حظيت الأماكن التى مرت بها العائلة المقدسة خلال رحلتها إلى أرض مصر باهتمام العديد من أفراد الشعب المصرى مسلمين ومسيحيين، حيث تأخذ الاحتفالات طابعا شعبيا جميلا يعبر عن روح المحبة والتضامن التى تربط بين شعب مصر، كذلك عن المكانة العالية والمقدسة التى تحتلها السيدة العذراء فى قلوب المصريين جميعا. أما أشهر الاماكن المتعلقة بزيارة العائلة المقدسة والتى تشاهد فيها أمثال هذه الاحتفالات الشعبية فهى: دير الجرنوس بالبهنسا وموعده 24 بشنس الموافق 1 يونيو (وهو الموعد الرسمى لعيد دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر) وأيضا 16 مسرى الموافق 22 أغسطس (عيد العدرا بعد صوم 15 يوما)، دير العذراء بجبل الطير بسمالوط، دير المحرق بالقوصية، دير العذراء بالدرنكة بجبل أسيوط، كنيسة السيدة العذراء بمسطرد، كنسية السيدة العذراء بالمعادى، كنيسة السيدة العذراء بدقادوس (الدقهلية)، كنيسة أبوسرجة بمصر القديمة، شجرة مريم بالمطرية، وكنيسة السيدة العذراء بالزيتون.
ومن أشهر المدائح الخاصة بالعذراء، والتى تتردد فى كثير من الأماكن المقدسة، مديحة «على دير العدرا ودينى» وهى منظومة على نفس لحن أغنية ام كلثوم الشهيرة «على بلد المحجوب ودينى» تقول كلماتها:
على دير العدرا ودينى أوفى ندرى والرب راعينى يامراكبى ودينى للعدرا وأعطيك من ندرى شمعة توضعها فى بيتك بركة على دير العدرا ودينى امدح فيك يا أم يسوع يا شفيعة لكل الجموع ومكانك على جبل مرفوع على دير العدرا ودينى ياشفيعة فوق الشهدا يا منيعة من زارك يصفى من يزورك ربك اعطاه على دير العدر ودينى فى صيامك يحلو الطعامات تزيد النعمة مع بركات طلبتى أعلى الدرجات على دير العدرا ودينى يافضيلة على نسا العالمين فى كل كتب الأديان ذكر فى الدير آثار ذكر الطفل يسوع البار نزورك بناى قوى وقيثار على دير العدرا ودينى
ونظرا لأن الطرق المؤدية لهذه الأماكن المقدسة ليست دائمة سهلة أو ممهدة، فلقد خلد المنشد الشعبى فى مدائحه المتاعب والمشاق التى عاناها فى رحلته، فأنشد قائلا:
طريق العدرا ملفة وإن اعطانى ربى لاروحله بزفة طريق العدرا ملفات ملفات وإن أعطانى ربى لاروحله بزفات قبتك يا عدرا من البعد بانت لما شافتها الجمال هامت وزامت ياعتبة العدرا يا محلا عتبها افتحوا للزايرة تنصر ولدها يا عتبة العدرا يامحلا هواها افتحوا للزايرة تنصر ضناها
ومن أشهر المدائح الشعبية عن السيدة العذراء مديحة معروفة باسم «رشوا الورد» تقول كلماتها:
رشوا الورد يا صبايا رشوا الورد مع الياسمين رشوا الورد وصلوا معايا العذراء زمانها جاية ياموالى ساعدونى فى مديح مريم دعونى وأنشد الأوزان مغرم فى البتول نور العيون أسمعوا يا أهل فنى وأعزلوا العزال عنى حب مريم قد فتنى دع يقولوا ده جنون مدحك كالشهد وأحلى للعلا قد صار أعلى قيل جوهر قلت أغلى مايعادله بنون
ومن الهتافات الشعبية الجميلة التى يسمعها الزوار، ويرددها الجمهور (نورك بان على الصلبان)، (رايح فين يا مليح ..... رايح أزور أم المسيح) (رايح فين يا بوعمة خضرا ...... رايح أزور أما العدرا) (ونعيش ونزورك يا عدرا ...... ونوفى نذورك يا عدرا).
ومن أشهر المنشدين فى الصعيد، فنان شعبى يدعى «مكرم المنياوى» وفى ختام أحدى مدائحه يذكر هذه العبارة، ويختتمها بذكر اسمه، فيقول:
إن عشنا وبقى لينا عمر يا عدرا يا أم المسيح سمالوط القوصية درنكة ريفا جميع زوارك زوار أم المسيح يسمعونا تانى أنا برضه مكرم ...... ماتغيرش.... أبوماهر والورد لو دبل ...... ريحته فيه.
ومن أشهر الترانيم التى يتغنى بها الأطفال فى عيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر، ترنيمة «يا مصر يابختك ياهناك» تقول بعض كلماتها: يامصر بابختك ياهناك بالطفل يسوع لما جاك اداك البركة السماوية يامصر يابختك ياهناك أصنامك صبحت مرعوبة على وشها راحت مقلوبة وانتهت الدولة الوثنية يامصر يابختك ياهناك
وأيضا من الترانيم المشهورة التى يترنم بها الشعب ترنمية «مين زينا؟» يقول المرد الخاص بها: مين زينا ....... يا بختنا العدرا زارت أرضنا شايلة المسيح قولوا المديح العدرا فخر جنسنا
وترتبط زيارات الأقباط لمثل هذه المزارات المقدسة بالوفاء بالنذور، والنذور هى أحد الأشكال التى تعبر عن فضيلة العطاء فى العقيدة المسيحية، وهذه الفضيلة تتم بواسطة ثلاث طرق هى: الوفاء بالعشور: وهى الحرص على إعطاء العشر من كل دخل يتحصل عليه المؤمن، الوفاء بالبكور: وهى الحرص على إعطاء بكور كل دخل (أول مرتب أول مكافأة.. إلخ)، الوفاء بالنذور: والنذور هى وعد يقطعه الفرد على نفسه للقيام بعمل ما لخدمة القديس صاحب النذر، والنذور تأخذ ثلاثة أشكال هى: العمل التطوعى من خلال خدمة الدير عن طريق القيام بأعمال نظافة المكان والعناية بكل ما فيه من أثاث وأدوات ومنشآت، أو خدمة أفراد المجتمع المحلى، النذور العينية التى يقدمها المؤمن للدير مثل الستائر وكتب القراءة والأجهزة الكهربائية ومواد البناء، ومنها أيضا الذبائح المختلفة التى توزع على الفقراء والمحتاجين، النذور النقدية التى تتفاوت فى قيمتها حسب مستوى الفرد الاقتصادى، وهى تجمع فى صندوق النذور الخاص بها.
ومن المظاهر التى يحرص عليها الأقباط فى أثناء مثل هذه الاحتفالات، دق الوشم على المعصم اليمين، ومن أشهر أشكال الوشم التى يحرص الناس على دقها هى علامة الصليب، صور العذراء المختلفة، صورة مارجرجس إلخ. ويستخدم الفنان فى الموالد آلة صغيرة بحجم كف اليد تعمل بالكهرباء ولها صوت أزيز، ومن الأغانى الشعبية المصاحبة لعملية دق الوشم:
خاطرى أنا أزورك يادير النصارى أفرد دراعى اليمين وأدق الإشارة (علامة الصليب)
وأيضا «دق لى صليبى، وارسم لى صورة العدرا حبيبتى، وهى قالت لى هاروح مستطرد».
وتمتد معظم احتفالات الأديرة والكنائس، والتى تبدأ مع 1 يونيو (وهو عيد دخول العائلة المقدسة إلى ارض مصر) حتى يوم 28 يونيو (هو يوافق عيد تأسيس أول كنيسة على اسم العذراء فى العالم) ولهذا السبب تنصب الخيام المعدة لراحة الزوار خارج اسوار الدير وحتى تستوعب أكبر عدد ممكن من الزوار.