مقتل 3 وإصابة العشرات بقصف أوكراني على دونيتسك    فلسطين.. شهيد وعدة إصابات جراء قصف الاحتلال لمنزل في خان يونس    تشكيل الأهلي ضد جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مواجهة محسومة| الأهلي يستضيف جورماهيا الكيني بدوري أبطال أفريقيا    بعد قرار حبسه.. تفاصيل التحقيق مع صلاح التيجاني بالتحرش بالفتيات    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    مندوب سوريا يطالب مجلس الأمن بإدانة الهجمات الإسرائيلية على لبنان    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    فصل التيار الكهرباء عن ديرب نجم بالشرقية لأعمال الصيانة    النيابة تأمر بإخلاء سبيل خديجة خالد ووالدتها بعد حبس صلاح التيجاني    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 34    أرباح أكثر.. أدوات جديدة من يوتيوب لصناع المحتوى    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    هاني فرحات: جمهور البحرين ذواق للطرب الأصيل.. وأنغام في قمة العطاء الفني    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    "حزب الله" يستهدف مرتفع أبو دجاج الإسرائيلي بقذائف المدفعية ويدمر دبابة ميركافا    عاجل - رياح وسحب كثيفة تضرب عدة محافظات في العراق وسط تساؤلات حول تأجيل الدراسة    تشكيل مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تعزى وزير الداخلية فى وفاة والدته    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    صرف فروقات الرواتب للعسكريين 2024 بأمر ملكي احتفاءً باليوم الوطني السعودي 94    مواصفات فورد برونكو سبورت 2025    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    مواصفات هاتف Realme P2 Pro الجديد ببطارية كبيرة 5200 مللي أمبير وسعر مميز    موعد التسجيل في قرعة الحج بالجزائر 2025    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    ملف يلا كورة.. تأهل الزمالك.. رمز فرعوني بدرع الدوري.. وإنتركونتيننتال في قطر    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لخوض كأس الأمم الإفريقية    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    شيرين عبدالوهاب ترد على تصريحات وائل جسار.. ماذا قالت؟ (فيديو)    راجعين.. أول رد من شوبير على تعاقده مع قناة الأهلي    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    بعد قرار الفيدرالي الأمريكي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    أوقاف الفيوم تفتتح أربعة مساجد اليوم الجمعة بعد الإحلال والتجديد    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الإفتاء: مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها محرم شرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد سعد أبو العزم: التحالف المصري التركي ضربة موجهة لإسرائيل
تركيا تفضل سياسة »لنربح سويا« ولا تسعي لخسارة الآخرين
نشر في آخر ساعة يوم 20 - 09 - 2011


أردوغان يراهن علي مستقبل مصر ويراه مبشرا
إسرائيل لن تصمت علي طرد السفير وتركيا مستعدة للرد
دول الخليج ترحب بالدور التركي في المنطقة لمواجهة المد الإيراني
»مصر تركيا إيد واحدة« بالعربية قالها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ليرد بها علي حفاوة بالغة وترحيب كبير استقبله به المصريون.
لم تكن حرارة الاستقبال مفاجأة فعلامات التقدير والإعجاب كانت متبادلة منذ فترة بداية من دافوس ومرورا بسفينة مرمرة التركية التي حملت المساعدات إلي غزة وانتهاء بطرد أنقرة للسفير الإسرائيلي وتجميد علاقاتها بتل أبيب.
ويبدو أيضا أن أردوغان يبادل المصريين إعجابا بإعجاب.. ترجم ذلك في كلمته حين قال إن ثورة مصر ستغير وجه العالم وأن الشعب المصري الذي صنع معجزة في ميدان التحرير يستطيع أن يصنع الكثير.
جاء أردوغان إذن لمصر مراهنا علي مستقبلها.. ساعيا لتحالف استراتيجي معها.. فاتحا الباب أمام تدفق الاستثمارات.. ليوجه بزيارته تلك ضربة أخري لإسرائيل.. وهو يدرك بالطبع أنها لن تصمت وأن لديها من أوراق الضغط ما يمكن أن يسبب له بعض القلاقل الداخلية.. لكن يبدو أن ثقته في شعبه تمنحه القدرة علي الصمود والتحدي وتدفعه إلي طريق رسمه بدقة ويبدو واضحا تصميمه علي ألا يحيد عنه.
هكذا بدت له زيارة أردوغان لمصر وحول وقائعها ونتائجها دار حواري مع الدكتور محمد سعد أبو العزم رئيس مركز القاهرة للدراسات التركية وأحد الذين تابعوا ورصدوا عن قرب زيارة أردوغان الأخيرة في البداية سألته:
❊❊ زيارة رئيس الوزراء التركي أردوغان لمصر تعد زيارة مهمة لكن هل تري أن توقيتها والأجواء المحيطة بها يكسبها دلالة معينة ويضفي عليها مزيدا من الأهمية!
بالطبع لتوقيت الزيارة أهمية ولها دلالاتها لكل من مصر وتركيا، فتوقيتها جاء بعد قيام تركيا بطرد السفير الإسرائيلي وتجميد العلاقات العسكرية وتصعيد الموقف وأيضا تعد الزيارة رسالة تركية لإسرائيل تؤكد فيها سياستها المتجهة نحو الشرق وأنها بدأت في تكوين تحالفات جديدة ضد إسرائيل، لتخسر تل أبيب بذلك حليفا جديدا تركيا بعدما خسرت حليفها الأول مبارك ليس هذا فقط بل إن التحالف التركي المصري يمكن أن يشكل قوة واحدة ضدها.
❊❊ لكن من المعروف أن توقيت الزيارة معد سلفا ومنذ فترة حتي قبل قرار تركيا بتجميد علاقاتها مع إسرائيل؟
بالفعل كان من المقرر أن تتم الزيارة الشهر الماضي إلا أن ظروفا حالت دون ذلك حيث وقعت أحداث مسرح البالون والاضطرابات التي صاحبتها لتدفع في اتجاه تأجيلها، عموما يمكن القول إن توقيت الزيارة الآن علي درجة كبيرة من الأهمية وهي تعد أول زيارة لمسئول كبير بهذا الحجم، صحيح أن زيارات مهمة شهدتها مصر خلال الفترة الماضية إلا أن أحدا لم يصطحب معه هذا العدد من رجال الأعمال ولم يحمل معه كل هذا الكم من الاتفاقيات. فأردوغان جاء يحمل رسالة مهمة مفادها أن تركيا ستدعم مصر بقوة خلال الفترة الانتقالية.. وهو ما يعكس شجاعته ويعكس أيضا التوجه والدور الجديد الذي بدأت تركيا تلعبه في الشرق الأوسط.
❊❊ أتفهم مغزي الدور الجديد لكن ماذا عن الشجاعة التي وصفت بها أردوغان لإقدامه علي هذه الزيارة هل يمكن أن تفسر لي ذلك؟
الظروف التي تمر بها مصر تجعل من الصعب علي أي دولة أن تقدم علي فتح استثمارات لديها، فمعالم مصر الجديدة لم تتضح بعد .. لاشكل الحكومة ولا البرلمان ولا الرئيس كلها أمور غير واضحة المعالم وبالتالي أي دولة لابد أن تفكر كثيرا جدا قبل الإقدام علي الاستثمارات في بلد يمر بتلك الظروف. وإقدام أردوغان علي ذلك يعكس تصميمه علي الرهان علي مستقبل مصر والذي يراه مبشرا ومن ثم جاء مصطحبا معه 082 من رجال الأعمال، والعديد من الاتفاقيات المشتركة التي وقعت بين البلدين وشملت مجالات متعددة، ووصل حجم الاستثمارات التركية في مصر إلي 5 مليارات دولار، وطرح العديد من مشاريع التعاون المشتركة.
أردوغان عندما يطرح كل هذه المشاريع هو يدرك جيدا أن مصر وتركيا هما أكبر دولتين من حيث المساحة في الشرق الأوسط والحدود الجغرافية والموقع الاستراتيجي وهو ما قاله صراحة في كلمته التي ألقاها في الجامعة العربية بأن التحالف المصري التركي معناه سيطرة الدولتين علي البحر المتوسط وهو مايحمل رسالة خطيرة لإسرائيل التي تحاول فرض هيمنتها عليه وتحاصر غزة من خلال سيطرتها علي هذا البحر.
خلاصة القول إن تركيا وهي تتجه بكل قوتها نحو التحالف مع مصر فهي تراهن علي المستقبل وعلي إرادة الشعب وتدرك أن غدا رائعا ينتظر مصر.
❊❊ ماهي أوجه التعاون المنتظر أن يثمر عنه هذا التحالف؟
هناك اتفاقيات سياسية وعسكرية واقتصادية، فبالنسبة للتحالف الاستراتيجي ظهر من خلال تشكيل مجلس مشترك عقد أول اجتماعاته وهناك لقاءات مرتقبة لتطوير العلاقات الاستراتيجية لأعلي مستوي، وهو ما يؤكد أنها ليست مجرد زيارة دبلوماسية عادية لكنها تنعكس في تكوين تحالف استراتيجي قوي.
❊❊ ما أهمية قيام مثل هذا التحالف لمصر ؟
التحالف يعد رسالة موجهة للعالم، أولا من الناحية الاقتصادية هو بمثابة تطمين وتشجيع لدول العالم للإقدام علي الاستثمار في مصر.
علي الجانب السياسي فإن تطوير علاقة تركيا بمصر تعد رسالة مهمة موجهة لإسرائيل مفادها أن أنقرة قادرة علي تكوين تحالفات أخري وتوطيد علاقاتها بشرفاء آخرين وأنها ليست بحاجة للتحالف مع تل أبيب.
إضافة إلي كل ذلك من المؤكد أن مصر وهي مقدمة علي بناء دولتها الديمقراطية الجديدة من المهم أن تأخذ في اعتبارها النموذج التركي الديمقراطي الرائع والذي يبدد مخاوف الكثيرين من أن وصول الإسلاميين للحكم يحمل مستقبلا مظلما، فالتجربة التركية أثبتت أن وصول هؤلاء لا يعني ذلك بل علي العكس فمن خلال التواصل والانفتاح علي الآخر استطاعوا أن يقودوا البلاد لما هو أفضل.
❊❊ رغم الأجواء العاصفة التي تمر بها علاقة أنقرة مع تل أبيب إلا أن العلاقات الوطيدة بينهما تجعل من الصعب تصور انتهاء التحالف بينهما يري البعض أن مايحدث بين الدولتين مجرد سحابة صيف؟
عندما اتخذت تركيا قرارا بتجميد علاقاتها العسكرية مع إسرائيل لم يكن ذلك اعتباطيا والواقع يشير إلي أنها ظلت تدرس لمدة عام جميع الاتفاقيات العسكرية التي أبرمتها مع إسرائيل والمعروف أن هذه الاتفاقيات تحقق ثلاثة أغراض، أولها الاستفادة من خبرة إسرائيل في مجال الطائرات بدون طيار، وطائرات ال 61 F ودبابات 06M. وعندما أقدمت تركيا علي توقيع هذه الاتفاقيات فإنها فعلت ذلك وهي تضع نصب عينيها أنها ستصل خلال فترة معينة للاكتفاء الذاتي بعد فترة ولن تكون في حاجة للخبرة الإسرائيلية وبالفعل نجحت تركيا في تطوير نفسها عسكريا خلال خمس سنوات بشكل كبير جدا ونجحت في تصنيع طائرات بدون طيار، لذلك أقدمت بصدر مفتوح علي تجميد اتفاقياتها العسكرية مع إسرائيل.
فتركيا تتحرك وفق مخطط مدروس وتعرف جيدا قيمة وخطورة وحجم كل خطوة تخطوها، وعندما دخلت في تحالفات عسكرية مع تل أبيب فعلت ذلك وهي آخذة في اعتبارها تقسيم شكل التعاون إلي ثلاثة أقسام، الأول يمكن إلغاؤه، وآخر يمكن تجميده وثالث يمكن تعديله، ومن ثم فهي لن تخسر مطلقا من قرارها الخاص بتجميد علاقاتها العسكرية مع إسرائيل.
❊❊ وما الفائدة التي تعود علي مصر في حالة ما اتجهت تركيا للتحالف معها وأعطت ظهرها لإسرائيل؟
يجب ألا نغفل أن تركيا عضو في حلف الناتو ووجود مثل هذا التحالف الاستراتيجي بين البلدين له دلالة وأهمية كبيرة لوضع مصر الإقليمي، كما أنه يصب في صالح تشكيل قوة إقليمية كبيرة يمكن أن تصبح القوة الأكبر علي الإطلاق. ولاشك أن تأثيرها سيمتد ليشمل العديد من القضايا المهمة والخطيرة في الشرق الأوسط علي رأسها القضية الفلسطينية فوجود هذه القوة سيدفع في اتجاه تحريك القضية في اتجاه يصب في صالح الشعب الفلسطيني ويشكل ضغطا كبيرا في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية.
❊❊ لكن مازلت أتساءل ما الذي يدفع تركيا للتقدم بكل ثقلها نحو مصر بالرغم من ضبابية الوضع وتأزمه وعدم استقراره ، تركيا بالطبع لاتجازف علام تراهن إذن في سياستها تلك؟
إقدام تركيا علي ذلك يعكس بعد نظر وذكاء سياسيا وقدرة علي قراءة المستقبل.. ظهر ذلك مبكرا مع بدايات الثورة وقبل تنحي مبارك في خطاب شديد اللهجة وجهه أردوغان لمبارك أكد له فيه أن الجميع فانون ولن يبقي إلا العمل الجيد، كان يراهن أردوغان وقتها علي إرادة (الشعب) واليوم عندما يضاعف من حجم الاستثمارات التركية في مصر فهو أيضا يراهن علي الشعب وهو ما ترجمته كلماته التي ألقاها في القاهرة في زيارته الأخيرة والتي أكد فيها أن الشعب الذي صنع معجزة في ميدان التحرير يستطيع أن يصنع الكثير وقال بالنص: (أنا سعيد لأنني شاهد علي تاريخ الثورة المصرية وأنني زرت ميدان التحرير وسأسجل في تاريخي هذه الزيارة، هو هنا يراهن علي أن إرادة الشعب المصري في النهاية ستتضمن تحولا ديمقراطيا ومستقبلا مشرقا لمصر، أردوغان أجاد قراءة المستقبل ورصد الصورة من بعيد فظهرت له أفضل علي عكس حالنا حيث تغرقنا تفاصيلها فتبدو الخطوات متعثرة تتقدم أحيانا وتتراجع أخري أما هو فرؤيته للمشهد البعيد تجعله أكثر قدرة علي التحليل والاستنتاج، ومن ثم فإن إقدامه علي زيادة حجم استثماراته في مصر لايعد غير محسوب فأردوغان حسبها جيدا ويعلم جيدا أن مستقبل مصر واعد.
❊❊ هي بالطبع ليست مغامرة غير محسوبة ونعلم جيدا أن البراءة وأعمال الخير ليست من شيم السياسة ولا شك أن هناك أجندة يتحرك أردوغان وفقها وهو يتجه بشطر تركيا نحو مصر .. تري ماهي الفائدة التي ستعود علي تركيا جراء التعاون والتحالف معنا؟ خاصة أن الكل يعلم رغبة تركيا في أن تصبح قوة لها ثقلها في المنطقة!
أتفق معك تماما أن عمل السياسة لا وجود فيه لعمل الخير لوجه الله وبالطبع لتركيا مصالحها لكن من الملاحظ أن تركيا وهي تتعامل مع دول الجوار والدول المؤثرة في المنطقة تعمل وفقا لمبدأ »لنربح سويا« فهي لاتسعي لتحقيق مصالحها علي حساب مصلحة الآخرين وإنما تفضل أن تفعل ذلك في إطار منفعة مزدوجة، وهي سياسة تحاول تركيا أن تلعبها، وأردوغان يدرك هذه الحساسية التي يمكن أن يتعامل معها البعض أمام التحرك التركي لذلك تعمد في خطابه الذي اعتبره رسالة موجهة للعالم العربي والإسلامي أن يتحدث لمدة 12 دقيقة عن مصر وإمكاناتها وقدرتها وحضارتها وتاريخها ومدي حبه لها، وأنها بلد الأزهر وبلد شوقي وعبدالباسط وأم كلثوم وهي أم الدنيا نطقها بالعربية وأن القرآن نزل في مكة وقريء في مصر وكتب في اسطنبول.
هي رسالة تعكس مدي تقديره لمصر ولمكانتها وكأن لسان حاله يقول »أنا أعرف قدر مصر ولا أستطيع إنقاص وزن مصر وثقلها الاستراتيجي معلنا عن نيته تحقيق مكاسب مشتركة للبلدين.. لذلك أري أن بين تركيا ومصر يمكن أن تنشأ علاقة تكامل مصالح وليس تقاطع مصالح.
❊❊ ربما نجح أردوغان في ترجمة هذه المشاعر بكلمة »مصر وتركيا يد واحدة التي تعمد أن ينطقها بالعربية!
هو بالفعل قالها كما رددها أيضا الجمهوري المصري الكبير الذي بالغ في احتفائه بأردوغان ليس فقط في المطار وإنما أيضا في اجتماعاته في الأزهر والجامعة العربية.
❊❊ بمناسبة الحديث عن الحفاوة التي استقبل بها المصريون أردوغان كيف ترصد ذلك وهل تري أن رئيس الوزراء التركي تحول إلي بطل في مخيلة الشعب المصري يفتقده من سنوات ويشتاق إلي ظهوره؟
لاشك أن الشعب المصري ينظر لأردوغان باعتباره نموذجا لزعيم يقود بلاده من نصر إلي آخر في كافة مجالات التنمية سواء في الاقتصاد أو في العلاقات الخارجية، والشعب المصري وكذلك الشعب العربي كله عاش طويلا وهو يحلم بهذا النموذج الذي يحقق نهضة لبلاده ويضع تجربة ديمقراطية رائدة وفي نفس الوقت يستطيع أن يقول »لا« لإسرائيل.. وهذه نقطة علي درجة كبيرة من الأهمية، فأردوغان فعل ما تمناه الشعب المصري الذي حلم بموقف قوي تجاه إسرائيل، عاش علي هذا الحلم الذي لم يتحقق طوال حكم مبارك الذي لم يقف موقفا علي درجة من القوة والصلابة كالذي يتمناها الشعب وتتناسب مع مكانة مصر، وإنما كان موقفه دائما متراخيا ومتخاذلا وشبه مساند للجانب الإسرائيلي، لذلك وجد الشعب في أردوغان النموذج القوي الذي نجح في مواجهة إسرائيل ونجح في طرد السفير الإسرائيلي، وازداد إعجابه به بالطبع بعد تلك الأحداث التي شهدتها سيناء بعدما قامت إسرائيل بقتل ستة من الجنود المصريين ولم يتخذ القائمون علي حكم البلاد موقفا يتناسب مع حجم الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل.
❊❊ وبماذا تفسر ذلك؟
يجب ألا ننسي هنا أيضا نقطة مهمة وهي أن أي رئيس لايستطيع اتخاذ قرارات صارمة وحاسمة مثل طرد للسفير أو تجميد علاقاته بدولة أخري إلا إذا كان منتخبا وكذلك في ظل حكومة منتخبة قوية تستمد شرعيتها من الشارع وهو وضع نفتقده في مصر لذلك من الضروري أن نلتمس قدرا من العذر في الموقف الرسمي المصري تجاه ماحدث من قبل إسرائيل، فلو حدث ذلك من حكومة منتخبة لكان الحكم عليها مختلفا، فيجب ألا نغفل طبيعة المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر وأنها ليست في حاجة لفتح جبهات جديدة أمامنا.
علي جانب آخر يجب أن ندرك أن أردوغان لم يتخذ قرار طرد السفير الإسرائيلي إلا بعد 15 شهرا من قتل إسرائيل للمواطنين الأتراك بعد هجومها علي السفينة التركية مرمرة التي كانت متجهة لتقديم المساعدات لغزة وفك الحصار عنها. قبل إقدامه علي هذه الخطوة قام بحزمة من الإجراءات لم تكن من ضمنها قرار الطرد، ثم قام بحزمة ثانية شملت هذا القرار وأن ندرك أيضا أن توقيت قرار الطرد له دلالته، فأردوغان لم يصدره إلا بعد نجاحه في الانتخابات واكتسب مزيدا من الشرعية، وبعدما نجح في تقليم أظافر الجيش التركي الذي كان متحكما في السياسة والاستراتيجية التركية بشكل كبير جدا، ولم يتمكن أردوغان من تقليص هذه الصلاحيات إلا منذ شهر ونصف فقط حيث نجح في ترويض قادة الجيش وإحداث تغييرات في القادة والأفرع الرئيسية للجيش لتقتصر مهمته علي الدفاع الخارجي فقط وليس التدخل في رسم السياسة وصنع الأحداث بعدما كان قلعة منفصلة. يتحكم في الحكومة، إلا أن أردوغان نجح مؤخرا في أن يكبح جماحه ليصبح الجيش يسير وفق رؤي الحكومة وليس العكس وهو ما يعد خطوة مهمة جدا لتحويل تركيا لدولة مدنية حقيقية. لذلك نجح أردوغان في النهاية في اتخاذ قرار مهم مثل طرد السفير بسهولة دون أن يكون هناك أي معارضة من قبل الجيش تعرقل هذه الخطوة.
❊❊ ما هو توقعك لرد فعل إسرائيل علي هذا القرار الخطير الذي اتخذه أردوغان ونحن نعلم جيدا أن لديها من أوراق الضغط الكثيرة، منها ورقة حزب العمال الكردستاني وقضية الأرمن التي كثيرا ما تلوح بها في مواجهة الموقف التركي المعارض لها خاصة إذا ما أقدمت بعد ذلك علي إقامة تحالف استراتيجي مع مصر؟
بالطبع هذا ماتفعله إسرائيل الآن علي الرغم من ردود أفعالها التي تبدو الآن هادئة تجاه قرار تركيا بطرد السفير بشكل أهدأ كثيرا مما هو متوقع واقتصر علي مجرد إبداء الأسف وإعلان الرغبة في عودة العلاقات واستمرارها علي المستوي الاستراتيجي والسبب في ذلك أن إسرائيل ليس من مصلحتها الآن أن تخسر الحليف التركي الأهم الآن في الشرق الأوسط والدليل علي ذلك أن نتائج التحقيق في الهجوم علي السفينة التركية مرمرة كان من المقرر إعلانه منذ ستة شهور إلا أن إسرائيل تعمدت تأجيل ذلك حتي لاتصل لمرحلة الصدام مع تركيا والتي حدثت فور صدور التقرير.
علي جانب آخر من المؤكد أن إسرائيل لن تقبل قيام تحالف استراتيجي بين مصر وتركيا، لذلك جاء رد الفعل الأخير ليعكس موقف تل أبيب المعارض للتحرك التركي حيث أعلنت إسرائيل أنها قد تتخذ مجموعة من الإجراءات ضد تركيا منها الدعم العسكري واللوجستي لحزب العمال الكردستاني، أيضا قيام اللوبي الصهيوني في أمريكا بالضغط علي الكونجرس لاتخاذ قرار بأن الأرمن تعرضوا للإبادة الجماعية من قبل تركيا، وبالتالي فإن إسرائيل بالطبع لديها أوراق ضغط يمكم أم يستخدمها ضد تركيا.
وتعمل بكل قوة علي عرقلة التوجهات التركية لكن في النهاية ستكون الغلبة للإرادة الأقوي.
❊❊ ومن يمتلك هذه الإرادة بشكل وبدرجة تفوق الآخر تركيا أم إسرائيل؟!.
صاحب الإرادة الأقوي هو من يعمل وفق مبادئ ولصالح شعبه ومن أجل الحق فبدون شك هو من سينتصر في النهاية، لذلك فإن تركيا علي يقين في كل خطوة تخطوها وتدرك وتتنبأ بماسيحدث في المستقبل، وتعرف أنها ربما تتكبد بعض الخسائر إلا أن إجمالي المكاسب التي ستحصل عليها سيفوق بكثير ما يمكن أن يتحقق من خسائر.. لذلك ستستمر تركيا في تحالفها الاستراتيجي وفي مواقفها التي تتخذها في صالح قضايا الشرق الأوسط،
❊❊ نعود إلي زيارة أردوغان لمصر والتي أعلن فيها عن تصوره لنظام علماني يراه هو الأصلح لمصر وهو ما أثار حفيظة الإخوان الذين قيل إن بعضهم رد عليه بإعلان الرغبة في خلافة إسلامية هل يمكن اعتبار ذلك بداية لخلاف بينهما؟
في الحقيقة أن أردوغان لم يستخدم مصطلح علمانية بشكل صريح، وإنما دعا إلي الحكم الديمقراطي والدولة المدنية التي تتسع للجميع ولاتفرق بين أحد المواطنين، لكن للأسف بعض الصحف اجتهدت وتقولت علي لسانه واعتبرت أن ماينادي به هو العلمانية، فأردوغان يفهم جيدا طبيعة الشعب المصري ويفهم الواقع السياسي ويدرك أن استخدام كلمة علمانية يمكن أن تثير حساسية لدي البعض وغير وارد علي الإطلاق أن تضاف هذه الكلمة في الدستور المصري هو يعلم ذلك جيدا وهو لم ينطق بهذه الكلمة فأنا تابعت كل كلماته وأؤكد علي ذلك أيضا أعلم أن الإخوان لم يعلنوا صراحة المطالبة بالخلافة الإسلامية، ردا علي كلمة أردوغان هذا علي حد علمي حتي الآن، لكن هناك إشكالية وهي كيف يري الإسلاميون الحكم في الفترة القادمة فهناك العديد من التساؤلات مطروحة في أوساط الإسلاميين منها هل يمكن اعتبار التجربة التركية نموذجا للإسلاميين؟ هذه التساؤلات مطروحة، لكن خصوصية التجربة التركية والتراث التركي الموجود جعلت من الصعب الإجابة علي هذه التساؤلات وهو ما يشكل حيرة لدي الأوساط الإسلامية وهناك خلاف حول مدي الاقتداء بالنموذج التركي؟
وهل يمكن اعتبارها إسلامية أم علمانية أم مزيجا؟؟ مازالت الأسئلة تشكل حيرة وهو ما يدفع لبعض التضارب في التصريحات بين الإسلاميين أنفسهم تجاه تقييمهم للحالة التركية الموجودة.
عموما فأنا لم ألمس التضارب والتعارض بين الإخوان في مصر وبين أردوغان بدا ذلك من استقبالهم الحافل لهم في المطار وعند مشيخة الأزهر وفي كلمته في الأوبرا فالإخوان يقدرون أن له ميولا إسلامية، كما أنهم يعتبرون التجربة التركية في صالح المشروع الإسلامي.
❊❊ تري ما هو أثر نجاح التحالف المصري التركي علي المنطقة!
التحالف بلاشك سيحمل الكثير للبلدين، وإن كان في نفس الوقت سيعرضهما لمزيد من الضغوط الإسرائيلية، ونعلم جميعا حجم التسريبات التي تعمدت إسرائيل بثها للتأكيد علي أنها لن تقف صامتة وأنها لن تقف مكتوفة الإيدي تجاه التحالف التركي المصري وستحاول إجهاضه بكل قوتها، ولن تتوقف علي اتخاذ أي إجراء يعرقل هذا المشروع، ويدخل في هذا الإطار مجموعة الأحداث غير المبررة التي شهدتها مصر. منها علي سبيل المثال حادث الهجوم علي السفارة الأخير، واعتقد أن هذه النوعية من الحوادث ستتزايد خاصة في الفترة القادمة وإلي مابعد إجراء الانتخابات فمن مصلحة إسرائيل ألا تستقر الأوضاع في مصر. كما أنه من مصلحتها أن تظل علاقتها بمصر كما كان عليه الحال أثناء النظام السابق، ومن مصلحتها أيضا ألا تنجرف مصر أكثر في الاتجاه التركي.
❊❊ وإلي أي مدي تتوقع نجاحها في تحقيق هذا المخطط الدنيء؟!
الأمر يتوقف علي إرادتنا، يجب أن تكون قوية علي المستويين الشعبي والرسمي وأن تستمر في مواجهة أي ضغوط يمكن أن تمارسها إسرائيل وتدرك جيدا أن إسرائيل لن تكف عن جرائمها وضغوطها وعليه يجب أن نكون علي استعداد تام لمواجهة ذلك وأن تمتلك من الإرادة والقوة مانرد به علي كل هذه الضغوط.. ولاشك أن التحالف المصري التركي سيدعم موقف مصر ويساعدها في هذه المواجهة، كما أنه سيكون داعما للحركات الثورية في سوريا واليمن ومساندا للثورات المصرية والتونسية، ومؤازرا للقضية الفلسطينية، ولاشك أن هذا التحالف سيلقي تأييدا ودعما من قبل الدول الخليجية التي ستراه مهما لمواجهة المد الإيراني.
جاء أردوغان إذن لمصر مراهنا علي مستقبلها.. ساعيا لتحالف استراتيجي معها.. فاتحا الباب أمام تدفق الاستثمارات.. ليوجه بزيارته تلك ضربة أخري لإسرائيل.. وهو يدرك بالطبع أنها لن تصمت وأن لديها من أوراق الضغط ما يمكن أن يسبب له بعض القلاقل الداخلية.. لكن يبدو أن ثقته في شعبه تمنحه القدرة علي الصمود والتحدي وتدفعه إلي طريق رسمه بدقة ويبدو واضحا تصميمه علي ألا يحيد عنه.
هكذا بدت له زيارة أردوغان لمصر وحول وقائعها ونتائجها دار حواري مع الدكتور محمد سعد أبو العزم رئيس مركز القاهرة للدراسات التركية وأحد الذين تابعوا ورصدوا عن قرب زيارة أردوغان الأخيرة في البداية سألته:
❊❊ زيارة رئيس الوزراء التركي أردوغان لمصر تعد زيارة مهمة لكن هل تري أن توقيتها والأجواء المحيطة بها يكسبها دلالة معينة ويضفي عليها مزيدا من الأهمية!
بالطبع لتوقيت الزيارة أهمية ولها دلالاتها لكل من مصر وتركيا، فتوقيتها جاء بعد قيام تركيا بطرد السفير الإسرائيلي وتجميد العلاقات العسكرية وتصعيد الموقف وأيضا تعد الزيارة رسالة تركية لإسرائيل تؤكد فيها سياستها المتجهة نحو الشرق وأنها بدأت في تكوين تحالفات جديدة ضد إسرائيل، لتخسر تل أبيب بذلك حليفا جديدا تركيا بعدما خسرت حليفها الأول مبارك ليس هذا فقط بل إن التحالف التركي المصري يمكن أن يشكل قوة واحدة ضدها.
❊❊ لكن من المعروف أن توقيت الزيارة معد سلفا ومنذ فترة حتي قبل قرار تركيا بتجميد علاقاتها مع إسرائيل؟
بالفعل كان من المقرر أن تتم الزيارة الشهر الماضي إلا أن ظروفا حالت دون ذلك حيث وقعت أحداث مسرح البالون والاضطرابات التي صاحبتها لتدفع في اتجاه تأجيلها، عموما يمكن القول إن توقيت الزيارة الآن علي درجة كبيرة من الأهمية وهي تعد أول زيارة لمسئول كبير بهذا الحجم، صحيح أن زيارات مهمة شهدتها مصر خلال الفترة الماضية إلا أن أحدا لم يصطحب معه هذا العدد من رجال الأعمال ولم يحمل معه كل هذا الكم من الاتفاقيات. فأردوغان جاء يحمل رسالة مهمة مفادها أن تركيا ستدعم مصر بقوة خلال الفترة الانتقالية.. وهو ما يعكس شجاعته ويعكس أيضا التوجه والدور الجديد الذي بدأت تركيا تلعبه في الشرق الأوسط.
❊❊ أتفهم مغزي الدور الجديد لكن ماذا عن الشجاعة التي وصفت بها أردوغان لإقدامه علي هذه الزيارة هل يمكن أن تفسر لي ذلك؟
الظروف التي تمر بها مصر تجعل من الصعب علي أي دولة أن تقدم علي فتح استثمارات لديها، فمعالم مصر الجديدة لم تتضح بعد .. لاشكل الحكومة ولا البرلمان ولا الرئيس كلها أمور غير واضحة المعالم وبالتالي أي دولة لابد أن تفكر كثيرا جدا قبل الإقدام علي الاستثمارات في بلد يمر بتلك الظروف. وإقدام أردوغان علي ذلك يعكس تصميمه علي الرهان علي مستقبل مصر والذي يراه مبشرا ومن ثم جاء مصطحبا معه 082 من رجال الأعمال، والعديد من الاتفاقيات المشتركة التي وقعت بين البلدين وشملت مجالات متعددة، ووصل حجم الاستثمارات التركية في مصر إلي 5 مليارات دولار، وطرح العديد من مشاريع التعاون المشتركة.
أردوغان عندما يطرح كل هذه المشاريع هو يدرك جيدا أن مصر وتركيا هما أكبر دولتين من حيث المساحة في الشرق الأوسط والحدود الجغرافية والموقع الاستراتيجي وهو ما قاله صراحة في كلمته التي ألقاها في الجامعة العربية بأن التحالف المصري التركي معناه سيطرة الدولتين علي البحر المتوسط وهو مايحمل رسالة خطيرة لإسرائيل التي تحاول فرض هيمنتها عليه وتحاصر غزة من خلال سيطرتها علي هذا البحر.
خلاصة القول إن تركيا وهي تتجه بكل قوتها نحو التحالف مع مصر فهي تراهن علي المستقبل وعلي إرادة الشعب وتدرك أن غدا رائعا ينتظر مصر.
❊❊ ماهي أوجه التعاون المنتظر أن يثمر عنه هذا التحالف؟
هناك اتفاقيات سياسية وعسكرية واقتصادية، فبالنسبة للتحالف الاستراتيجي ظهر من خلال تشكيل مجلس مشترك عقد أول اجتماعاته وهناك لقاءات مرتقبة لتطوير العلاقات الاستراتيجية لأعلي مستوي، وهو ما يؤكد أنها ليست مجرد زيارة دبلوماسية عادية لكنها تنعكس في تكوين تحالف استراتيجي قوي.
❊❊ ما أهمية قيام مثل هذا التحالف لمصر ؟
التحالف يعد رسالة موجهة للعالم، أولا من الناحية الاقتصادية هو بمثابة تطمين وتشجيع لدول العالم للإقدام علي الاستثمار في مصر.
علي الجانب السياسي فإن تطوير علاقة تركيا بمصر تعد رسالة مهمة موجهة لإسرائيل مفادها أن أنقرة قادرة علي تكوين تحالفات أخري وتوطيد علاقاتها بشرفاء آخرين وأنها ليست بحاجة للتحالف مع تل أبيب.
إضافة إلي كل ذلك من المؤكد أن مصر وهي مقدمة علي بناء دولتها الديمقراطية الجديدة من المهم أن تأخذ في اعتبارها النموذج التركي الديمقراطي الرائع والذي يبدد مخاوف الكثيرين من أن وصول الإسلاميين للحكم يحمل مستقبلا مظلما، فالتجربة التركية أثبتت أن وصول هؤلاء لا يعني ذلك بل علي العكس فمن خلال التواصل والانفتاح علي الآخر استطاعوا أن يقودوا البلاد لما هو أفضل.
❊❊ رغم الأجواء العاصفة التي تمر بها علاقة أنقرة مع تل أبيب إلا أن العلاقات الوطيدة بينهما تجعل من الصعب تصور انتهاء التحالف بينهما يري البعض أن مايحدث بين الدولتين مجرد سحابة صيف؟
عندما اتخذت تركيا قرارا بتجميد علاقاتها العسكرية مع إسرائيل لم يكن ذلك اعتباطيا والواقع يشير إلي أنها ظلت تدرس لمدة عام جميع الاتفاقيات العسكرية التي أبرمتها مع إسرائيل والمعروف أن هذه الاتفاقيات تحقق ثلاثة أغراض، أولها الاستفادة من خبرة إسرائيل في مجال الطائرات بدون طيار، وطائرات ال 61 F ودبابات 06M. وعندما أقدمت تركيا علي توقيع هذه الاتفاقيات فإنها فعلت ذلك وهي تضع نصب عينيها أنها ستصل خلال فترة معينة للاكتفاء الذاتي بعد فترة ولن تكون في حاجة للخبرة الإسرائيلية وبالفعل نجحت تركيا في تطوير نفسها عسكريا خلال خمس سنوات بشكل كبير جدا ونجحت في تصنيع طائرات بدون طيار، لذلك أقدمت بصدر مفتوح علي تجميد اتفاقياتها العسكرية مع إسرائيل.
فتركيا تتحرك وفق مخطط مدروس وتعرف جيدا قيمة وخطورة وحجم كل خطوة تخطوها، وعندما دخلت في تحالفات عسكرية مع تل أبيب فعلت ذلك وهي آخذة في اعتبارها تقسيم شكل التعاون إلي ثلاثة أقسام، الأول يمكن إلغاؤه، وآخر يمكن تجميده وثالث يمكن تعديله، ومن ثم فهي لن تخسر مطلقا من قرارها الخاص بتجميد علاقاتها العسكرية مع إسرائيل.
❊❊ وما الفائدة التي تعود علي مصر في حالة ما اتجهت تركيا للتحالف معها وأعطت ظهرها لإسرائيل؟
يجب ألا نغفل أن تركيا عضو في حلف الناتو ووجود مثل هذا التحالف الاستراتيجي بين البلدين له دلالة وأهمية كبيرة لوضع مصر الإقليمي، كما أنه يصب في صالح تشكيل قوة إقليمية كبيرة يمكن أن تصبح القوة الأكبر علي الإطلاق. ولاشك أن تأثيرها سيمتد ليشمل العديد من القضايا المهمة والخطيرة في الشرق الأوسط علي رأسها القضية الفلسطينية فوجود هذه القوة سيدفع في اتجاه تحريك القضية في اتجاه يصب في صالح الشعب الفلسطيني ويشكل ضغطا كبيرا في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية.
❊❊ لكن مازلت أتساءل ما الذي يدفع تركيا للتقدم بكل ثقلها نحو مصر بالرغم من ضبابية الوضع وتأزمه وعدم استقراره ، تركيا بالطبع لاتجازف علام تراهن إذن في سياستها تلك؟
إقدام تركيا علي ذلك يعكس بعد نظر وذكاء سياسيا وقدرة علي قراءة المستقبل.. ظهر ذلك مبكرا مع بدايات الثورة وقبل تنحي مبارك في خطاب شديد اللهجة وجهه أردوغان لمبارك أكد له فيه أن الجميع فانون ولن يبقي إلا العمل الجيد، كان يراهن أردوغان وقتها علي إرادة (الشعب) واليوم عندما يضاعف من حجم الاستثمارات التركية في مصر فهو أيضا يراهن علي الشعب وهو ما ترجمته كلماته التي ألقاها في القاهرة في زيارته الأخيرة والتي أكد فيها أن الشعب الذي صنع معجزة في ميدان التحرير يستطيع أن يصنع الكثير وقال بالنص: (أنا سعيد لأنني شاهد علي تاريخ الثورة المصرية وأنني زرت ميدان التحرير وسأسجل في تاريخي هذه الزيارة، هو هنا يراهن علي أن إرادة الشعب المصري في النهاية ستتضمن تحولا ديمقراطيا ومستقبلا مشرقا لمصر، أردوغان أجاد قراءة المستقبل ورصد الصورة من بعيد فظهرت له أفضل علي عكس حالنا حيث تغرقنا تفاصيلها فتبدو الخطوات متعثرة تتقدم أحيانا وتتراجع أخري أما هو فرؤيته للمشهد البعيد تجعله أكثر قدرة علي التحليل والاستنتاج، ومن ثم فإن إقدامه علي زيادة حجم استثماراته في مصر لايعد غير محسوب فأردوغان حسبها جيدا ويعلم جيدا أن مستقبل مصر واعد.
❊❊ هي بالطبع ليست مغامرة غير محسوبة ونعلم جيدا أن البراءة وأعمال الخير ليست من شيم السياسة ولا شك أن هناك أجندة يتحرك أردوغان وفقها وهو يتجه بشطر تركيا نحو مصر .. تري ماهي الفائدة التي ستعود علي تركيا جراء التعاون والتحالف معنا؟ خاصة أن الكل يعلم رغبة تركيا في أن تصبح قوة لها ثقلها في المنطقة!
أتفق معك تماما أن عمل السياسة لا وجود فيه لعمل الخير لوجه الله وبالطبع لتركيا مصالحها لكن من الملاحظ أن تركيا وهي تتعامل مع دول الجوار والدول المؤثرة في المنطقة تعمل وفقا لمبدأ »لنربح سويا« فهي لاتسعي لتحقيق مصالحها علي حساب مصلحة الآخرين وإنما تفضل أن تفعل ذلك في إطار منفعة مزدوجة، وهي سياسة تحاول تركيا أن تلعبها، وأردوغان يدرك هذه الحساسية التي يمكن أن يتعامل معها البعض أمام التحرك التركي لذلك تعمد في خطابه الذي اعتبره رسالة موجهة للعالم العربي والإسلامي أن يتحدث لمدة 12 دقيقة عن مصر وإمكاناتها وقدرتها وحضارتها وتاريخها ومدي حبه لها، وأنها بلد الأزهر وبلد شوقي وعبدالباسط وأم كلثوم وهي أم الدنيا نطقها بالعربية وأن القرآن نزل في مكة وقريء في مصر وكتب في اسطنبول.
هي رسالة تعكس مدي تقديره لمصر ولمكانتها وكأن لسان حاله يقول »أنا أعرف قدر مصر ولا أستطيع إنقاص وزن مصر وثقلها الاستراتيجي معلنا عن نيته تحقيق مكاسب مشتركة للبلدين.. لذلك أري أن بين تركيا ومصر يمكن أن تنشأ علاقة تكامل مصالح وليس تقاطع مصالح.
❊❊ ربما نجح أردوغان في ترجمة هذه المشاعر بكلمة »مصر وتركيا يد واحدة التي تعمد أن ينطقها بالعربية!
هو بالفعل قالها كما رددها أيضا الجمهوري المصري الكبير الذي بالغ في احتفائه بأردوغان ليس فقط في المطار وإنما أيضا في اجتماعاته في الأزهر والجامعة العربية.
❊❊ بمناسبة الحديث عن الحفاوة التي استقبل بها المصريون أردوغان كيف ترصد ذلك وهل تري أن رئيس الوزراء التركي تحول إلي بطل في مخيلة الشعب المصري يفتقده من سنوات ويشتاق إلي ظهوره؟
لاشك أن الشعب المصري ينظر لأردوغان باعتباره نموذجا لزعيم يقود بلاده من نصر إلي آخر في كافة مجالات التنمية سواء في الاقتصاد أو في العلاقات الخارجية، والشعب المصري وكذلك الشعب العربي كله عاش طويلا وهو يحلم بهذا النموذج الذي يحقق نهضة لبلاده ويضع تجربة ديمقراطية رائدة وفي نفس الوقت يستطيع أن يقول »لا« لإسرائيل.. وهذه نقطة علي درجة كبيرة من الأهمية، فأردوغان فعل ما تمناه الشعب المصري الذي حلم بموقف قوي تجاه إسرائيل، عاش علي هذا الحلم الذي لم يتحقق طوال حكم مبارك الذي لم يقف موقفا علي درجة من القوة والصلابة كالذي يتمناها الشعب وتتناسب مع مكانة مصر، وإنما كان موقفه دائما متراخيا ومتخاذلا وشبه مساند للجانب الإسرائيلي، لذلك وجد الشعب في أردوغان النموذج القوي الذي نجح في مواجهة إسرائيل ونجح في طرد السفير الإسرائيلي، وازداد إعجابه به بالطبع بعد تلك الأحداث التي شهدتها سيناء بعدما قامت إسرائيل بقتل ستة من الجنود المصريين ولم يتخذ القائمون علي حكم البلاد موقفا يتناسب مع حجم الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل.
❊❊ وبماذا تفسر ذلك؟
يجب ألا ننسي هنا أيضا نقطة مهمة وهي أن أي رئيس لايستطيع اتخاذ قرارات صارمة وحاسمة مثل طرد للسفير أو تجميد علاقاته بدولة أخري إلا إذا كان منتخبا وكذلك في ظل حكومة منتخبة قوية تستمد شرعيتها من الشارع وهو وضع نفتقده في مصر لذلك من الضروري أن نلتمس قدرا من العذر في الموقف الرسمي المصري تجاه ماحدث من قبل إسرائيل، فلو حدث ذلك من حكومة منتخبة لكان الحكم عليها مختلفا، فيجب ألا نغفل طبيعة المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر وأنها ليست في حاجة لفتح جبهات جديدة أمامنا.
علي جانب آخر يجب أن ندرك أن أردوغان لم يتخذ قرار طرد السفير الإسرائيلي إلا بعد 15 شهرا من قتل إسرائيل للمواطنين الأتراك بعد هجومها علي السفينة التركية مرمرة التي كانت متجهة لتقديم المساعدات لغزة وفك الحصار عنها. قبل إقدامه علي هذه الخطوة قام بحزمة من الإجراءات لم تكن من ضمنها قرار الطرد، ثم قام بحزمة ثانية شملت هذا القرار وأن ندرك أيضا أن توقيت قرار الطرد له دلالته، فأردوغان لم يصدره إلا بعد نجاحه في الانتخابات واكتسب مزيدا من الشرعية، وبعدما نجح في تقليم أظافر الجيش التركي الذي كان متحكما في السياسة والاستراتيجية التركية بشكل كبير جدا، ولم يتمكن أردوغان من تقليص هذه الصلاحيات إلا منذ شهر ونصف فقط حيث نجح في ترويض قادة الجيش وإحداث تغييرات في القادة والأفرع الرئيسية للجيش لتقتصر مهمته علي الدفاع الخارجي فقط وليس التدخل في رسم السياسة وصنع الأحداث بعدما كان قلعة منفصلة. يتحكم في الحكومة، إلا أن أردوغان نجح مؤخرا في أن يكبح جماحه ليصبح الجيش يسير وفق رؤي الحكومة وليس العكس وهو ما يعد خطوة مهمة جدا لتحويل تركيا لدولة مدنية حقيقية. لذلك نجح أردوغان في النهاية في اتخاذ قرار مهم مثل طرد السفير بسهولة دون أن يكون هناك أي معارضة من قبل الجيش تعرقل هذه الخطوة.
❊❊ ما هو توقعك لرد فعل إسرائيل علي هذا القرار الخطير الذي اتخذه أردوغان ونحن نعلم جيدا أن لديها من أوراق الضغط الكثيرة، منها ورقة حزب العمال الكردستاني وقضية الأرمن التي كثيرا ما تلوح بها في مواجهة الموقف التركي المعارض لها خاصة إذا ما أقدمت بعد ذلك علي إقامة تحالف استراتيجي مع مصر؟
بالطبع هذا ماتفعله إسرائيل الآن علي الرغم من ردود أفعالها التي تبدو الآن هادئة تجاه قرار تركيا بطرد السفير بشكل أهدأ كثيرا مما هو متوقع واقتصر علي مجرد إبداء الأسف وإعلان الرغبة في عودة العلاقات واستمرارها علي المستوي الاستراتيجي والسبب في ذلك أن إسرائيل ليس من مصلحتها الآن أن تخسر الحليف التركي الأهم الآن في الشرق الأوسط والدليل علي ذلك أن نتائج التحقيق في الهجوم علي السفينة التركية مرمرة كان من المقرر إعلانه منذ ستة شهور إلا أن إسرائيل تعمدت تأجيل ذلك حتي لاتصل لمرحلة الصدام مع تركيا والتي حدثت فور صدور التقرير.
علي جانب آخر من المؤكد أن إسرائيل لن تقبل قيام تحالف استراتيجي بين مصر وتركيا، لذلك جاء رد الفعل الأخير ليعكس موقف تل أبيب المعارض للتحرك التركي حيث أعلنت إسرائيل أنها قد تتخذ مجموعة من الإجراءات ضد تركيا منها الدعم العسكري واللوجستي لحزب العمال الكردستاني، أيضا قيام اللوبي الصهيوني في أمريكا بالضغط علي الكونجرس لاتخاذ قرار بأن الأرمن تعرضوا للإبادة الجماعية من قبل تركيا، وبالتالي فإن إسرائيل بالطبع لديها أوراق ضغط يمكم أم يستخدمها ضد تركيا.
وتعمل بكل قوة علي عرقلة التوجهات التركية لكن في النهاية ستكون الغلبة للإرادة الأقوي.
❊❊ ومن يمتلك هذه الإرادة بشكل وبدرجة تفوق الآخر تركيا أم إسرائيل؟!.
صاحب الإرادة الأقوي هو من يعمل وفق مبادئ ولصالح شعبه ومن أجل الحق فبدون شك هو من سينتصر في النهاية، لذلك فإن تركيا علي يقين في كل خطوة تخطوها وتدرك وتتنبأ بماسيحدث في المستقبل، وتعرف أنها ربما تتكبد بعض الخسائر إلا أن إجمالي المكاسب التي ستحصل عليها سيفوق بكثير ما يمكن أن يتحقق من خسائر.. لذلك ستستمر تركيا في تحالفها الاستراتيجي وفي مواقفها التي تتخذها في صالح قضايا الشرق الأوسط،
❊❊ نعود إلي زيارة أردوغان لمصر والتي أعلن فيها عن تصوره لنظام علماني يراه هو الأصلح لمصر وهو ما أثار حفيظة الإخوان الذين قيل إن بعضهم رد عليه بإعلان الرغبة في خلافة إسلامية هل يمكن اعتبار ذلك بداية لخلاف بينهما؟
في الحقيقة أن أردوغان لم يستخدم مصطلح علمانية بشكل صريح، وإنما دعا إلي الحكم الديمقراطي والدولة المدنية التي تتسع للجميع ولاتفرق بين أحد المواطنين، لكن للأسف بعض الصحف اجتهدت وتقولت علي لسانه واعتبرت أن ماينادي به هو العلمانية، فأردوغان يفهم جيدا طبيعة الشعب المصري ويفهم الواقع السياسي ويدرك أن استخدام كلمة علمانية يمكن أن تثير حساسية لدي البعض وغير وارد علي الإطلاق أن تضاف هذه الكلمة في الدستور المصري هو يعلم ذلك جيدا وهو لم ينطق بهذه الكلمة فأنا تابعت كل كلماته وأؤكد علي ذلك أيضا أعلم أن الإخوان لم يعلنوا صراحة المطالبة بالخلافة الإسلامية، ردا علي كلمة أردوغان هذا علي حد علمي حتي الآن، لكن هناك إشكالية وهي كيف يري الإسلاميون الحكم في الفترة القادمة فهناك العديد من التساؤلات مطروحة في أوساط الإسلاميين منها هل يمكن اعتبار التجربة التركية نموذجا للإسلاميين؟ هذه التساؤلات مطروحة، لكن خصوصية التجربة التركية والتراث التركي الموجود جعلت من الصعب الإجابة علي هذه التساؤلات وهو ما يشكل حيرة لدي الأوساط الإسلامية وهناك خلاف حول مدي الاقتداء بالنموذج التركي؟
وهل يمكن اعتبارها إسلامية أم علمانية أم مزيجا؟؟ مازالت الأسئلة تشكل حيرة وهو ما يدفع لبعض التضارب في التصريحات بين الإسلاميين أنفسهم تجاه تقييمهم للحالة التركية الموجودة.
عموما فأنا لم ألمس التضارب والتعارض بين الإخوان في مصر وبين أردوغان بدا ذلك من استقبالهم الحافل لهم في المطار وعند مشيخة الأزهر وفي كلمته في الأوبرا فالإخوان يقدرون أن له ميولا إسلامية، كما أنهم يعتبرون التجربة التركية في صالح المشروع الإسلامي.
❊❊ تري ما هو أثر نجاح التحالف المصري التركي علي المنطقة!
التحالف بلاشك سيحمل الكثير للبلدين، وإن كان في نفس الوقت سيعرضهما لمزيد من الضغوط الإسرائيلية، ونعلم جميعا حجم التسريبات التي تعمدت إسرائيل بثها للتأكيد علي أنها لن تقف صامتة وأنها لن تقف مكتوفة الإيدي تجاه التحالف التركي المصري وستحاول إجهاضه بكل قوتها، ولن تتوقف علي اتخاذ أي إجراء يعرقل هذا المشروع، ويدخل في هذا الإطار مجموعة الأحداث غير المبررة التي شهدتها مصر. منها علي سبيل المثال حادث الهجوم علي السفارة الأخير، واعتقد أن هذه النوعية من الحوادث ستتزايد خاصة في الفترة القادمة وإلي مابعد إجراء الانتخابات فمن مصلحة إسرائيل ألا تستقر الأوضاع في مصر. كما أنه من مصلحتها أن تظل علاقتها بمصر كما كان عليه الحال أثناء النظام السابق، ومن مصلحتها أيضا ألا تنجرف مصر أكثر في الاتجاه التركي.
❊❊ وإلي أي مدي تتوقع نجاحها في تحقيق هذا المخطط الدنيء؟!
الأمر يتوقف علي إرادتنا، يجب أن تكون قوية علي المستويين الشعبي والرسمي وأن تستمر في مواجهة أي ضغوط يمكن أن تمارسها إسرائيل وتدرك جيدا أن إسرائيل لن تكف عن جرائمها وضغوطها وعليه يجب أن نكون علي استعداد تام لمواجهة ذلك وأن تمتلك من الإرادة والقوة مانرد به علي كل هذه الضغوط.. ولاشك أن التحالف المصري التركي سيدعم موقف مصر ويساعدها في هذه المواجهة، كما أنه سيكون داعما للحركات الثورية في سوريا واليمن ومساندا للثورات المصرية والتونسية، ومؤازرا للقضية الفلسطينية، ولاشك أن هذا التحالف سيلقي تأييدا ودعما من قبل الدول الخليجية التي ستراه مهما لمواجهة المد الإيراني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.