التخلص من جنده الألبان المشاغبين بعد فتنة أشعلوها لمدة 7 أيام حيث عمل ارضاء بعضهم بجزء من مرتباتهم و نفى جزء أخر من رؤوس الفتنه مثل رجب أغا.

التخلص من العلماء .. بعد أن تأكد محمد علي من نجاحه في بسط سيطرته قرر التخلص من أصدقائه العلماء بعد أن ساعدوه في تولي الحكم، و حدث ذلك عندما قرر تعديل نظام الإلتزام فغضب الملتزمون و عارضه العلماء مخبرين إياه بتعهده عدم فرض أي ضريبة دون موافقة الشعب و هنا قرر ان يعاقب اكثر المعارضين له من العلماء و هو عمر مكرم فقام بنفيه لدمياط ثم لطنطا (7).

مصر والبحث عن هوية
لم ينته القرن العشرين إلا وتغير وضع مصر الدولي من ولاية عثمانية يحكمها خديو إلى سلطنة تحت الحماية إلى مملكة ثم إلي جمهورية ، ثم إلي مأزق آخر وهو البحث عن هوية . فقد طرحت فكرة الخصوصية المصرية وباشر توكيدها أحمد لطفي السيد ، وواجهته حركات كثيرة في مصر بتدعيم دور الأزهر والتيارات الدينية مخافة تنامي الدور الغربي، وأصبح الدعوة إلى القومية المصرية مرادفاً للعمالة والإستعانة بالإجنبي، ولقد رسخ محمد علي باشا وخلفائه قواعد الطبقة الوسطي المصرية التي ثبتت أقدامها مع ثورة 1919(8)،

ومع مجيئ ثورة 1952م ثبتت حكم العسكر مع الإحتفاظ بالطبقة الوسطى كواسطة عقد لها في دعم الشعب ومقاومة الإستعمار وأعوانه، ولكن مع حقبة السادات والإنفتاح الإقتصادي دشن البدايات الأولي لانهيار الطبقة الوسطي المصرية التي قضي عليها نظام مبارك تماماً (9) .

إن ظهور حالة التطاحن الفكري والتشرزم والإستقطاب السياسي، والإنهيار الطبقي الذي تشهده مصر الأن بعد ثورة 25يناير، لينذر بخطر قادم وهو رضوخ الشعب ودخولة الحظيرة الدكتاتورية من جديد (قبول نظام شبيه لمبارك وأعوانه ), أو الرضا التام عن اي تدخل خارجي من أي قوي سواء إقليمية ( نموذج محمد علي ) أو حتى غربية مادام المجتمع سوف يستقر ويرتفع مستوي معيشة المواطن المصري(أمريكا أو الصهاينه) .


_________
مراجع :
(1) د/ احمد الشربينى - الاقتصاد المصرى – بين التبعية والاستقلال ، سلسلة التاريخ ، الجانب الآخر ، ص 11،دار الشروق.
(2) رؤوف عباس حامد ، المسروع السياسي لمحمد علي ، مجلة دار الهلال ، اكتوبر 2008.
(3) الجبرتي ،عجائب التاريخ والأثار في التراجم و الأخبار ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ج4ص390.
(4) موقع ذاكرة مصر المعاصرة
(5)رزق نوري، الفساد في عصر محمد علي، ص 38، المجلس القومي للترجمة .
(6) د/ احمد الشربينى - الاقتصاد المصرى – بين التبعية والاستقلال ، سلسلة التاريخ ، الجانب الآخر ص12، دار الشروق
(7) جي فارجيت ،محمد علي ، مؤسس مصر الحديثة ، ترجمة / محمد رفعت عواد ، من 25 ، 44، المركز القومي للترجمة
(8) نللي حنا ،ثقافة الطبقة الوسطي في مصر العثمانية ، مكتبة الاسرة ،ترجمة د/ رؤوف عباس حامد ، ص 16، 17.
(9) حصاد القرن العشرين ، تطور مصر السياسي، د/ رؤوف عباس حامد ، مجلة دار الهلال ، فبراير ، 1999.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.