وزير الري يلتقي مدير مكتب مصر ببرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية    سعر الدولار في البنوك اليوم الخميس 17-10-2024 ببداية التعاملات    أسعار اللحوم اليوم الخميس 17 أكتوبر 2024    رئيس اللجنة النقابية للمصوغات يوضح أفضل طرق الاستثمار في الفضة    كيفية حساب العائد على شهادات الادخار بمبلغ 100 ألف جنيه من البنك الأهلي لعام 2024    إطلاق 30 صاروخا من لبنان تجاه حيفا والجليل    الطيران الأمريكي والبريطاني يستهدف مواقع الحوثيين في صعدة باستخدام قاذفات حديثة    البنتاجون: أوستن ناقش مع نظيره الإسرائيلى خطوات معالجة الوضع الإنسانى فى غزة    نتنياهو يوافق على مجموعة أهداف لضربها داخل إيران    القمة الخليجية الأوروبية تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة وتعزيز التعاون الاقتصادي    عاجل - شقة صاروخية من لبنان باتجاه شمال إسرائيل    لاعبو الزمالك يتوافدون على مطار القاهرة استعدادًا للسفر للإمارات    اليوم.. بعثة بيراميدز تطير للإمارات للمشاركة في السوبر المصري    جدول ترتيب هدافي دوري روشن السعودي قبل انطلاق الجولة السابعة    اتحاد الكرة: رئيس لجنة الحكام «أجنبي»..وحسام حسن يتعامل جيدا مع اللاعبين    موعد مباراة مانشستر يونايتد القادمة أمام برينتفورد في الدوري الإنجليزي    درجات الحرارة اليوم الخميس 17- 10- 2024 فى مصر    صرف والدة طفل لقى مصرعه عقب سقوطه من شرفة منزل بالشرابية    جداول اختبارات شهر أكتوبر للمرحلة الابتدائية بالجيزة    تعليمات جديدة من هيئة السكك الحديدية المصرية لتأمين حركة القطارات وضمان سلامة الركاب    تفاصيل الظهور الأول ل محمود البزاوي في مسلسل مطعم الحبايب    تقسيم ذهب الأم بعد وفاتها: الأحكام الشرعية والإجراءات    وزير الخارجية والهجرة يجري اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأوغندى    الموسيقار عمرو إسماعيل: أغنية «لكل عاشق وطن» دراما رئيسية بفيلم «أبو علي»    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 17 أكتوبر 2024    عاجل.. وفاة والد الفنان مصطفى هريدي    أموال الراقصات حلال أم حرام.. عالم أزهري يُجيب    اليوم.. إطلاق قافلتين طبيتين بالمحافظات ضمن مبادرة حياة كريمة    5 علامات تظهر على طفلك تنذر عن إصابته بمشكلة نفسية... راقبي هذا الأمر    مصرع عامل وإصابة شقيقه بطلقات نارية في حفل زفاف بقنا    تحدث عن خالد صالح وعلاء ولي الدين.. ماذا قال محمد هنيدي في لقائه مع أنس بوخش؟ (تقرير)    زلزال يضرب إثيوبيا بقوة «السابع في 20 يومًا».. وخبير يعلق: سد النهضة قنبلة قابلة للانفجار    بايدن يقدم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا ب 425 مليون دولار    العربية دخلت تحت تريلا.. وفاة شخصين في حادث سيارة أمام نزلة أكتوبر- صور    هل يجوز تأدية صلاة الفجر بعد شروق الشمس.. الأزهر يوضح    أيمن بدرة يكتب: التجربة الموريتانية والحذر الواجب    اتحاد طلاب الجلالة: ارتفاع أسعار اشتراك الباصات والسكن ولا يوجد رادارات و إنارة على الطريق    نشرة التوك شو| "الجلالة" تتكفل بعلاج المصابين بحادث الأوتوبيس وحكم استخدام "الهارد جيل" والأظافر الصناعية    مصدر طبي: خروج 21 من مصابي حادث الطريق الإقليمي من مستشفى اشمون بالمنوفية    تأمين صدارة الدوري ومهام أوروبية.. ماذا ينتظر محمد صلاح مع ليفربول؟    تيسيرات جديدة للمواطنين.. تعديلات قانون البناء الموحد في البرلمان    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    #جامعة_الجلالة يتصدر التواصل .. ومغردون: حوادث رايح جاي قطارات وطرق    أول تعليق من نجوى كرم بعد أولى حلقات «Arabs Got Talent».. ماذا قالت؟    ياريت يجلس في البيت.. جمال شعبان يوجه رسالة لطلاب المدارس بسبب البرد    «المخفي» يقدم أحمد سلطان في أول بطولة سينمائية مُطلقة.. قصته وموعد عرضه    عاجل.. تركي آل شيخ يعلن عودة يوسف الشريف للدراما بعمل درامي ضخم    في اليوم العالمى ل«العصا البيضاء».. جهود حكومية لدعم ذوى الإعاقة البصرية    وزير الأوقاف يهنئ اللواء حسن محمود رشاد لتعيينه رئيسًا لجهاز المخابرات العامة    وسط ترقب لقرارات المركزي..أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 17 أكتوبر 2024    محافظ الغربية ونائبه يشهدان احتفال الطرق الصوفية بمولد السيد البدوي    اللواء سمير فرج يكشف أسرار نصر أكتوبر | تفاصيل    دراسة أمريكية: زراعة الكلى آمنة بين المصابين بفيروس نقص المناعة    أسعار التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 17 أكتوبر 2024    سيراميكا كليوباترا يكشف سبب رفض انتقال بيكهام ل الزمالك    قوى خفية قد تمنحك دفعة إلى الأمام.. توقعات برج القوس اليوم 17 أكتوبر    حظك اليوم| برج الدلو 17 أكتوبر.. «تجارب غير متوقعة»    "الآيس كريم: الحلوى المفيدة التي قد تتفوق على الحلويات الأخرى!"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول إعادة بناء السياسة الخارجية المصرية
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 11 - 2012

أنا باحث علوم سياسة، متوجه للتخصص بحقل الفكر السياسى بخاصة الإسلامى والتراثى منه، ولست من متخصصى العلاقات الدولية والسياسة الخارجية وإن نعمت بصحبة وتلمذة لأكثر من عشر سنوات على يد واحدة من أساطين هذا الحقل: د.نادية محمود مصطفى أستاذ العلاقات الدولية والرئيس السابق لقسم العلوم السياسية كلية الاقتصاد جامعة القاهرة. ومن هذه الزاوية المتواضعة شدنى جدا الجهد الذى يقدمه الأستاذ الكبير جميل مطر لتبين معالم السياسة الخارجية المصرية الجديدة سواء فى المرحلة الانتقالية أو بالأخص بعد انتخاب الرئيس المصرى الحالى.

●●●
ومن مراجعة ما كتبه أستاذنا وما أشرف عليه على صفحات الشروق أقدر هذا التراكم العلمى والتحليلى المهم، وأحاول أن أجمل محاوره فى: البحث عن العوامل التى تؤسس عليها السياسة الخارجية المصرية الجديدة خاصة فى ظل مستجدين: الثورات العربية وفى قلبها الثورة المصرية، وصعود الإسلاميين إلى السدة. هذا مع تحريك النظر فى سائر محددات هذه السياسة الداخلية والخارجية؛ وعلى رأسها أثر الماضى القريب سياسيا واقتصاديا على القدرات المصرية وحالة السيولة السياسية الداخلية ووضعية سياستنا الخارجية الموروثة، ثم أثر تحولات النسقين الإقليمى والعالمى من الارتباك الإسرائيلى واستمرار الثورة السورية، والأزمة المالية العالمية، والتحرر العراقى النسبى والحراك على المحور الطائفى،.. وما إليه.

كذلك يحاول أستاذنا فيما يكتبه ويستكتبه أن يطل على الأجندة المصرية الأولى بالاهتمام والتنشيط، ودوائر الحركة المنتظرة، وشروط الفاعلية والإجادة فى صنع هذه السياسة وتنفيذها. وهذا كله جهد لا يقابل إلا بالتأييد والتعزيز والمشاركة الإيجابية فى المراكمة عليه، والدعوة إلى العمل على منواله.

●●●

بيد أن ثمة منطقا تميل إليه المعالجة الخاصة بالأستاذ الكبير كل حين، كما تنحو إليه بعض الأقلام التى تستكتب، تتعلق بموقع الدين والثقافة والقيم من السياسة الخارجية بعامة والمصرية بخاصة. والمقولة المركبة فى ذلك تترواح بين شقين: أولهما أنه ليس مسلَّما أن يكون الدين عاملا حاسما ومؤكدا فى تفسير التوجه السياسى الخارجى عامة أو لمصر، وأنه إذا افترض ذلك فإن فاعلية ذلك لا تتعدى الرمزية حينا، واللعب على الدائرة الإسلاموية حينا آخر، فيما تتلاشى هذه العلاقة حال التعامل مع الدوائر غير الإسلامية. الشق الثانى للمقولة أن إسلامية التوجه العام للدولة أو نظام الحكم الجديد فى مصر أو تركيا أو غيرهما قد تتحول إلى قيد غليظ وعبء ثقيل على هذه الدول، وإشكالية تحول دون تقدم هذه السياسة الخارجية وفعاليتها بل ربما أدت إلى تهديدات ومخاطر؛ بمعنى أن التضارب بين القيم والمصالح، وبين الدينية والفاعلية، وبين الحماس الدينى والبراجماتية السياسية هو الأقرب إلى التوقع أو التحسب.

صيغت هذه المقولة بأشكال مختلفة فيما قدمته «الشروق» خلال الشهرين الماضيين، وشارك فيها عدد من الخبراء وعلماء السياسة المنطلقين من رؤية أشاروا إليها بالرؤية المدنية والحديثة والواقعية. لكن مقال الأمس للأستاذ جميل مطر كان كاشفا عن هذه المعضلة، وكأنه يطرحها على الذين وصفهم بالنفر الذى «يقول إن الفضل فى تحرك عجلة السياسة الخارجية يعود إلى الدين..... يقول هذا النفر من المنظرين، من النماذج التى تؤكد صعود دور الدين فى رسم السياسة الخارجية..».

وأزعم أننى لست مع هذا النفر الذى يقول إن الفضل فى تحريك السياسة الخارجية المصرية يعود إلى الدين بقدر ما يعود إلى مركب من التدين المشوب بحالة الثورة ووهجها وحسابات الدولة وروح المسئولية التى لابد أن تتلبس كل من يقطن هذه المواقع مهما يكن، وأنه هكذا ينبغى أن تبدأ عملية إعادة تأسيس السياسة الخارجية المصرية بعد عهود من التغييب والتقزيم والتسميم. يجب أن تكون عملية مركبة وألا نستبعد منها أى عنصر من عناصر الفاعلية والأمان والتقدم والقدرة على التأثير. ودور الدين مشروط بذلك.

●●●

ومن هنا تأتى المقولة المقابلة: التحدى ليس فى حضور الدين أو غيابه عن الساحة السياسية بعامة والسياسة الخارجية بخاصة، فهذا الموقف أيديولوجى سواء كان دينيا أو علمانيا. التحدى الحقيقى والعملى هو فى الكيفية التى يفهم ويمارس بها الدين بقيمه ومقاصده وأحكامه وتوجيهاته، وهويته ومرجعيته؛ بحيث يحقق أكبر عائد منه، ويعبئ الطاقات الإيجابية اللازمة لبناء سياسة خارجية ودور فعال لمصر فى المنطقة. لا نقول توظيف الدين، فهذا قد كان نهج النظم الانتهازية، بل حسن فهمه بما يجعله إضافة على القدرة المصرية العميقة فى الداخل والخارج.

ومن ثم فإن الإشكاليات التى يمكن أن تقع نتيجة الالتزام الدينى للدولة أو نظام الحكم أو صانعى السياسة الخارجية، لا تأتى من الدين نفسه بقدر ما تأتى من ضيق الفهم أو سيولته، من شكليته أو الاستخفاف بأصوله. إن السياسة الخارجية المصرية على محك تاريخى، ويجب أن يعاد النظر فيها بعقل وسيع وضمن نسق مفتوح، ولعل المصريين كافة مجمعون على أن المرجعية الإسلامية فيها هذا المطلب بشرط الفهم، الفهم.

وبناء عليه، ترتسم أمامنا ساحة للحوار الواقعى للبحث عن هذا النوع من الفهم، والبحث عن احتمالات الحيدة عن الفهم العميق والوسيع وانعكاساتها على الأمن القومى المصرى وفاعلية سياستنا الخارجية، وأن نبحث عن طرق التمكين للدينى والثقافى والقيمى الإيجابى بوصفه إضافة فى الرؤية المصرية الوطنية الجديدة، التى يتسق فيها الشأن الخارجى مع الواقع الداخلى، ويتكامل معه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.