غداة إسدال الستار رسميا على مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية بما له وبما عليه وبعيدا عن اجترار "مقولات القوة الناعمة"، رغم أهميتها، لعل السؤال الأكثر إلحاحا وواقعية هو: متى تطرح أسئلة الثقافة الإفريقية بجدية في المشهد المصري وبما يحقق التفاعل الحقيقي بين الثقافة المصرية وثقافات القارة السمراء؟ فالنظرة الواقعية تكشف بلا عناء عن نوع من الخلل في العلاقة بين الثقافة المصرية وثقافات إفريقيا وغياب مؤسف أو تغييب للمنجز الثقافي- الإبداعي الإفريقي عن أرض الكنانة وإغفال أو عدم معرفة بالجديد في هذا المنجز رغم أن البعد الإفريقي حاضر ضمن مستويات الهوية المصرية ومكوناتها الثرية.
وحتى على مستوى ابداعات الثورة، فإن ثمة حاجة ملحة للتعرف على المنجز الإبداعي- الثقافي الإفريقي وجديده في هذا المجال مثل مجموعة "الأسد ينام الليلة وقصص أخرى عن إفريقيا"، حيث يرسم المؤلف ريان مالان مشاهد لمرحلة ما بعد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، لعل الأكثر دلالة فيها بالنسبة للمصريين الآن تلك الصورة القلمية لأمة تتشبث بالأمل رغم تحديات مخيفة.
وهذه المجموعة القصصية التي يعود بها ريان مالان للكتابة والسرد الإبداعي بعد كتابه "قلبي الخائن"، الذي صدر منذ أكثر من 23 عاما، بقدر جرأتها التي تنزع القداسة عن أي أشخاص حتى طالت رمزا في قامة نيلسون مانديلا وحديث مؤلفها عن الأخطاء التي ارتكبها بطل الحرية في جنوب إفريقيا والقارة السمراء ككل.
وفي سياق تناولها لما تسميه "بالمخزون الإبداعي الإفريقي"، تقول الفنانة ومصممة الأزياء إيلي هيوسون في صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، إن "إفريقيا ستطيح بعقولنا خلال الأعوام العشرين القادمة"، موضحة أنها التقت مؤخرا في باريس العديد من الفنانين والموسيقيين الأفارقة الشبان الذين أبهروها بمواهبهم وقدراتهم الإبداعية.
ونوهت هيوستون، بأنها دشنت مع بعض الفنانين في الغرب ما يعرف ب"إستديو إفريقيا" كتجمع للمبدعين الشبان في إفريقيا سواء كانوا موسيقيين أو مصممي أزياء ومصورين معتبرة أن على الغرب أن يستعد للاستفادة من المخزون الإبداعي الإفريقي الذي سيفيض خلال العقدين القادمين.