تتجمع الكثير من المناسبات والأعياد الخاصة بالمرأة عموماً والمصرية خاصة خلال شهر مارس من كل عام، حيث يوافق 8 مارس اليوم العالمى للمرأة، ويوافق 16 مارس يوم المرأة المصرية والذى شهد مشاركتها فى أحداث ثورة سنة 1919م، كما يوافق يوم 21 مارس عيد الأم. يشير الواقع إلى أنه وعلى مر التاريخ ومنذ فجر البشرية أكدت المرأة أنها شريك أساسى للرجل فى صنع الحضارة والنهوض بالمجتمع فى كل المجالات. ومن ذلك مثلاً مجال الصحافة.
عملت المرأة فى الصحافة، كواحد من أبرز مجالات النشاط الثقافى والفكرى، وذلك منذ وقت مبكر من معرفة مصر بالصحف، ويشير مؤرخو الصحافة المصرية إلى أن أول سيدة عملت بالصحافة هى السيدة جليلة تمرهان، والتى كانت تعمل قابلة (داية)، وقد تعلمت فى مدرسة المولدات التى أنشأها محمد على باشا فى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، حيث كانت جليلة تمرهان تكتب مقالات ونصائح طبية فى مجلة (يعسوب الطب) التى صدرت فى ستيتيات القرن 19 بأمر الخديو إسماعيل باشا وعلى وجه التحديد سنة 1865م، وهى تُعد أول مجلة طبية متخصصة عرفتها مصر.
وشهدت فترة التسعينيات من القرن التاسع عشر صدور عدد من المجلات النسائية التى اهتمت بجمهور النساء، وعملت على ترقية الفتاة المصرية وتحريرها والنهوض بحالها. حيث اهتمت تلك الصحف (المجلات) النسائية بنشر ما يساعد على ترقية المرأة من خلال تقديم نصائح وتدابير بيتية والتأكيد على أهمية تعليم المرأة وأن المرأة هى أساس الأسرة والعائلة ذلك أنها المسئولة الأولى عن رعاية وتربية الأطفال وتنشئتهم.
كما اهتمت تلك الصحف بتأكيد مكانة المرأة ودورها فى المجتمع، وإن ركزت تلك الكتابات والآراء، فى الأغلب الأعم وبشكل أساسى وربما حتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين، على دور المرأة كأم، يقع عليها الدور الرئيسى فى تربية الأطفال وبناء الرجال وصناعة الأجيال الجديدة، إلى جانب التأكيد على أن المرأة خُلقت لتكون أماً وأن الأمومة هى المهمة الأولى التى خُلقت لها. وإن ظهرت بالتدريج كتابات وآراء أكثر استنارة رأت أن المرأة ليست دون الرجل وأنه يمكنها مشاركته كل المجالات ذلك أنها لا تقل عنه قدرة وحكمة وذكاء.
البداية كانت أول مجلة نسائية تعرفها مصر هى مجلة (الفتاة) لصاحبتها السيدة هند نوفل، لبنانية الأصل رحلت إلى مصر واستقرت فى مدينة الإسكندرية، وهناك أصدرت مجلتها (الفتاة) سنة 1892م. ومن بعدها صدرت مجموعة من الصحف النسائية. ومن ذلك مثلاً أنه صدرت مجلة (الفردوس) بمدينة القاهرة لصاحبتها السيدة لويزا حبالين سنة 1896م، وهى أيضاً سيدة لبنانية.
أول مصرية كانت أول مجلة نسائية تصدرها سيدة مصرية هى مجلة (الريحانة) لصاحبتها ومحررتها السيدة جميلة حافظ التى أصدرتها فى مدينة حلوان سنة 1907م. ومن بعدها صدرت مجلة (الجنس اللطيف) فى القاهرة لصاحبتها السيدة ملكة سعد سنة 1908م واستمرت حتى عشرينيات القرن العشرين.
وصدرت مجموعة أخرى من الصحف النسائية منها مثلاً مجلة (المرأة المصرية) لصاحبتها السيدة بلسم عبدالملك، والتى يصفها البعض بأنها صحفية ولدت فى أحضان ثورة سنة 1919م حيث أصدرت مجلتها بمدينة القاهرة سنة 1920م وكانت تشارك فى المظاهرات والخطب التى تؤكد حق مصر فى الاستقلال. واستمرت مجلتها فى الصدور إلى حين وفاتها سنة 1939م.
نساء بارزات ومن بين أبرز السيدات اللائى عملن بالصحافة يبرز اسم السيدة روز اليوسف، فاطمة اليوسف، وهى فنانة مسرحية لبنانية الأصل جاءت إلى مصر وعملت بالفن ثم أصدرت مجلة تحمل اسمها سنة 1925م، كما أصدرت جريدة (روزاليوسف) التى لم تستمر طويلاً، وقد بدأت روزاليوسف حياتها الصحفية تؤيد حزب الوفد وتدعو له ثم صارت تعارضه.
كما يبرز اسم السيدة منيرة ثابت، المعروفة باسم الثائرة حسب وصف البعض لها، حيث أصدرت صحيفة (الأمل) سنة 1925م، وكانت صحيفة سياسية اجتماعية نسائية.
وأصدرت السيدة هدى شعراوى مجلة باللغة الفرنسية عام 1925م، كما أصدرت مجلتها (المصرية) سنة 1937م.
وليس هذا فحسب بل لقد عرفت الصحافة المصرية سيدات كثيرات لم يصدرن صحفاً خاصة بهن لكنهن اهتممن بالكتابة فى عدد من الصحف، فى الموضوعات وبالأخص فى القضايا الاجتماعية. بعضهن كتبن بأسماء مستعارة أو بالأحرف الأولى من أسمائهن وبعضهن صرحن بأسمائهن دون مواربة.
وفى النصف الثانى من القرن العشرين تبرز أسماء صحفيات كان لهن دور كبير فى النشاط الصحفى يصعب حصرهن يشاركن فى مناقشة كافة قضايا المجتمع. كما أن كثيراً من الفتيات اهتممن بالدراسة فى كليات وأقسام ومعاهد الإعلام بالجامعات المصرية، تلك الجامعات التى تزخر بمدرسات الإعلام إلى جانب المدرسين فيها.
وبشكل عام فإن الصحف النسائية التى صدرت فى مصر قد اهتمت، وعلى نحو رئيسى، بمناقشة قضية تحرير المرأة المصرية وترقيتها، من خلال مناقشتها لمجموعة من القضايا الفرعية التى تتعلق بتلك القضية، ومنها: مكانة المرأة ودورها فى المجتمع- تعليم المرأة- عمل المرأة- معركة السفور والحجاب- المساواة بين المرأة والرجل- الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمرأة. وإن اختلف موقف تلك الصحف من تلك القضايا، إلا أنه كان هناك اتفاق عام على تأكيد مكانة المرأة ودورها فى المجتمع. وفى النصف الثانى من القرن العشرين أخذت المرأة مساحة كبيرة من الكتابة والتعبير عن الرأى والتأكيد على حرية المرأة وحقوقها وواجباتها، وصار منهن قيادات صحفية وقيادات نقابية، لهن شأن واضح فى إثراء العمل الصحفى على المستويين المهنى والنقابى.