تباينت ردود أفعال قيادات تيار الإسلام السياسي، بعد الإعلان على نتائج المرحلة الأولى من الاستفتاء على الدستور، الذي أظهر تقدم غير كبير ل"نعم"، مما يعني بالضرورة تغير في المشهد الانتخابي، وتراجع نوعي في شعبية الإسلاميين، فضلا عن الطعن في شرعية الدستور. الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمود حسين، شدد على أنه لابد علي الجميع ان ينزل علي رغبة الشعب المصري، أيا كانت نتيجة الاستفتاء، بعدما اثبت انه مؤهل تماما للتعبير عن نفسه بمنتهي التحضر من دون الحاجة لوجوه تنصب نفسها متحدثا عن الشعب، مشيرا إلى أنه يجب انتظار المرحلة الثانية، والتي من المتوقع ان تكون حاسمة أكثر.
واعترف حسين في تصريحات ل"للشروق" اليوم الأحد، بفقدان التيارات الإسلامية جزء من شعبيتها ورصيدها الانتخابي، مرجعا السبب الي من وصفهم ب"الاعلام المضلل" الذي اثر سلبا علي صورة الاسلاميين، مؤكدا ان الجماعة وحزبها"الحرية والعدالة" لا تقلقها هذه الارقام مع قرب الانتخابات البرلمانية، وأنهم واثقون في الله واختيارات الشعب .
وأشار عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، إلى أنه سيتم التأمل في نتائج المرحلة الاولى، ودراسة السلبيات و الإيجابيات، وإعادة قراءة المشهد من جديد، وقال على حسابه الشخصي عبر "فيس بوك": "بدءا من الليلة عمل وجهد وبذل وتضحية، ومواصلة جهد الليل مع الله خاشعين له، وبالنهار، لشرح مواد مشروع الدستور، وإزالة كل غبار تراكم من الأكاذيب المتكررة التي ملأت الأذان".
وأشار بيان صادر عن حزب الحرية والعدالة إلى أن نتائج الاستفتاء في المرحلة الأولى تعبر عن وعي الشعب وإرادته الحرة، وتؤكد رغبته في تحقيق الاستقرار السياسي والدستوري، طالما جرت في جو من النزاهة والشفافية تحت إشراف قضائي كامل، ومراقبة إعلامية محلية وعالمية، وفي وجود المنظمات الحقوقية.
وأوضح عضو المكتب التنفيذي للحزب عمرو دراج، أنه في حال لم تكن النتائج النهائية تشير الي تفوق واضح لأحد الطرفين، فأنه سيكون واجبا إقامة حوار مجتمعي يتم فيه الإنصات لمطالب تعديل بنود الدستور، وسيكون مرحبا بأي إطروحات وصولا إلي التوافق.
وأضاف دراج، أن على جماعة الاخوان وحزبها القبول بخيارات الشعب أيا كانت، مستهجنا تصريحات منسوبه لقيادات في المعارضة بأنهم سيرفضون مسودة الدستور حتي لو جاءت نسبة التصويت حاسمة ل "نعم".
وقال عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفي، والجمعية التأسيسية للدستور، طلعت مرزوق، إنه كان واضحا خلال المرحلة الأولى للاستفتاء توابع استمرار التصويت العقابي، الذي حدث خلال الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أنه لا يمكن القياس على نتائج المرحلة الاولى وحدها، من دون الانتظار لنتائج المرحلة الثانية، والتي ستشمل 17 محافظة، متوقعا إن ترتفع نعم لوجود كتل تصويت كبيرة.
وأشاد مرزوق بنسب التصويت في بعض المحافظات، والذي فاق التوقعات، ومن الوارد أن يمرر الدستور بأغلبية بسيطة كما حدث في العديد من دساتير العالم، دون أن يفقد الشرعية، إلا أنه يأمل في أن تحوز "نعم" إلى أغلبية تتعدى الثلثين حتى تعطي شرعية أكبر للدستور.
وقال محمد سعد جاويش، ممثل الدعوة السلفية بالجمعية التأسيسية للدستور، إن ضعف التصويت لصالح "نعم" كان بسبب تضليل الاعلام والصحافة، الذي كان متبني موقفا واحدا للترويج ب"لا"، وبالتالي ظهر واضحا مدى تاثير هذا على اختيار الناخب.
واعترف جاويش بالتقصير من جانب الإسلاميين في العمل والتواصل مع الناس في الشارع، وانشغالهم للحشد المقابل لتأييد الرئيس، إلا أن هذا يمكن تتداركه في المرحلة المقبلة، خاصة أن بها محافظات نسبة تصوت بشكل كبير للتيار الاسلامي في كافة الانتخابات السابقة.
وحول شرعية الدستور إذا مرر بأغلبية بسيطة، قال جاويش إنه كلما زاد الرقم كلما اطمأن الناس أكثر للدستور، واكتسب شرعية، إلا أنه لو مرر بأغلبية غير كبيرة، فلا توجد مشكلة، طالما هذه هي الديمقراطية، وأن هذا اختياؤر الشعب، مشددا على ضرورة إجراء حوارات جادة لفك الاستقطاب الحاد بيتن الأطراف المتناحرة.
من جانبه، قال صفوت عبد الغنى، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، إن الديمقراطية تتطلب 50 % +1 حتى يمرر الدستور، حتى ولو بأغلبية بسيطة، لأنه هذه قواعد الديمقرطية، إلا إنه بشر بمحافظات المرحلة القادمة، وتحديدا محافظات الصعيد، والتي "سترتفع بها نسبة التصويت ل(نعم)، بما سيصدم النخب العلمانية الفاسدة، التي لا تريد استقرار البلاد"، بحسب قوله.
ووجه عبد الغني التحية لمحافظات الصعيد، التي تقف دائما مع الشرعية والاستقرار، متوقعا أن محافظات الفيوم وبني سويف والمنيا وقنا، ستحقق طفرة عالية تتخطي حاجز 70 % من الموافقة على الدستور، مبررا التصويت الحاصل في الوجه البحري جاء بسبب ترهيب أصحاب الشركات التابعة لرجال الاعمال الفاسدين من رموز النظام السابق على العاملين بها، وأن هذا غير موجود في الصعيد.
وانتقد عبد الغني الطرق الملتوية وحملات التشويه التي تعرضوا لها، عن طريق نشر دستور مزيف، ومواد غير موجودة في الدستور، ضمن الحرب اللاأخلاقية التي تسوقها النخب ضد الشرعية والشريعة، مشيرا إلى إنهم سيعملون خلال الأيام المقبلة على خطاب ديني معتدل، من خلال توعية شعبية، لبيان مدى حاجة البلاد إلى الاستقرار وبناء المؤسسات الذي يتحقق بالدستور الجديد.