'اذا كان أردوغان يعتزم على تحريض الجمهور المصري ضد اسرائيل، فليستعد ايضا لان يرسل الجيش التركي لتفريق المظاهرات التي ستقع في القاهرة في أعقاب ذلك'. هكذا اقترح أمس كاتب مصري في حديث مع 'هآرتس'، وأضاف بان 'الموقف من اسرائيل لن يقرره لنا أحد من الخارج، وبالتأكيد ليس من يستخدم بنفسه سلاحا اسرائيليا ضد الاتراك. وكما تعرف، عندما يصل الامر الى كراهية اسرائيل، فان المصريين يعرفون كيف يقومون بالمهمة بأنفسهم'. ولكن هذه الامور لن تمنع اردوغان من أن يدلي اليوم باقوال قاسية تنديدا باسرائيل ايضا، حين سيلقي خطابا تاريخيا ل 'العالم الاسلامي' في ميدان التحرير (او في مبنى الاوبيرا الامر منوط باي مصدر نستند). زيارته التي تستغرق يومين الى القاهرة والتي سيواصل بعدها الى ليبيا وتونس، كجزء من حملة تبني الانظمة الجديدة ترمي الى بناء تحالف استراتيجي واقتصادي مع مصر. معنى هذا التحالف لا يزال غامضا، وذلك لان مصر الرسمية نفسها، ولا سيما طنطاوي، يتعاطون مع تركيا بتقدير كبير، ولكن بتخوف أيضا. مبارك حرص في سنوات ولايته على ابعاد تركيا، ولا سيما اردوغان، من التدخل في المسيرة السلمية مع الفلسطينيين. وقد احتسب اقتراب تركيا من سوريا وايران تهديدا استراتيجيا على دائرة النفوذ العربي بشكل عام والمصري بشكل خاص. القرار المصري (بتأثير أمريكي كثيف) لعدم السماح لاردوغان بزيارة غزة رغم تصريحه الذي قال فيه اني 'اعرف بان اخواني في غزة ينتظرونني' يرسم حدود استعدادهم للسماح لاردوغان بالعمل في الساحة التي يرون فيها احتكارا مصريا. وقد قبل اردوغان بالقرار المصري وشرح بانه غير معني 'باثارة توترات قد تنبع من الزيارة'. مصر، التي حجم تجارتها مع تركيا يقدر بمليار ونصف مليار دولار، تحتاج الى الاستثمارات التركية. ولكنها غير مستعدة لان ترتبط بمثل هذا التحالف الذي يلزمها بتنسيق سياستها في الشرق الاوسط او مع اسرائيل. المجلس العسكري الاعلى، الذي يعمل بنشاط كي يهديء عاصفة اقتحام السفارة الاسرائيلية (وفي واقع الامر يتعرض بنفسه لانتقاد شديد، سواء على فشله في حراسة السفارة أم بسبب عدم طرد السفير بعد العملية في طريق ايلات والتي قتل فيها جنود مصريون)، لا يحتاج الى ضيف رفيع المستوى يأتي ليثير الشارع من جديد. في تركيا أيضا يقول مسؤولون كبار ان اردوغان لا يعتزم تحويل الازمة الاسرائيلية التركية الى جبهة تركية عربية. وعلى حد قول رجل وزارة الخارجية التركي، 'حسابنا مع اسرائيل يتعلق بشؤون ملموسة بيننا يمكنها أن تجد حلها، ولا نطلب من أي دولة اخرى التجند في صالحنا. وقد سبق أن اعطت تركيا نموذجا كيف ينبغي أن تتصرف مع دولة تستخدم بكرامتها، وكل دولة مستقلة تقرر اذا كان هذا النموذج جيدا في نظرها أم لا. ولكن سبق لاردوغان ان اثبت بان بوسعه أن يفاجىء حتى مستشاروه، مثلما فعل في الدراما التي أثارها في لقاء دافوس في العام 2009. ومن هنا، ليس اسرائيل وحدها في توتر قبيل كلمته في مصر، بل والمصريون ايضا أنفسهم غير هادئين. خطابه الى العالم الاسلامي، على نموذج خطاب اوباما من القاهرة في حزيران 2009 وان كان سيدافع عن حركات الاحتجاج وعن التطلع الى الديمقراطية في الشرق الاوسط، ولكنه قد يثير ذكريات قديمة في اوساط الدول الاسلامية، والتخوف من 'سلطان' جديد يسعى الى استئناف الهيمنة العثمانية. اسرائيل، التي ترى في زيارة اردوغان الى مصر مسعى لاقامة تحالف استراتيجي ضدها، غير معفية من أن تعالج كل واحدة من شبكات علاقاتها على انفراد. شروط المصالحة مع تركيا معروفة، ومن يقتبس في كل يوم اقوال اردوغان عن اسرائيل يمكنه أن يوقفها ايضا بهذه الشروط. حيال مصر لا تزال اسرائيل ملتزمة بالتحقيق الكامل في قتل الجنود المصريين، واذا كانت هناك ضرورة أن تدفع التعويضات أيضا. الزمن لا يعمل في صالح حل هاتين الازمتين، ومن شأنه أن يثبتهما. المصدر : جريده القدس