ذكرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية أن الفلسطينيين فطنوا إلى تخوف رئيس الوزراء الإسرائيلي- بنيامين نتنياهو، من الوقوع في أخطاء سابقه ايهود أولمرت، بشن حروب غير ضرورية، مشيرة إلى انخفاض شعبية "أولمرت" على خلفية العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة إبان رئاسته للحكومة.
وأشارت المجلة البريطانية -في سياق تقرير أوردته على موقعها الالكتروني أمس الثلاثاء- إلى أن الحربين اللتين شنتهما إسرائيل تحت قيادة "أولمرت" لم تكلفاه تراجع شعبيته الانتخابية - من نسبة 85 % خلال الأيام الأولى من عام 2006 أثناء حملته للحرب على لبنان إلى نسبة 3 % في الشهور التي تلت ذلك - فحسب، وإنما أدتا إلى ضياع التحالف الاستراتيجي بين "إسرائيل وتركيا" وتأثر موقف إسرائيل سلباً أمام الرأي العام العالمي.
ورأت المجلة أن هوادة "نتنياهو" إزاء التصعيد في غزة، إنما ترجع لحرصه على تفادي أخطاء "أولمرت"؛ فهو يتوخى الحذر في خطواته، إذ يتحدث بلهجة شديدة بينما يتقيد في قراراته، وهو ما يعلم الفلسطينيون سببه، لذلك فهم مطمئنون بعض الشيء.
ورجحت المجلة أن يكون قرار "نتنياهو" بقتل أحمد الجعبري- قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، ومخاطرته بكل طموحاته السياسية -جاء من جانبه بمثابة تأكيد لمنافسيه في الانتخابات الإسرائيلية بأن ما يبديه من قوة ليس مجرد كلام وحسب، ومن هنا رأت المجلة، أن قرار الحرب على غزة كان يهدف في الأساس، إلى رفع شعبية "نتنياهو" بين صفوف الإسرائيليين، ولاسيما من يعيشون في الجنوب الإسرائيلي، والمدن المتاخمة لقطاع غزة، والتي تعتبر معقلاً لحزب الليكود.
ورأت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية أن شعبية "نتنياهو" تراجعت في إسرائيل عموماً، وفي الجنوب أكثر من غيره حيث لا ينعم المواطنون الإسرائيليون بالهدوء أكثر من ثوان معدودة حتى تدوي صفارات الإنذار فيهرعون على الفور إلى الاختباء.
وأكدت المجلة أنه مع استمرار القتال، يصعب التنبؤ بالنتيجة، فإن ستة أيام من الحرب هزت مراكز التجمعات السكانية في "القدسالمحتلة- وتل أبيب" اللتين كانتا بعيدتين كل البعد عن غزة، وحصارها قبل أن تعكر صواريخ هذه الحرب صفو ذاك الهدوء.
وأشارت في سياق تعليقها، إلى أن استمرار سقوط الصواريخ من غزة على جنوبالقدسالمحتلة يضع "نتنياهو" تحت ضغوط جماهيرية بشن اجتياح بري على القطاع، لكن المجلة ترى أن مثل هذه الخطوة من جانب إسرائيل لن يقف تأثيرها في حدود غزة، بل ستؤثر على النصف الفلسطيني الآخر بالضفة الغربية، بل وقد يمتد هذا التأثير إقليمياً، فمن شأن تصعيد إسرائيل للوضع في غزة أن يبعث على توتر العلاقات بين إسرائيل ومصر؛ لتخسر الأولى حليفاً إقليمياً جديداً في هذه الحرب "مصر" كما خسرت "تركيا" من قبل أثناء عدوانها على القطاع عام 2008-2009.
ورأت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية أن "حماس" قد استفادت من العدوان الإسرائيلي على القطاع، وذلك عبر اعتراف المزيد من القوى الإقليمية بها؛ مشيرة إلى زيارة رئيس الوزراء المصري- هشام قنديل للقطاع، وكذلك وزير الخارجية التونسي، رفيق عبد السلام، وأيضاً وصول وفد من جامعة الدول العربية، ووزير الخارجية التركي إلى القطاع أمس الثلاثاء.
ونوهت المجلة، عن تحذير الرئيس الأمريكي- باراك أوباما، لإسرائيل من القيام باجتياح بري للقطاع؛ خشية أن يؤدي مثل هذا التصعيد إلى زيادة تدهور إسرائيل مع جيرانها، ولاسيما مصر والأردن.
ورجحت المجلة في ختام تعليقها أن من شأن الإسراع في التهدئة أن يدعم الموقف السياسي لكلا الجانبين؛ "حماس" من جانبها ستشهد دعماً لموقفها داخل المعسكر الفلسطيني، ولاسيما في الضفة الغربية، حيث يرفع المتظاهرون هناك أعلام الحركة، و"نتنياهو" من جانبه سيدعي إضعاف قدرة حماس على إطلاق الصواريخ -على الأقل في الوقت الراهن- مؤكدة أن هذا الوقف الفوري لإطلاق النار إن حدث فإنه لا يعني في الوقت الراهن سوى توقف مؤقت للعداء بين الجانبين، لكن التحدي الأكبر الذي سيواجه الجانبان بعد ذلك ستظهره الأيام ولاسيما بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية المزمعة في 22 يناير المقبل.