موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    نائب محافظ المركزي: ملتزمين بضمان استدامة السياسات النقدية الجاذبة للاستثمار    حزب الله: اغتيال القيادي أحمد محمود وهبي في غارة إسرائيلية    فلسطين.. 3 إصابات في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين وسط خان يونس    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    الأهلي ضد جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة والمعلق والتشكيل    «من خليفة إيهاب جلال إلى أين سمعتي».. القصة الكاملة لأزمة الإسماعيلي وحلمي طولان    «صاحب المعلومة الأدق».. لميس الحديدي تهنئ أحمد شوبير على التعاقد مع قناة الأهلي    عاجل - الأرصاد تعلن تحسن الطقس اليوم وانخفاض الحرارة    مبلغ مالي غير متوقع وزيارة من صديق قديم.. توقعات برج العقرب اليوم 21 سبتمبر 2024    بحضور وزير الثقافة.. تفاصيل انطلاق الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة    وزير الخارجية: مصر تدعم الصومال لبناء القدرات الأمنية والعسكرية    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21-9-2024.. آخر تحديث    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    توجيه هام من التعليم قبل ساعات من بدء الدراسة 2025 (أول يوم مدارس)    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لخوض كأس الأمم الإفريقية    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    قتل صديق عمره .. ذبحه ووضع الجثة داخل 3 أجولة وعاد يبحث مع أسرته عنه    أنتهاء أسطورة «ستورة» فى الصعيد .. هارب من قضايا شروع فى قتل وتجارة سلاح ومخدرات وسرقة بالإكراه    النيابة تعاين الزاوية التيجانية بعد أقوال ضحايا صلاح التيجانى    استدعاء والدة خديجة لسماع أقوالها في اتهام صلاح التيجاني بالتحرش بابنتها    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    عمرو سلامة: أداء «موريس» في «كاستنج» يبرز تميزه الجسدي    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    زاهي حواس: تمثال الملكة نفرتيتي خرج من مصر ب «التدليس»    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    نوران جوهر تتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش 2024    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية الفئة المحظورة داخل «الجماعة المحظورة»
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 02 - 2013

عن غياب روح الإصلاح والتجديد التى أسس لها حسن البنا عند إنشائه جماعة الإخوان المسلمين فى عشرينيات القرن الماضى وطغيان فكر خيرت الشاطر القائم على الحفاظ على نواة الجماعة الصلبة على حساب تطويرها، بما فى ذلك التطوير المرجو من الأقربين بل الموجودين أحيانا فى مكتب الإرشاد مثل عبدالمنعم أبوالفتوح «أيقونة الإصلاح فى جماعة الإخوان المسلمين»، يتحدث هيثم أبوخليل.

يروى أبو خليل الإخوانى، الذى يصف نفسه بالإصلاحى، ومن خلال وثائق تطالب بالإصلاح، بعضها له صفة الرسائل الموجهة لمكتب إرشاد الجماعة من أعضاء ينتسب بعضهم لمجلس شورى الجماعة، قصة نضال الإصلاحيين من أجل أن تظل الجماعة أمينة على فكرة مؤسسها القائمة على نشر الدعوة والتواصل المجتمعى والارتقاء المتواكب مع التغيير.

مهديًا كتابه إلى «شباب وبنات الإخوان المسلمين» كونهم «الأمل الذى نعول عليه كثيرًا فى إحداث الإصلاح والتطوير والمراجعات التى تليق بجماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين» يعترف أبوخليل، كما يعترف كل من كمال الهلباوى ومختار نوح، القياديين السابقين بجماعة الإخوان واللذين يقدمان للكتاب، بأن محاولات الإصلاح ليست كما يبدو للعيان من عمل شباب إخوان اليوم هؤلاء الذين استخاروا قلوبهم قبل قيادتهم فقرروا الالتحاق المبكر بثورة الخامس والعشرين من يناير بينما القيادات بين مترددة وبين متحاورة مع نظام تطالب الثورة بذهابه بل الإصلاح، كما يحدثنا عنه أبوخليل، دعوة بدأت فى ثمانينيات القرن الماضى وتراجعت قليلًا مع إحكام القيادة السيطرة على القاعدة وعلى القيادات المعارضة للتصلب. وبسبب ذلك كان ما كان من استقالات من الجماعة والطرد منها بعد أن تزعزعت أسباب الثقة بين الأفراد والقيادة التى هى الأساس المتين لمبدأ السمع والطاعة الحاكم لجماعة الإخوان، خصوصا أن الطاعة، كما يصر أبوخليل، كان ينبغى دوما، بل حسب ما يؤطر له البنا نفسه، أن تكون طاعة مبصرة، وهو الأمر الذى أصبح حتميًّا خصوصا بعد ثورة يناير.

وما بين دعوات الإصلاح والعودة لنهج البنا التى أطلقها محمد الطحاوى وآخرون قبل 25 عاما فى إطار مطالبات بإبعاد الدعوة عن صياغات التشدد التى تجافى «الوسطية»، وبين دعوات أخرى معاصرة جاءت مع ما يصفه ابوخليل ب«الاستفتاء المهزلة داخل الإخوان المسلمين» حول انتخاب من يحل محل مهدى عاكف المرشد السابق على المرشد الحالى محمد بديع نزولًا عند رغبة الأول بأن يذهب، وما صاحب ذلك من تغيرات فى عضوية مكتب الإرشاد، يقدم كتاب أبوخليل نصوصا تحدد أوجه إنزعاج الإصلاحيين من مسار الجماعة، خصوصا فى مرحلة ما بعد عمر التلمسانى، المرشد الثالث للإخوان المسلمين والذى جاءت وفاته مع تقديم محمد الطحاوى لمقترحاته فى الإصلاح إيمانا بضرورة ممارسة النقد الذاتى لحماية المسار، خصوصا أنه قد استقر رأى العدد المتزايد من الإصلاحيين على أن قيادة الجماعة قد تحولت إلى ممارسة «نوع من البابوية والإمامية»، إذ أصبحت تطالب بالطاعة دون تقديم الدليل، وتحول النتظيم إلى وعاء يسعى القائمون عليه إلى تعبئة الجماهير من داخله دون جعله أداة لقيادة الجماهير، فى ظل حالة من التناقض المغلوط بين الدين كمقدس وبين التنظيم كجهد بشرى يمكن انتقاده.

وفيما يمثل هامشًا يتفق وولع المقارنة بين التجربتين المصرية والتونسية، يشير أبوخليل فى صدر كتابه إلى الفارق بين دعوة مصطفى مشهور خامس مرشد فى تاريخ الجماعة، وبين قراءة التونسى راشد الغنوشى فى حديث الحفاظ على مد الدعوة، فينقل لنا عن الأول ما يفيد أنه يريد أن تتوالى الاجيال فى النقل عن بعضها البعض بما يرقى إلى النقل الحرفى، بينما الثانى يلح ويصر على تأكيد ضرورة سعى الأجيال المتتالية لتحقيق التطوير كون «الزمن فى حركة مستمرة ومتواصلة وما من سبيل لخلود الإسلام إلا بهذا التجديد المستمر».

التجديد المستمر داخل جماعة الإخوان المسلمين الذى يربو عمرها على 80 عامًا اعترضته جهود حثيثة يصفها أبوخليل أحيانا بالتآمرية دون استخدام اللفظ لإحكام سيطرة التفكير المتشدد على مفاصل الجماعة من خلال العمل السرى. المشهد الأهم فى رواية الإصلاح داخل جماعة الإخوان المسلمين بحسب كتاب أبوخليل يبدو فى تلك اللحظة المفصلية غير البعيدة فى عام 2007 عند صدور أولى الوثائق الرسمية عن الجماعة التى مثلت الموقف السياسى المكتوب من الجماعة إزاء جملة من القضايا الحالية، فكان الخلاف الصدام أحيانًا بين المتشددين والإصلاحيين حول الموقف من الأقباط والنساء، حيث وجد الآخرون أن ما جاء فى الوثيقة متناقض مع فهم الدعوة التى أسس لها البنا، ومجاف لما يتعايش به المجتمع وما يؤسس له صحيح الدين. ومجاهرة الإصلاحيين من داخل الجماعة برفض ما جاء من تشدد فى وثيقة 2007 كان بداية النقد المعلن من أبناء الجماعة، وانصراف بعضهم عنها طواعية أو كرها، وصولا إلى ما يضمنه أبى خليل فى كتابه من وثيقة كان قد تم إعدادها لتصدر عن مؤتمر الإخوان الإصلاحيين فى فبراير 2011 لولا أن قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير.

الأسس الحاكمة لكتيب الإصلاحيين الذى لم ينشر فى حينه، وتجاوزته ربما الأحداث مع ما تلا الثورة من انفصال أبوالفتوح وتأسيسه لحركة سياسية جامعة وواعدة فى وجه الجمود والتكلس الذى أصاب الإخوان، هى بالذات ما نادى به أبوالفتوح وغيره من أبناء جيل السبعينيات والثمانينيات من داخل الجماعة بحسب وثائق أبو خليل. فنقرأ فى هذه الوثائق التأكيد على حتمية قبول الاختلاف وضرورة تواجد آليات لاستيعاب هذا الاختلاف بصورة تفاعلية تجعل من المشاركة فعلًا حيويًا وليس مجرد تواجد فى الهيكل التنظيمى للإخوان المسلمين. ونقرأ أيضا أن لا قداسة للأفراد وأهمية الشفافية وإنهاء حالة سيادة مكتب الإرشاد ومراجعة ما يثار حول وجود تجاوزات مالية وتحول بعض القيادات الإخوانية لتحقيق المنفعة الشخصية على حساب مصلحة الجماعة بل والتباين فى تقديم السياسة على الدعوة حسب رأى أو مصلحة هذه القيادة أو تلك.

وكتيب الإخوان الذى كان من المقرر أن يصدر فى فبراير 2011 والذى مازال صداه يتردد فى حديث من ذهب ومن بقى، طالب بإصلاح اللائحة الادارية، وخصوصا ما يتعلق بانتخاب مكتب الارشاد أو عضوية مجلس الشورى أو غير ذلك من المناصب داخل الجماعة أو خارجها، بحيث لا تتكرر تجربة تولى محمد مرسى مسئوليات خيرت الشاطر لدى ذهاب الأخير للسجن، لمجرد أن الشاطر كان راضيا عن مرسى بحسب ما يقول أبو خليل عوضا عن النائب الأول لمرشد الجماعة فى حينه محمد حبيب، وهو أيضا من المنصرفين عن الجماعة والناقدين لما آل إليه حالها.

كتاب أبى خليل، وهو واحد من العناوين العديدة التى صدرت مؤخرا فى نقد تجربة الإخوان المسلمين، يطرح كثيرا من التفاصيل حول التنازع داخل مكتب الإرشاد ومجلس شورى الإخوان، بل أيضا داخل تجمع «إخوان أون لاين» وعلى هامش مخاطبات طالت وتطورت أحيانا لتصبح «تفاهمات» بين الإخوان ونظام مبارك، وذلك قبل القبض على المتهمين فى القضية المعروفة إعلاميا بقضية «سلسبيل»، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من وضع يدها على خطة «التمكين» التى كان يعمل عليها الشاطر.

الصفحات الأكثر اثارة للجدل ربما فى هذا الكتاب هى تلك التى يخصصها المؤلف للرجل الثانى فى التنظيم، والأقوى فعليا، خيرت الشاطر «المفترى عليه والمفترى علينا»، والذى يقال إنه من يقف بالمرصاد لكل حملة رايات الإصلاح، ويدعم بلا حدود كل من يدينون له بالولاء. والشاطر الذى أصبح من كبار أثرياء مصر والذى بدأ يساريا فصار من أشد الإسلاميين تشددا، وصاحب الطموح اللامتناهى والبراجماتى لأبعد الدرجات، الذى دخل سجون النظام فى عهود ناصر والسادات ومبارك، هو «زعيم الصدفة» بحسب ما يروى أبو خليل.

كتاب أبو خليل كتاب يستحق القراءة فى وقت اصبح فيه الحديث صريحا ومباشرا ليس فقط عن انشقاق الإصلاحيين داخل الجماعة التى وصلت لسدة الحكم، بل عن سعى المنشقين لتشكيل إطار بديل كرديف لحزب مصر القوية الذى يتزعمه أبوالفتوح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.