توقع عدد من خبراء البنوك تعرض القطاع المصرفى لموجة جديدة من التعثر، بسبب تداعيات المشهد السياسى الحالى وما يرتب عليه من تباطؤ للاقتصاد المصرى، وتراجع معدلات النمو والإيرادات السيادية للدولة.
وأشار الخبراء إلى احتمالات ظهور الموجة الجديدة للتعثر عبر تأخر الشركات والمؤسسات فى دفع الاقساط الخاصة بالمديونيات فى الشهور القادمة، خاصة فى القطاع السياحى، الذى ضُرب فى مقتل طوال العامين الماضين وسط انباء تشير الى الغاء كثير من الحجز الفندقى سواء فى موسم رأس السنة او فصل الشتاء، الذى يعد ذروة موسم السياحة.
من جانبه توقع الخبير المصرفى، طارق حلمى، ان تشهد الفترة المقبلة موجه جديدة من التعثر مرتبطة بعدم قدرة اصحاب الاعمال على القيام بالنشاط فى وضعه الطبيعى وصورته المعهودة وتؤخر التحصيل وخفض الانتاج مع عدم القدرة على توصيل المنتج او الكمية.
وقال حلمى نائب رئيس المصرف المتحد السابق ان جميع القطاعات متعرضة بشكل او آخر للتعثر وان كان قطاع السياحة فى مرتبة متقدمة لكن القطاعات الاخرى الصناعية والتجارية ليست بمنأى عن التعثر المحتمل « الغذاء والدواء بحكم الاحتياج ربما يكون فى مرتبة ابعد الى حد ما» قال حلمى.
كانت آخر موجة لتعثر تعرض لها الاقتصاد المصرى قبل ثورة يناير ترجع الى نهاية عام 2009 إبان ظهور الازمة المالية العالمية واستمرت لمدة عامين أشدها نهاية عام 2011، وقد ترتب عليها حدوث اهتزاز فى الموقف المالى لبعض فروع البنوك الأجنبية، وانسحاب بعضها مع تراجع نسبى فى اعمال البنوك بشكل عام وسط تحفظ كبير فى مجال الائتمان الرافد الاساسى للاستثمار.
واضاف حلمى ان الوضع الحالى يحد من القدرة على جذب اموال جديدة تضخ فى السوق، ويبقى الوضع على المستثمرين الموجودين فى السوق فى ظل توقعات بتراجع اعمالهم، وهو ما يجعل البنوك تضع خطط لامكانية حدوث تعثر حتى لو كان مؤقت» الخروج من الازمة يغير الصورة تماما والامر ليس صعبا» على حد قوله.
وطالب الخبراء بنوك القطاع العام بضرورة عدم الاندفاع غير المحسوب باتجاه منح قروض جديدة للقطاع الخاص، ومراقبة وفحص محفظة قروضها الحالية، وتوخى الحذر عند منح القروض الجديدة، والاتجاه نحو تمويل المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية الجيدة والإقراض الحكومى طبقاً لقواعد منضبطة.
وأكد الخبير الاقتصادى أحمد آدم أن القطاع المصرفى عانى من أربع موجات تعثر لعملاء القروض والتسهيلات الائتمانية مما أثر على أرباح وميزانيات البنوك، وقال آدم إن هناك اختلافاً بين موجة التعثر المتوقعة والموجات السابقة، حيث يتوقع حدوث مشاكل سيولة للعملاء تجعل الكثير منهم غير قادر على تسديد التزاماته للبنوك.
وقال آدم ان مشكلة الموجة الجديدة للتعثر إنها تأتى وسط مشاكل عالمية كبرى، دفعت بعض البنوك الكبرى فى العالم الى التخلص من بعض البنوك والفروع الخارجية المملوكة لها، وهو ما حدث من قبل «بارببا وسوسيتيه» الفرنسيين فى مصر.
واضاف آدم أن أسباب الموجة الجديدة تشمل اضطراب النظام المالى الدولى، سواء البنوك أو البورصات وشركات التأمين، وتراجع معدلات النمو الاقتصادى فى الدول المتقدمة، بالإضافة إلى تراجع معدلات الربحية فى البنوك العالمية، وإفلاس بعضها رغم تدخل الحكومات الأمريكية والأوروبية لإنقاذها من حالة الركود العالمى.
وأكد آدم أن الاقتصاد المصرى سيتأثر بدرجة كبيرة بتراجع التصدير والسياحة مع فشل داخلى كبير فى ادارة الازمة «تراجع ربحية القطاعات والأنشطة الاقتصادية المحلية سوف يزيد من التعثر ووسط مخاطر من كل جانب» قال آدم.
وقدر البنك المركزى المصرى إجمالى القروض غير المنتظمة «المتعثرة» إلى إجمالى قروض الجهاز المصرفى 10.7% بنهاية مارس 2012، مقابل 10.9% بنهاية ديسمبر 2011 من إجمالى القروض التى بلغت 492.2 مليار جنيه (52.7 مليار دولار). وارتفعت مخصصات القروض إلى القروض غير المنتظمة بنسبة 96.2% مقابل 94.5%.
وقد قامت البنوك بزيادة مخصصات القروض إلى القروض غير المنتظمة لتصل إلى 96.2% وذلك مقارنة بنحو 94.5% خلال عام 2011 ذلك يعنى أن البنوك قامت بتكوين مخصصات تغطى كل المديونيات غير المنتظمة.
وتأتى البنوك المملوكة للدولة فى مقدمة البنوك صاحب الجزء الأكبر من محفظة التعثر فى الجهاز المصرفى، والتى وصلت فى 2005 إلى نحو 120 مليار جنيه (19.7 مليار دولار) معظمها مستحق على عدد من مشاهير مجمع الأعمال المصرى وتم تسوية معظمها خلال السنوات الماضية بنسبة تزيد على 90%.