عامان على سقوط الرئيس المخلوع مبارك عن الحكم وتفوضيه للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، يوم فارق في حياة الثورة المصرية، اعتبره البعض يوم انتصار الثورة ونهاية عصر الفساد وحالة الفوضى التي سيطرت على البلاد عقب اندلاع ثورة 25 يناير، ولكن بعد عامين من ذلك التاريخ، وتولى رئيس منتخب الحكم فى البلاد، ما زالت الفوضى هى البطل الرئيس للمشهد، ولا تغيير حقيقيا يشعر به المواطن الذي خرج منذ عامين يطالب ب"العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، مما يطرح سؤالا مهما "ماذا لو لم يتنحَ مبارك" عن الحكم واستمر في منصبه لحين سبتمبر 2011 وهو الموعد الذي كان محدداً لإجراء الانتخابات الرئاسية.
المرشح السابق لرئاسة الجمهورية أبو العز الحريرى، يرى أن الوضع كان سيصبح أسوأ فى حال إبقاء مبارك على سدة الحكم، موضحاً أن "كل نظام يكون له جناحان، جناح فى الحكم وجناح فى المعارضة، والذى حدث في مصر أنه منذ تولى السادات للحكم عمل على أن يكون جناح المعارضة للإسلاميين، وعلى مدار 42 عاما كان الحزب الوطنى هو الحزب الحاكم، والمعارضة له تعمل بنفس الأسس الرأسمالية الطفيلية القائم عليها، فالإخوان والإسلاميون لم يكونوا مختلفين مع نظام مبارك، فكلاهما قائم على الرأسمالية، وكلاهما حليف قوى للأمريكان والصهاينة والخليجيين".
وواصل الحريري حديثه ل"الشروق"، قائلاً "الإخوان لم يعارضوا مبارك من أجل مصالح الشعب التي تتمثل في توفير العدالة الاجتماعية ورفع العبء عن الطبقة المتوسطة والطبقات الكادحة، بل كان صراعهم مع نظام مبارك على السلطة، ومن أجل الوصول إلى الحكم، وتبنى هذا الاتجاه من الدفاع عن مصالح الشعب باقى القوى الثورية من اليساريين والليبراليين".
وأضاف "فى لحظة خروج مبارك كان يجب أن تقدم برامج وسياسات جديدة وقوية، وأن تكون واضحة وقابلة للتنفيذ، لكن ما حدث أنه على الرغم من سقوط مبارك كرأس للنظام، وسقوط الحزب الوطني الحاكم وقتها، إلا أن من تولى السلطة هو الحزب الذى ينتهج نفس سياسيات الحزب الوطنى ولكن فى المعارضة، فسقط الحزب الوطني وصعد بدالا منه حزب الحرية والعدالة، وسقط حسنى مبارك، وتولى الحكم بدلاً منه محمد مرسى (مبارك)".
وأكد الحريري، على أن "الحوار كان قد وصل إلى منتهاه حين أعلن مبارك تنحيه عن الحكم، وتكليفه للمجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد، لأن مبارك حينها لم يكن يؤمن بالحوار الحقيقي والدليل على ذلك أنه عندما قام بتزوير انتخابات مجلس الشعب، وتكوين قوى المعارضة للبرلمان الشعبي قال جملته الشهيرة "خليهم يتسلوا"، وبالتالي كانت كل أبواب الحوار مغلقة، ولم يكن له بديل عن الرحيل".
من جانبه، قال صفوان محمد، الناشط السياسى "إنه فى حالة استمرار مبارك بالقطع كان الحال سيكون أسوأ بكثير، فمبارك كان سيعمل على التصفية المباشرة واعتقالات بالجملة لكل المشاركين فى الثورة، وكان ذلك وقتها سيكون ترسيخ أكبر لنفوذه فى الحكم على حساب حياتنا وعلى حساب الشعب ودماء الشباب".
وأضاف صفوان "أنه حتى لو استمر مبارك وأجرى حوارات مع المعارضة، ستكون حوارات شكلية، لأن تلك الحوارات كانت ستتم مع أنصاف المعارضين، لأن أى من فصائل المعارضة المخلصة لم تكن لتوافق على حضور جلسات الحوار".
واسترسل قائلاً، "عاصرو الليمون الذين انتخبوا محمد مرسي رئيساً، ووقفوا معه ليس حباً فيه، ولكن كرهاً فى دولة مبارك، هم أنفسهم من يرون الآن مطالب الثورة المتمثلة فى "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" لا تتحقق، مؤكداً أن مرسي أثبت أنه رئيس ضعيف وفاشل، وإن لم يستجب لمطالب المعارضين المتمثلة في تطهير الداخلية وتحقيق مطالب الثورة فالأكرم له أن يرحل، وسيكون البديل عنه هو إجراء انتخابات للرئاسة مرة أخرى خلال شهور قليلة".
وفي السياق ذاته؛ أكد الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على أن "الطريقة التي أدار بها مبارك الأزمة التي اندلعت في 25 يناير كانت كلها تؤكد أنه يناور من أجل البقاء فى الحكم، لكن الأخطاء التى ارتكبها تدريجياً هى التى لم تجعل أمامه خيارا سوى التحنى، فهو أمر الجيش عند النزول إلي الميادين بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وأجهزة الشرطة أطلقت الرصاص بالفعل، فهو حاول بكل الوسائل ولكن انتهى الأمر به إلى انهيار الأمن تماماً، فبالتالى لم يكن أمامه خيار سوى التنحى".
وأضاف نافعة "لو أصر مبارك على البقاء كان ذلك سيضعنا فى أزمة، لأنه فى اليوم الذى أعلن فيه التنحى كان المتظاهرون على أعتاب قصر الاتحادية، ولو كان أعطى الأوامر للحرس الجمهوري بالتعامل مع المتظاهرين، كانت ستسيل أنهار من الدماء".