قال أحد الصحفيين المصريين للصحيفة: «إذا كان أردوغان ينوى تحريض الشعب المصرى ضد إسرائيل، فليرسل الجيش التركى لتفريق التظاهرات التى ستشهدها القاهرة». وأضاف «لسنا بحاجة إلى أحد من الخارج كى يحدد لنا علاقتنا بإسرائيل، وبالتأكيد لسنا بحاجة إلى من يستخدم السلاح الإسرائيلى ضد الأكراد». لكن هذا لن يمنع أردوغان من توجيه الكلام القاسى ضد إسرائيل، لدى إلقاء خطابه التاريخى الموجه إلى «العالم الإسلامى» من ميدان التحرير. وتأتى الزيارة التى يقوم بها أردوغان للقاهرة، والتى تستمر لمدة يومين ينتقل بعدها إلى ليبيا وتونس، فى إطار مساعيه لبناء حلف استراتيجى واقتصادى مع مصر. إن مستقبل هذا الحلف لا يزال غامضا، ولا سيما أن السلطات الرسمية المصرية تتعامل مع تركيا باحترام شديد، لكن أيضا بشىء من التخوف. فقد حاول مبارك خلال أعوام حكمه إبعاد تركيا، وخصوصا أردوغان، عن التدخل فى العملية السلمية مع الفلسطينيين، وكان يعتبر أن تقرب تركيا من سوريا وإيران يشكل تهديدا استراتيجيا لدائرة النفوذ العربى عامة والمصرى خاصة. إن مصر التى يبلغ حجم تجارتها مع تركيا مليار ونصف المليار دولار بحاجة إلى الاستثمارات التركية، لكنها غير مستعدة لأن تدخل معها فى حلف يتطلب منها إعادة تنسيق سياستها فى الشرق الأوسط بأسره، أو سياستها إزاء إسرائيل.
إن المجلس العسكرى الأعلى الذى يبذل جهده لتهدئة العاصفة التى أثارها الهجوم على السفارة الإسرائيلية، ليس بحاجة اليوم إلى ضيف كبير يتسبب بإثارة الشارع من جديد. وتشير أوساط رفيعة المستوى فى تركيا إلى أن أردوغان لا يرغب فى تحويل الأزمة التركية الإسرائيلية إلى جبهة تركية عربية.
إلاّ أن أردوغان سبق أن أثبت قدرته على مفاجأة مستشاريه، مثلما فعل فى دافوس سنة 2009 (عندما قاطع بيرس وغادر المنصة احتجاجا على عملية الرصاص المسبوك ضد غزة). ولهذا السبب ليست إسرائيل وحدها من يشعر بالقلق إزاء زيارة أردوغان للقاهرة، بل إن المصريين أنفسهم لا يشعرون بالاطمئنان.