رئيس جامعة بنها: ندعم أفكار الطلاب وابتكاراتهم    حقيقة صرف مكرمة ملكية بقيمة 1000 ريال لمستحقي الضمان الاجتماعي في السعودية    إخلاء مستشفى الساحل بلبنان بعد اتهام إسرائيل حزب الله بتخزين أموال في نفق تحته    جالانت يتخذ قرارا بشأن جمعية «القرض الحسن» التابعة لحزب الله    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته بسوهاج    مزارع يقتل حداد في كفر الشيخ.. والسبب 50 جنيهًا    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية    الكلاب في الحضارة الفرعونية.. حراس الروح والرفاق في عالم الآلهة    اجتماع طارئ للجامعة العربية الثلاثاء المقبل    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    الفنانة نورهان: اشتغلت مدرسة إنجليزي بعد الاعتزال.. التمثيل كان يسرقني من الحياة    عاجل - تمديد فترة تخفيض مخالفات المرور وإعفاء 50% من الغرامات لهذه المدة    بمستند رسمي..تعرف علي مواعيد قطارات «السكة الحديد» بالتوقيت الشتوي الجديد    «سيدات طائرة الأهلي» يفزن على وادي دجلة في بطولة الدوري    عاجل- كيفية الاستعلام عن موظف وافد برقم الإقامة وخطوات معرفة رقم الحدود عبر أبشر    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    كسر بالجمجمة ونزيف.. ننشر التقرير الطبي لسائق تعدى عليه 4 أشخاص في حلوان    ثقف نفسك| 10 خطوات هامة لمن يريد الزواج.. تعرف عليها    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    الصحة اللبنانية تدين تعرض إسرائيل لأكبر مرفقين طبيين في البلاد وتطالب بموقف دولي إنساني    3 مشروبات يتناولها الكثير باستمرار وتسبب مرض السكري.. احذر منها    موقف كمال عبد الواحد من المشاركة بنهائي السوبر، والده يكشف حالته الصحية    قصف مدفعي مكثف في عيتا الشعب جنوب لبنان    وزير الدفاع الأمريكي: سنزود أوكرانيا بما تحتاجه لخوض حربها ضد روسيا    سامسونج تطلق إصدار خاص من هاتف Galaxy Z Fold 6    حل سحري للإرهاق المزمن    بعد منعه من السفر… «هشام قاسم»: السيسي أسوأ من حكم مصر    قائد القوات البحرية يكشف سبب طُول الحرب في أوكرانيا وغزة    النائب العام يبحث مع نظيرته الجنوب إفريقية آليات التعاون القضائي    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ما حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    إسرائيل تتوعد: الهجوم على إيران سيكون كبيرًا وسيجبرها على الرد    «القابضة للمطارات»: مؤتمر المراقبين الجويين منصة للتعاون ومواجهة تحديات الملاحة    نشرة التوك شو| حقيقة زيادة المرتبات الفترة المقبلة ومستجدات خطة التحول إلى الدعم النقدي    كيفية تفادي النوبات القلبية في 8 خطوات..لايف ستايل    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    عماد متعب: اللاعب بيحب المباريات الكبيرة وكنت موفقا جدا أمام الزمالك    متحدث الصحة: نعمل بجدية ومؤسسية على بناء الإنسان المصري    القصة الكاملة لتدمير القوات المصرية للمدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    رانيا يوسف: إشمعنى كلب الهرم يتكرم وكلبي في فيلم أوراق التاروت ما حدش عايز يكرمه؟    شريف سلامة: أتخوف من الأجزاء ولكن مسلسل كامل العدد الجزء الثالث مفاجأة    أبرز المشاهير الذين قاموا بأخطر استعراضات على المسرح (تقرير)    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    "الذكاء الاصطناعي".. دير سيدة البشارة للأقباط الكاثوليك بالإسكندرية يختتم ندوته السنوية    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء تواصل الصعود التاريخي.. وعيار 21 يسجل أرقامًا غير مسبوقة    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    عاجل - طبيب تشريح جثة يحيى السنوار يكشف عن الرصاصة القاتلة والإصابات المدمرة (تفاصيل)    الصفحة الرسمية للحوار الوطنى ترصد نقاط القوة والضعف للدعم النقدى    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    ابتعدوا عن 3.. تحذير مهم من محافظة الإسماعيلية بسبب حالة الطقس    أبرز موافقات اجتماع مجلس مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأقصر    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال بلا مأوى وموقف الدستور الجديد
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 09 - 2012

بدأت ظاهرة الأطفال بلا مأوى فى الانتشار فى مصر فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات مع توسع سياسة الانفتاح الاقتصادى والمركزية الشديدة فى المدن التى أدت إلى تهجير أهالى القرى إلى العشوائيات المحيطة بالمدن الكبيرة بحثا عن العمل والخدمات.

ومع انتشار العشوائيات بدأ التكوين العائلى للأسرة المصرية يتغير. فزادت نسبة الطلاق بسبب ظروف الحياه الصعبة فى عشش ضيقه تحرم قاطنيها من كل سبل الحياه الكريمة، مما جعل نجاح الحياة الزوجية وتربية الاطفال فى جو اسرى صحى أمر يكاد ان يكون مستحيلا.

اختلفت الإحصاءات حول أعداد الأطفال بلا مأوى، وقد تراوحت ما بين مليون وعشرات الآلاف، يعنى هذا التفاوت الكبير أننا لا نعرف الاعداد الحقيقية. لكن كل من يعمل فى هذا المجال يستطيع ان يؤكد ان الظاهرة فى تفاقم مستمر، إذ إننا منذ عشر سنوات كنا قلما نرى طفلا أقل من الثانية عشرة سنة فى الشارع وقلما نرى فتيات، حين كان المجتمع المصرى بتركيبته المحافظة لا يسمح بنزول الفتيات. أما الآن فإننا نصادف أطفالا فى سن الرابعة والخامسة من الجيل الاول من الاطفال بلا مأوى، وهو ما يعنى أن الطفل بعد ان كان يفتح باب منزله ليهرب بإرادته عندما يصل إلى سن تسمح له بذلك، أصبح الآن يُفتح له الباب ويتم طرده من المنزل، ونسبة الفتيات فى الشارع بعد أن كانت منعدمه أصبحت تمثل ثلث الاطفال الذين نتعامل معهم فى الشارع.

●●●
الأبحاث القليلة التى تمت على هذه الظاهرة أظهرت أن أسباب اختيار الطفل هذه الحياه القاسية بالرغم من ان لديه أما وأبا على قيد الحياة يرجع معظمها إلى الفقر، إذ جاء الإهمال والعنف البدنى والجنسى فى المرتبة الاولى، تليها اسباب اخرى مثل استغلال الاطفال فى العمالة والتمييز بين الاخوات.

مع ازدياد اعداد الفتيات، بدأ العاملون فى هذا المجال ملاحظة ان العنف ضد الفتيات فى الشارع اكبر، خاصة العنف الجنسى من الاغتصاب إلى الزج بالفتيات إلى البغاء، هذا بالإضافة إلى ما ينتج عن هذه الممارسات من ادمان للجنس وامراض تناسلية وحمل، يحدث للفتيات ابتداء من سن الحادية عشرة مما ينتج عنه ظهور جيل جديد من الاطفال بلا مأوى لديهم أم طفلة وأب مجهول، هؤلاء يكون الشارع بيتهم من أول يوم صيفا وشتاء وعادة ما يُحرموا من الرضاعة الطبيعية بسبب سوء صحه الأم وسوء تغذيتهم ويعيشون على ألبان صناعية عندما تحصل الأم الطفلة على علبة وفيما عدا ذلك يعيشون على اعشاب بالسكر أو شاى بلبن أو بليلة، ولنا ان نتخيل تأثير هذه الحياة على صحتهم فالمعروف أن نسبة الوفاة بين هؤلاء عالية جدا كما ان نسبة حوادث السيارات والحروق والاصابات مروعة وفى احيان كثيره تترك عاهات مستديمة. مع ظهور الجيل الثانى من هؤلاء الاطفال ظهرت بعض حالات الاتجار بالبشر، حيث تقوم الام ببيع ابنها بعد الولادة مباشرة مقابل بضعة آلاف من الجنيهات إلى وسيط يقوم بإعادة بيع الطفل. كما ان الام قد تفضل ايجار وليدها لعصابات التسول مقابل بضعة جنيهات تأخذها «الام الطفلة» يوميا.

أحب أن أنوه هنا أن كثيرا من أبناء الجيل الثانى من الاطفال بلا مأوى هم الآن فى سن الثامنة والعاشرة ومازالوا بلا أوراق ثبوتية بسبب فشل الأم فى استخراج شهادة ميلاد لأن الأب غير معلوم، كما انها تعرض نفسها للحبس والاتهام بالبغاء إذا سعت إلى إثبات النسب عن طريق قسم الشرطة، خاصة أنها تذهب هناك فى هيئة مزرية وسن صغيرة وبدون خلفيه تربوية او تعليمية تسمح لها بعرض مشكلتها بشكل يكسب تعاطف المجتمع. النتيجة تكون طفلا شهادة ميلاد. وبدون هذه الشهادة يضيع حق هذا الطفل فى الحصول على التعليم او التطعيمات او الرقم القومى.

●●●

حيث أننا على اعتاب إصدار دستور جديد لمصر ما بعد الثورة، ثورة طالبت بحق كل مصرى فى «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، ثورة شارك فيها أطفال الشارع إيجابيا بالرغم من محاولات بعض الجهات إلصاق عمليات البلطجة والتدمير بهم (لكن لهذا الموضوع حديثا آخر) يكون من واجبنا ان نرفع إلى القائمين على كتابة الدستور والقائمين على شئون الحكم فى مصر رؤية المتخصصين العاملين منذ عقود مع هؤلاء الاطفال والعارفين بمشكلاتهم واحتياجاتهم.

●نحتاج إلى دستور يضمن ان تتجه موارد مصر الأساسية إلى تنميه كل القرى الفقيرة والعشوائيات والى التركيز على تنمية المرأة المصرية والطفل فى هذه المناطق.

● لابد أن ينص الدستور على مسئولية الاب والام عن سلامة أبنائهم وأن ينظم القانون كيفية محاسبة الآباء على إهمالهم فى صيانة صحة وكرامة ابنائهم.

● دستور ما بعد الثورة لابد ان ينص على حق الطفل فى اللجوء للدولة لحمايته من أبويه إذا ما تعرض للإهمال الجسيم او التعذيب او الاستغلال الجنسى او عمالة الاطفال، ولابد ان ندرك اننا اذا لم نحقق هذا فإننا لن نستطيع ان نتغلب على ظاهرة الطفل بلا مأوى أبدا، لأنك إذا سألت أى طفل فى الشارع عن سبب لجوئه إلى هذه الحياة يرد بدون تفكير إنه لم يجد من يلجأ إليه فقرر الاعتماد على نفسه.

● لابد من مراجعة أسلوب إدارة المؤسسات الإصلاحية والتى تخلط بين الطفل الحدث والطفل بلا مأوى فتساعد على نشر الجريمة بين اطفال جاءوا إلى المؤسسة فقط لأن ليس لديهم مأوى آخر وآخرون ارتكبوا جرائم، هذا بالإضافة إلى ضبط الظروف اللاإنسانية التى يعيشها هؤلاء الأطفال والتى تجعل نسبة كبيرة منهم يهربون إلى الشارع.

● هناك حديث مقلق عن خفض سن الرشد إلى السادسة عشرة وهو أمر مخالف لكل الدراسات الطبية والنفسية والتى تؤكد عدم اكتمال البنيان الجسدى او الشخصية قبل سن الثامنة عشرة، وليس من المعقول أن يتم القبض على طفل فى السادسة عشرة والزج به فى زنزانة بها مجرمون فى سن الاربعين والخمسين ثم عرضه على محكمة قد تحكم عليه بالسجن فى سجون الكبار أو حتى بالإعدام. والجدير بالذكر هو أن الكثير من الدول الأوروبية تستثنى سن العمالة وتجعله من السادسة عشرة بشرط ألا يكون العمل شاقا بدنيا أو نفسيا على الطفل.

● لابد ان يؤكد الدستور على حق الطفل فى استخراج اوراق رسمية حتى إذا كان الاب مجهولا حتى لا يحرم من حقوقه فى المواطنة.

●●●

قامت ثورتنا من أجل المصريين المظلومين ولا أتخيل ظلما اكبر من الظلم الواقع على أطفال مصر النائمين تحت الكبارى وفى الخرابات والبيوت المهجورة. وإذا لم نواجه هذا الظلم بإرادة سياسية ومجتمعية حقيقية، فإننا وأبناؤنا سندفع ثمنا كبيرا فى دنيتنا كما فى آخرتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.