أصوات من القلب.. زوار السيد البدوي يروون تجاربهم - صور وفيديو    بعد انتهاء موسم التمور، تحذيرات من حرق مخلفات النخيل بالوادي الجديد    بوتين: روسيا مستعدة لإجراء مفاوضات سلام مع أوكرانيا على أساس اتفاقيات إسطنبول    تدريبات خططية للاعبي الأهلي في المران الأول بالإمارات    توفيت متأثرة بإصابتها، جامعة الجلالة تنعي الطالبة سهيلة أسامة محمد فتح الله    شيرين عبد الوهاب عن ألبومها الجديد: من أصعب التجارب في حياتي    بهذه الكلمات.. رامي صبري ينعى وفاة الشاعر أحمد علي موسى    مستلهما عن المغول.. عرض أوبريت «راحت عليك» في الأوبرا    الصحة: جراحة متطورة تُعيد الشكل الطبيعي لجمجمة فتاة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد    قرعة صعبة لفريق مسار في دوري أبطال أفريقيا للسيدات    عقوبة انتحال صفة ذوي الإعاقة للاستيلاء على امتيازاتهم    افتتاح مسجد الزهيري في الزرقا في دمياط    الأمم المتحدة: 700 ألف نازح في جنوب لبنان معظمهم من النساء والأطفال    طيور الخير الإماراتية تنفذ الإسقاط ال52 فوق سماء قطاع غزة    محمد ممدوح يكشف أقرب شخصية جسدها إلى قلبه    جامعة دمياط تحتل المركز الرابع محليا في تصنيف تايمز    باستخدام تقنية ثلاثية الأبعاد.. جراحة متطورة تعيد الشكل الطبيعي لجمجمة فتاة    4 مصابين في حادث تصادم في بني سويف    ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة    رئيس مجلس الأمن الروسي: نظام كييف يحاول صنع "قنبلة قذرة"    وزير السياحة والآثار ينعي الوزير الأسبق يحيي راشد    بسام راضي: انتخاب مصر باللجنة العالمية المعنية بندرة المياه    جوارديولا: لم أتخذ قراري بشأن تجديد عقدي مع مانشستر سيتي    «الأمومة والطفولة» تتدخل لإنقاذ طفلة في المرج (فيديو)    الدفاع الروسية تعلن عن خسائر القوات الأوكرانية خلال أسبوع    بحضور محافظ الإسماعيلية.. فرق قصور الثقافة تتألق في احتفالية العيد القومي    «بحبك يا زعيم وعملت اللي عليك».. إلهام شاهين توجه رسالة لعادل إمام    سوسن بدر توجه الشكر لكلية الإعلام جامعة القاهرة في إحتفالية نصر أكتوبر    سيدة وزوجها يقودان عصابة تزوير حكومية.. من شقة في بدر إلى النصب عبر مواقع التواصل"    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    من خلاف على الأجرة إلى سرقة هاتف.. تفاصيل حادثة غريبة في قصر النيل    لائحة لجنة الانضباط للموسم الجديد تمنع اللاعبين والمدربين من السوشيال ميديا    كيف يساعدك تناول البرتقال يوميًا على فقدان دهون البطن؟    ديربي الرياض| تشكيل الشباب المتوقع أمام النصر    ضبط المتهمين بالتعدي على طالب والشروع فى قتله لسرقته بسوهاج    البث الإسرائيلى: نتنياهو أجرى مشاورات حول إنجاز صفقة تبادل بعد اغتيال السنوار    أنشيلوتي: مبابي عاد لاعبا مختلفا بعد التوقف الدولي    10 لاعبين يسجلون غيابا عن الزمالك في السوبر المصري.. هل تؤثر على النتائج وفرص الفوز بالكأس؟    دعاء الشهداء.. «اللهم ارحمهم وجميع المسلمين واجعل الجنة دارهم»    إزالة 23 حالة تعد على الأراضي الزراعية بالشرقية    أسعار النفط تسجل 74.68 دولار ل"برنت".. و70.94 للخام الأمريكى    "الإسكان": إتاحة 426 قطعة أرض لذوى الهمم أو ذويهم بولاية ب20 مدينة جديدة    وزير الصحة يعلن أهم جلسات النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    أطباء بلا حدود: من السابق لأوانه تحديد تأثير اغتيال يحيى السنوار على المساعدات بغزة    غير صحيحة شرعًا.. الإفتاء تحذر من مقولة: "مال أبونا لا يذهب للغريب"    الاحتلال الإسرائيلي يشدد من إجراءاته القمعية بالبلدة القديمة ومداخل الخليل بالضفة الغربية    الأعلى للتعليم يوافق على إطلاق حملة توعية بحقوق الطلاب ذوي الإعاقة    تخريج 3 دورات تدريبية للكوادر الأمنية الإفريقية ودول الكومنولث بأكاديمية الشرطة.. صور    تحرير 21 محضرًا ضد مخابز مخالفة في 3 مراكز بكفر الشيخ    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    وزيرة البيئة تبحث مع نظيرها الأوزباكستاني آليات تعزيز التعاون بين البلدين    أسعار الحديد اليوم الجمعة 18-10-2024 في الأسواق    مصلحة الضرائب: حد أقصى لغرامات التأخير لا يتجاوز 100% من أصل الضريبة    التموين: حملات رقابية لمتابعة التزام محطات الوقود بالأسعار الجديدة    وكيل تموين الشرقية يترأس حملات على محطات الوقود    في أعقاب تهديدات حزب الله.. هل حيفا على وشك أن تواجه مصير كريات شمونة؟    وزير الصحة والسكان يؤكد أهمية تقييم التكنولوجيا الطبية في تعزيز الوضع الصحي    ترتيب الدوري الألماني قبل مباريات اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن شرعية الصناديق
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 07 - 2013

كل الدلائل تشير إلى أن مؤيدى الرئيس محمد مرسى بدأوا يتناقصون منذ الأيام الأولى لاعتلائه كرسى الرئاسة، بسبب أخطائه المتتالية، وظهور عجزه عن علاج المشاكل الجديدة والقديمة. بل هناك من الدلائل ما يشير إلى فقده أعدادا متزايدة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين نفسها. وليس هذا غريبا. فحتى لو استمر يحظى بتأييد قيادة الجماعة لأسباب تنظيمية بحتة، لا تتعلق بمستوى أدائه، فليس من المتوقع أن يكون هذا هو شعور عامة الأعضاء فى جماعة الإخوان، الذين يعانون من نفس المشاكل التى يعانى منها غيرهم، ويشعرون بالألم أو السخط والغضب عندما يرون عجزه المتتالى عن حلها.

الذين يستمرون فى تأييد الرئيس بدوافع مختلفة، يستخدمون حجة أساسية للدفاع عن استمراره رئيسا هو أنه جاء إلى الحكم بأغلبية الأصوات فى انتخابات شعبية حرة، ومن ثم فمن حقه الاستمرار فى الحكم حتى تظهر انتخابات شعبية أخرى أنه لم يعد يحظى بالأغلبية. وهؤلاء يزينون حجتهم هذه بالقول بأن الانتخابات التى جاءت بالدكتور مرسى هى أول انتخابات رئاسية حرة يعرفها المصريون منذ عهد الفراعنة. فكيف نتنازل عن هذا المكسب الرائع ولم يمر أكثر من سنة واحدة عليه؟

وأصارح القارئ بأنى لم أشعر قط بالتعاطف مع هذه الحجة، ومن ثم لم أشعر بهذا الفرح الغامر أو الزهو الشديد بحصول المصريين على هذه الانتخابات الحرة لأول مرة منذ عهد الفراعنة ولدىّ عدة أسباب لذلك أريد أن أطرحها على القارئ.

إنى أويد تماما الحجة المضادة والتى تلفت النظر إلى أن نجاح رئيس فى الانتخابات لا يمنحه شرعيته إلى الأبد، ولا لزمن أطول من نجاحه فى الاحتفاظ بتأييد شعبه.

وقد يظهر إخفاقه فى مدة أقصر بكثير من المدة التى تفصل بين عمليتى الانتخابات، ومن ثم يفقد شرعيته حتى قبل إجراء الانتخابات التالية. والأدلة كثيرة على إخفاق د. مرسى، وتوالى هذا الإخفاق منذ أيام رئاسته الأولى، وقد ظهر بأجلى صوره فى خروج الملايين من شعبه إلى الميادين، من مختلف الطوائف والطبقات الاجتماعية، معلنين بأفصح لسان عن عدم تأييدهم له.

هذه ضجة صحيحة وقوية بلا شك، ولكن لدىّ أسبابًا أخرى، قوية أيضا لرفض حجة (أول انتخابات رئاسية حرة منذ عهد الفراعنة)، ولعدم تعليقى عليها أهمية كبيرة حتى فى الأيام الأولى التالية لانتخابات الرئاسية، وحتى قبل ظهور أمثلة الإخفاق المتتالية للرئيس المنتخب.

وسبب هذا الرفض من جانبى، وعدم التعاطف، يعود إلى شكوك قوية تساورنى منذ فترة طويلة إزاء الزعم بأن الناخبين فى الديمقراطيات الحديثة يتمتعون حقا بدرجة عالية من حرية الاختيار تكسب نتيجة الانتخابات شرعية ومصداقية تستحق كل هذا القدر من التبجيل والتهليل.

نحن نعرف أن الناخبين الأمريكيين، الذين يزهون بديمقراطيتهم وبممارستهم الدورية لحرية اختيار رئيسهم كل أربع سنوات، يخضعون أثناء الحملات الانتخابية لقيود وظروف كان المفروض فى رأيى أن تقلل كثيرا من هذا الزهو. الناخبون الأمريكيون يذهبون كل أربع سنوات إلى صناديق الانتخابات بعد أن يتعرضوا لحملات دعاية ضخمة، باهظة التكاليف، وشديدة الضوضاء، يتنافس فيها حزبان كبيران: الجمهورى والديمقراطى، لكى يظفر رئيس واحد منهما بمنصب رئيس الجمهورية. والأمر كله يقدم للأمريكيين على أنه ممارسة رائعة لحرية الاختيار، ولكن من الممكن أن نلفت النظر إلى أن حملات الدعاية لصالح هذا الحزب أو ذاك، تستخدم فيها أساليب يمكن وصفها بالشيطانية، من شأنها أن تفسد عملية الاختيار، إذ تجعله يتأثر باعتبارات غير عقلانية، وضعيفة الصلة بصلاحية هذا المرشح أو ذاك للرئاسة (كجاذبيته الشخصية مثلا أو طريقته فى الحديث أو نوع علاقته بأسرته). من الممكن أيضا أن نلفت النظر إلى أن أوجه الاختلاف بين المرشحين كثيرا ما تكون تافهة أو على الأقل يجب ألا تكون معيارا مهما فى تفضيل أحدهما على الآخر (مثل موقف كل منهما من الإجهاض أو من الزواج المثلى)، ولكنها مع ذلك تثير عواطف قوية لدى الناخبين، بينما يكاد ألا يوجد فارق بينهما فى القضايا الأساسية المتعلقة بمصير الوطن (كقضايا السياسة الخارجية مثلا) أو بتحسين أحوال الفئات الأقل حظا فى المجتمع.

الأهم من ذلك فى رأيى، بين عوامل إفساد عملية الاختيار، أن هناك أحزابا أخرى ومرشحين آخرين لم يعطوا أية فرصة جدية للاشتراك فى المنافسة، وقد يكونون هم الأحق والأصلح، لمجرد أنهم لا يستطيعون توفير الأموال الطائلة التى تتطلبها الحملات الانتخابية.

إن شيئا شبيها جدا بهذا حدث فى انتخابات الرئاسة المصرية منذ عام، مما من شأنه أن يشكك بشدة فى حقيقة ما تمتع به الناخبون من حرية الاختيار.

دعنا نغض البصر عما ىمكن أن يكون قد ورد إلى هذا المرشح أو ذاك من تمويل خارجى، بل ونغض البصر أيضا عما أنفق على سلع تموينية أعطيت هدايا للناخبين كنوع من شراء أصواتهم، وعما يُقال عن مخالفات قانونية فى تسريب أصوات مزورة لصالح هذا المرشح أو ذاك، وعن الفارق الهزيل بين حجم الأصوات التى حصل عليها كل منهما. دعنا نصرف النظر عن كل هذا، ونركز على أمرين: أحدهما أن أحد المرشحين، وهو الذى حدث وفاز فى الانتخابات، استخدم أساليب فى الدعاية موضوعها منبت الصلة بموضوع المنافسة بين المرشحين. إنى أنتخب رئيسا دون آخر ليس على أساس أنه أكثر أو أقل تدينا، بل على أساس مدى استعداده وقدرته على حل مشاكل المواطنين ومدى حماسه وإخلاصه فى تحقيق أهداف الوطن. التدين أو عدم التدين موضوع بين المرشح وبين ربه، والحساب بشأنهما يتم فى يوم القيامة ولا شأن لبقية العباد به. وما أكثر ما عرف التاريخ المصرى من سياسيين وطنيين وغير وطنيين، من كلا النوعين، من حيث التدين أو عدم التدين. لا يجوز إذن إقحام موضوع الدين فى الانتخابات، رئاسة أو غير رئاسة. ولكن هذا هو الذى حدث للأسف منذ عام، وحدث أيضا قبل ذلك بعام آخر، عندما حاول البعض الربط بين التصويت فى الاستفتاء (فى مارس 2011) وبين الإيمان والكفر.

لا يقل عن ذلك أهمية أن الاختيار المطروح على الناس فى انتخابات الرئاسة كان محصورا بين شخصين، كان ملايين المصريين يعتبرون أحلاهما مر. واستبعدت بطريقة شيطانية أو بأخرى، أسماء كثيرة أخرى، يعتبرها ملايين من المصريين أيضا، أكثر وطنية وحماسة وقدرة على حل مشاكل المواطنين. كان الاختيار المطروح على الناس إذن، ضيقا جدا، ولا يشمل أفضل الناس. فكان لابد أن تكون نتيجة الاختيار بائسة، وقد ظهر بؤسها بالفعل. ولهذا قامت ثورة أخرى فى 30 يونيو، لتصحيح هذه الأخطاء الفادحة التى شابت عملية انتخابية كانت أقرب إلى الأكذوبة، حتى لو اعتبرها البعض أول اختيار حر لرئيس مصرى منذ عهد الفراعنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.