ثار جدل قضائى وقانونى حول قضية تحديد اللجنة العليا للانتخابات جلسة غد، الثلاثاء 25 يونيو، لنظر الطعن المقدم من المرشح الرئاسى السابق أحمد شفيق، عبر محاميه، د. شوقى السيد، ضد فوز منافسه محمد مرسى برئاسة الجمهورية. تحدد الجدل فى جانبين، الأول حول مدى صحة انعقاد اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بعد إعلان فوز مرسى بمنصب الرئاسة منذ عام كامل، فيما تمثل مصدر الجدل الآخر فى مدى قانونية تقديم الطعن الآن، بعد انتهاء مواعيد التظلم والطعون الرسمية، والتى تتبع إعلان نتائج الاقتراع فى اللجان العامة، فى ظل غياب النص القانونى أو الدستورى الذى ينظم الطعن على النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية اختلف تشكيلها بالكامل فى 30 يونيو الماضى، حيث أحيل إلى التقاعد رئيسها المستشار فاروق سلطان، وكذلك عضواها المستشاران عبدالمعز إبراهيم وأحمد شمس الدين خفاجى، وخرج منها المستشار محمد ممتاز متولى لترؤسه محكمة النقض، إلا أن رئيس اللجنة الجديد وعضوها السابق المستشار ماهر البحيرى، رئيس المحكمة الدستورية، ارتأى أن اللجنة مازالت قائمة ولكن بتغير التشكيل.
وأصدر البحيرى باعتباره رئيسا للجنة قرارا بتعيين المستشار عبدالعزيز سالمان، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، أمينا عاما للجنة، خلفا للمستشار حاتم بجاتو الذى تمت ترقيته إلى درجة عضو بالمحكمة الدستورية، فى أغسطس الماضى، ومازال المستشارون أعضاء الأمانة العامة يمارسون أعمالهم الخاصة بها، حيث مازالت هناك بعض الأمور المالية والإدارية قائمة.
واختلفت آراء المصادر القضائية، من المحكمة الدستورية ومجلس الدولة، الذين استطلعت «الشروق» آراءهم حول انعقاد اللجنة، ما بين مؤيد ومعارض.
الطرف الأول المؤيد لانعقادها يؤكد أن اللجنة مازالت قائمة لأن المفوضية الوطنية للانتخابات المنصوص عليها فى الدستور لم تنشأ حتى الآن، وبالتالى تظل اللجنتان العلييان لانتخابات الرئاسة والانتخابات التشريعية قائمتين لحين إتمام أول انتخابات تشريعية، ثم تنقضى مهمتهما وتؤول أموالهما إلى المفوضية الوطنية بعد إنشائها، عقب أول انتخابات تشريعية.
ويستند هذا الطرف أيضا إلى افتراضية مهمة، وهى أنه فى حالة وفاة رئيس الجمهورية الحالى أو استقالته، فإنه لا بد من أن تكون اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قائمة لتنظيم الانتخابات الجديدة خلال 90 يوما كما نص الدستور، مما يؤكد أن انعقاد اللجنة لنظر طعن شفيق صحيح تماما. أما الطرف الثانى المعارض فيقول إن اللجنة قد أنهت عملها رسميا بإعلان النتيجة النهائية للانتخابات، ولا يجوز لها الانعقاد مرة أخرى إلا عند التحضير للانتخابات الجديدة إذا توفى الرئيس أو استقال قبل تأسيس المفوضية الوطنية للانتخابات، وهذا لا يتعارض مع حقيقة أن تشكيل اللجنة محدد بصفات أعضائها كما نص عليها الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011.
وامتد تعدد وجهات النظر القانونية إلى مدى قانونية تقديم الطعن وقبول ما جاء فيه، أولها أن اللجنة العليا ستتصدى للطعن وتصدر قرارها بعدم قبوله باعتبار أن مواعيد التظلم والطعن على نتائج اللجان العامة قد انقضت قبل إعلان النتيجة النهائية، خاصة أن المرشحين مرسى وشفيق قد استوفيا هذه الإجراءات بتقديم تظلمات وطعون على العديد من اللجان فى حينه، وتمت دراستها جميعا وفصلت اللجنة العليا فيها.
ويستند مؤيدو هذا الاحتمال إلى حقيقة أن قانون الانتخابات الرئاسية خلا من تنظيم صريح للطعن على النتيجة النهائية، لأن المادة 36 من القانون تنص على حق المرشحين فى الطعن على القرارات الصادرة من اللجان العامة أمام اللجنة العليا دون غيرها، ويجب أن يقدم هذا الطعن فى اليوم التالى على الأكثر لصدور القرار المطعون فيه (قرار إعلان نتيجة اللجنة) وتفصل اللجنة فى الطعن فى اليوم الذى يليه بعد سماع أقوال الطاعن.
وتنص المادة 39 من القانون ذاته على أن «تعلن اللجنة العليا النتيجة العامة للانتخاب خلال الأيام الثلاثة التالية لوصول محاضر اللجنة العامة إلى اللجنة» ولم تنص المادة على أى سبيل للطعن، بل إن البند 12 من المادة 8 من هذا القانون تنص على أن «تكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة»، فى ترديد صريح للمادة 28 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011.
وفى مقابل هذا الرأى، فهناك احتمال ثان بأن تقبل اللجنة العليا الطعن شكلا وموضوعا وتصدر قرارا بوقف قرارها السابق بإعلان فوز محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية، إذا ارتأت أن الأسانيد التى سيقدمها المحامى د. شوقى السيد فى مرافعته أمامها، غدا الثلاثاء، كافية لبطلان فوز مرسى، أو تعصف بالأسس التى بنت عليها موقفها السابق بإعلان فوزه.
وترى مصادر قضائية أن قبول هذا الطعن يجب أن يستند إلى مبررات قوية مثل ظهور أوراق أو وثائق تثبت عدم صلاحية مرسى لخوض الانتخابات أو وجوب استبعاده أو حدوث عملية تزوير منظمة لصالحه مثبتة بقرار قضائى. ووضعت الأمانة العامة للجنة برئاسة المستشار د. عبدالعزيز سالمان، تقريرا سريا بشأن هذا الطعن بعدما تلقته، وتلقت أيضا البيانات والمستندات التى يستند إليها الطعن فى الادعاء ببطلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، وهى عبارة عن صورة من التحقيقات التى باشرتها النيابة العامة فى قضية تزوير الانتخابات المطعون فيها على صحة أوراق الاقتراع المطبوعة بالمطابع الأميرية.
وتضمن تقرير الأمانة العامة تقييما من ناحية سلامة وقانونية طريقة رفعه والطعن على النتيجة النهائية، بعد انقضاء مواعيد الطعن والتظلم الرسمية من نتائج اللجان العامة، والتى نظمها قانون انتخابات الرئاسة، واستغلها جميع المرشحين خلال جولتى الانتخابات الرئاسية، بمن فيهم مرسى وشفيق، فى تقديم تظلمات وطعون نظرتها اللجنة العليا فى حينه.