تبدأ شركة سنتامين ايجيبت تصدير الذهب المستخرج من منجم السكرى فى الصحراء الشرقية مجددا خلال ايام، بعد توقفه منذ صدور حكم محكمة القضاء الادارى قبل نحو شهرين ببطلان عقد المنجم، الذى تم توقيعه فى عام 1995، لأن «الشركة لم تكن تفهم الحكم وكانت تحتاج لوقت حتى تتضح لها الأمور»، حسب قول آندى دايفيدسون، رئيس علاقات المستثمرين فى سنتامين العالمية، فى حوار مع «الشروق».
«كان لابد من استيعاب الحكم، وفهم تبعاته وما ينتج عنه من التزامات قبل استئناف التصدير» اضاف دايفيدسون، موضحا ان الشركة قد قامت بالطعن على الحكم، وأكد تفهم الحكومة المصرية الحالية للقضية، مستبعدا صدور حكم من محكمة الاستئناف يؤكد حكم بطلان العقد، لأن «العقد صحيح ولدينا المستندات اللازمة لإثبات ذلك، ونحن واثقون من موقفنا تماما».
وجدير بالذكر أن تصريحات صحفية قد أشارت أمس إلى رفض سلطات الجمارك شحنة من خام الذهب تخص السكرى، مشترطة موافقة وزارة المالية عد تصدير تلك الكمية أولا.
وكانت محكمة القضاء الادارى قد حكمت فى الدعوى التى اقامها عضو مجلس الشعب السابق، حمدى الفخرانى، ببطلان عقد المنجم، والذى تم توقيعه فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى من خلال قانون صدق عليه مجلس الشعب ورئيس الجمهورية حينها، لكن المحكمة اوصت بعدم فسخ العقد وانما تعديله. وفور صدور الحكم ظهرت دعوات لإجبار الشركة على ترك المنجم تنفيذا للحكم. وكان رئيس هيئة الثروة المعدنية قد أكد فى تصريحات سابقة للشروق ان الهيئة تعتزم سحب باقى مساحة الارض المخصصة للشركة وهى 160 كيلومترا مربعا، خاصة انها لم تعمل بشكل فعلى، بعد اكثر من 15 عاما، الا فى نحو 3 كيلومترات مربعة من المساحة، إلا ان دافيدسون نفى ذلك وقال ان اتفاقية امتياز السكرى تنص على حق الشركة فى العمل فى هذه المساحة، ولم يحدث حتى الآن ما يغير الاتفاقية، لذلك فالشركة مستمرة أيضا فى سداد الإتاوة المفروضة عليها بموجب الاتفاقية والتى تبلغ نسبتها 3% من الانتاج سنويا، «وما يقال عن خلاف حول هذا الامر مع الحكومة المصرية حاليا غير صحيح»، موضحا ان الشركة حاليا مازالت فى مرحلة استرداد رأس المال، حيث يوجه كل العائد لهذا الغرض بعد سداد الإتاوة، على أن تبدأ الشركة فى تقاسم الارباح مع الحكومة المصرية فى منتصف العام المقبل، كما تنص الاتفاقات بين الطرفين.
ويوضح دافيدسون ان ما يردده البعض من ان مصر لم تستفد شيئا من منجم السكرى غير صحيح، فرغم انها لم تحصل الا على 3% سنويا من الانتاج والذى بدأ فى عام 2010، لكنها كسبت مشروعا ضخ عدة ملايين من الدولارات ستصل الى مليار دولار فى منتصف 2013، بدون اى تكلفة تقع على عاتقها، ومع بداية تقاسم الأرباح ستحصل مصر على 50% من الإنتاج سنويا بالإضافة للإتاوة الثابتة بنسبة 3%، وستحصل مصر على مدى عمر المشروع البالغ 20 عاما على 4.45 مليار دولار، ما بين نصيب فى الأرباح وإتاوة.
وقد ادى حكم القضاء الادارى ببطلان عقد السكرى الى انهيار سعر سهم سنتامين فى بورصة لندن، واوقفت سوق التداول عليه بعد تراجعه بنسبة 57% تقريبا، وقال دايفدسون انه مع بدء الاضطرابات السياسية فى مصر ثم إصدار الحكم الخاص بعقد السكرى ادت الى انخفاض سعر السهم ب 75٪ عن قيمته قبل الثورة. وأوضح دايفدسون ان معدل الإنتاج يعتبر جيدا فى السكرى، إلا أن عملية الاستكشاف لكامل مساحة الامتياز البالغة 160 كيلومترا مربعا تسير ببطء نظرا للاعتماد على وسائل قديمة نسبيا فى الاكتشاف، لكن الفترة القادمة ستشهد سرعة فى العمل حيث يتم الاعتماد على معدات تعمل بنظام «عينات الجاذبية» والتى تحدد المواقع التى يوجد بها ذهب قبل الحفر، وهى أجهزة كان دخولها معطلا لفترة طويلة نتيجة التعقيدات البيروقراطية.
وتراهن شركة سنتامين على انتهاء مرحلة الاضطراب الحالية فى مصر وتحقق الاستقرار كى تبدأ فى ضخ استثمارات جديدة، «مصر يوجد بها ذهب كثير ونرغب فى الحصول على مشروعات اخرى لكن الاستقرار مسألة جوهرية لأى استثمار» حسب دايفدسون، الا انه قال ان الشركة لن تعمل باتفاق مماثل للاتفاقية السابقة التى وصفها «بالنادرة» فى الاعراف الدولية فى هذا المجال، «والتى قبلتها الشركة بسبب حداثة المشروع على الطرفين فى مصر والشركة اضافة الى ان هذا المجال واعد فى مصر».
موضحا أن هناك ضرورة لوجود قانون متكامل للتعدين ينظم عمل المناجم فى مصر بدلا من اللجوء لاتفاقيات اقتسام الأرباح المأخوذة من قطاع البترول. «المستثمرون الآن من حملة الأسهم فى الشركة مختلفون عن هؤلاء الذين بدأوا المشروع معنا منتصف التسعينيات، ويريدون ربحا اسرع وهذه الاتفاقية لا توفر لهم ذلك لذلك لن يعملوا على زيادة رأس المال لتمويل اى توسعات الا اذا كانوا يضمنون هذا الامر»، واضاف ان الشركة العالمية ليس فيها مساهمون رئيسيون يمكن ان تقنعهم بزيادة رأس المال، ولكن تتوزع بين الآلاف منهم ومعظمها فى يد صناديق معاشات، وتمتلك عائلة الراجحى 6% فقط من اسهم الشركة.