الشاعر المغربي إدريس علوش، يروم في ديوانه؛ إدانة أنماط التحكم والقمع المنتجة؛ لأشكال قسوة وفظاعة وخوف وتهميش وإقصاء، ترزح تحتها، كائنات بشرية منذورة للعذاب.
ينهض العالم الشعري في ديوان (شاهدة الأحبة) للشاعر المغربي إدريس علوش الصادر حديثًا عن دار (النايا) بدمشق٬ على تيمة الموت، ليس باعتباره حالة (وجودية وغير عقلانية) فحسب، ولكن من زاوية كونه فعًلا قهريًا؛ تفرزه شروط اجتماعية، محكومة بمنظومات استبدادية بشرية.
فمسعى الشاعر علوش، في هذه المرثيات، لنقل يوميات الحزن العادي ، ورصد نهايات مأساوية، لحيوات أحبة بسطاء، يقيمون بشكل باذخ وجارح ، في ذاكرة الشاعر، ووجدانه، وتصوير (تراجيدية فعل الموت) وهشاشة الإنسان في مواجهته ٬ لا يروم في آخر المطاف إلا إلى؛ إدانة أنماط التحكم، والقمع المنتجة، لأشكال القسوة والفظاعة والخوف والتهميش والإقصاء، التي ترزح تحتها كائنات بشرية، منذورة للعذاب.
في تأبينات علوش لأحبته، لا ينأى عن مساره الشعري، وأفقه الجمالي والدلالي، حيث الشعرن موقف ومسؤولية ورؤية، والتزام، فمثلاً في نص "موت معطل" على سبيل المثال، يذكر بحالة (التغييب الممنهج) التي طالت فتى أصبح رمزًا لتضحية المعطلين (ظل يغازل ليل المدار في ذهول...!)، متسائلا بسخرية عن دلالة موته: "أكان عاديًا كشهادة الميلاد، أم كان الميلاد دهشة كشهادة الموت...!." .
وإذا كان علوش يستحضر الموت في هذه المجموعة، من زاوية كونها مصادرة للحياة، وبهجتها بسبق إصرار، أو بدونه، فإن رهانه، من خلال الوقوف على (شاهدة الأحبة)، الذين مضوا خلسة، واختفوا في هوس الغياب، هو في عمقه وحقيقته؛ مرثية ومديح للعزلة، وتفجير لطلية تلك الكينونة الأليمة؛ بحثًا عن الامتلاء، ومعانقة المطلق، والحلم بالأبدية.
للشاعر إدريس علوش، العديد من المجاميع الشعرية منها، الطفل البحري، مرثية حذاء، فارس الشهداء، زغب الأقحوان، يد الحكيم، جهات العدم المشتهى، دوارة أسطوانة٬ وهو واحد من أبرز شعراء المشهد الشعري؛ لقصيدة النثر في المغرب، في عقديه الأخيرين.