قال سكان ونشطاء أمس الأحد، إن قتالاً عنيفًا اندلع بين المعارضة المسلحة والقوات الحكومية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في محافظة دير الزور الشرقية المنتجة للنفط، عشية انتخابات برلمانية تقول السلطات إنها تظهر أن الإصلاحات السياسية تجري في البلاد.
وقال السكان والنشطاء، إن المعارضة المسلحة بالقذائف الصاروخية هاجمت مواقع للدبابات في شرق مدينة دير الزور ردًا على هجوم الجيش ضد بلدات وقرى في المحافظة القبلية الواقعة على الحدود مع العراق، أسفر عن مقتل العشرات ومنع آخرين من الحصول على الإمدادات والرعاية الطبية.
وقال غيث عبد السلام- الناشط المعارض الذي يعيش قرب طريق غسان عبود الدائري الذي أصبح مركزًا للقتال في المدينة، "ليس لدينا عدد للقتلى لأن لا أحد يجرؤ على الخروج إلى الشوارع"، وأضاف أن حدة القتال تراجعت في الصباح الباكر بعد أن اندلع خلال الليل، وقال "حوصر السكان والغضب يتزايد".
وما زال الجيش السوري يحتفظ بدبابات وأسلحة ثقيلة في المدن والبلدات في مخالفة لوقف إطلاق النار الذي يراقبه فريق من مراقبي الأممالمتحدة، كما تواصل المعارضة المسلحة هجماتها على القوافل العسكرية ونقاط التفتيش التابعة للجيش التي عزلت مناطق واسعة من سوريا -حسب شهود عيان ومصادر بالمعارضة.
ووصل 50 من بين 300 مراقب تابعين للأمم المتحدة إلى سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في 12 ابريل، لكن وجودهم لم يوقف العنف المستمر منذ 14 شهرًا.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان- وهي منظمة معارضة تقوم بتوثيق حملة القمع، إن "قوات الأسد قتلت ثلاثة أشخاص اليوم الأحد، بينهم علي عرنوس وهو شاب في بلدة التل شمالي دمشق".
وأظهرت لقطات فيديو حملت على موقع يوتيوب، ألوف الأشخاص وهم يمشون في جنازة عرنوس ويرددون هتافات التأييد للشهداء وأسرهم، ويحملون علمًا سوريًا أخضر كبيرًا يعود إلى ما قبل سيطرة حزب البعث الذي يتزعمه الأسد على السلطة في انقلاب عام 1963.
واكتشفت مقبرة تضم جثث ستة أشخاص، قالت الشبكة إن قوات الأسد قتلتهم في أورم الجوز في إدلب. وكان الجيش اجتاح أورم الجوز ضمن عشرات البلدات والقرى بادلب في الشهور القلائل الماضية.
ومن الصعب التحقق من اللقطات أو الروايات الصادرة عن النشطاء بشكل قاطع بسبب القيود التي تفرضها الحكومة على وسائل الإعلام.
وتقول السلطات، إنها تقاتل ما تصفها بأنها جماعات إرهابية مسلحة مدعومة من الخارج تعتزم تخريب ما تصفه وسائل الإعلام الحكومية بأنه برنامج شامل للإصلاحات، يقوده الأسد أكثر تطورًا من الديمقراطيات الغربية.
وتتحدث السلطات عن الانتخابات البرلمانية التي تجرى يوم الاثنين باعتبارها نموذجًا لهذا الإصلاح.
لكن المعارضة تقول، إن هذه الإصلاحات لن تحدث تغييرًا يذكر في برلمان يصدق على ما تفرضه الحكومة آليًا، وقد اختارت أسرة الأسد الحاكمة أعضاءه، وتدعمه الشرطة السرية القوية منذ أربعة عقود.
ولا يضم البرلمان في الوقت الحالي أي عضو معارض، وقالت وسائل الإعلام الرسمية إن نصف المقاعد سيخصص للعمال والفلاحين التي يسيطر حزب البعث الذي يتزعمه الأسد على نقاباتهم.
وقال باسم إسحق- الناشط المعارض الذي خسر في الانتخابات البرلمانية عامي 2003 و2007، إن "شيئًا لم يتغير، وإن النظام السياسي في سوريا ما زال فاسدًا بشكل كامل، وإن نتيجة الانتخابات ستكون محددة سلفًا". وأضاف أن هناك مقاعد قليلة جدًا للمستقلين وإن هذه المقاعد ستؤول إلى الأسهل انقيادًا.
وزار وزير الداخلية السوري محمد نضال الشعار، مدينة حلب الشمالية أمس الأحد، وقال إن المدينة التجارية والصناعية المهمة مستعدة للانتخابات.
وقال الشعار الذي أحاط به مسؤولون انتخابيون متحدثًا لوسائل الإعلام الحكومية، إن كل الموارد قد أتيحت لضمان مرور العملية الانتخابية بسهولة ويسر.
وامتدت الاحتجاجات المناهضة للحكومة إلى حلب بعد أن قتلت قوات الأسد سبعة طلاب من المحتجين في جامعة حلب الشهر الماضي. ويقول شهود عيان إن مظاهرات الشوارع التي تطالب بسقوط الأسد تتزايد في أنحاء البلاد بعد وصول المراقبين.
ويعتمد الأسد الذي تؤيده حليفته القديمة روسيا ويدعمه حكام إيران، على الجيش الذي تسيطر عليه طائفته العلوية الشيعية لإخماد الانتفاضة ضد حكمه القمعي. وعلى خلاف قادة تونس ومصر وليبيا واليمن الذين أسقطتهم انتفاضات الربيع العربي، احتفظ الأسد بما يكفي من الدعم داخل الجيش ومن طائفته العلوية التي تسيطر على الجيش والأجهزة الأمنية لسحق الانتفاضة الشعبية.
وما زالت النخبة الحاكمة تملك خطوط إمداد مفتوحة من العراق ولبنان في مواجهة العقوبات الغربية. وفي لبنان تقود جماعة حزب الله الشيعية التأييد للأسد.
وزار مراقبو الأممالمتحدة بلدتي مضايا والزبداني بالقرب من الحدود اللبنانية أمس الأحد. وقصف الجيش السوري مضايا ومنتجع الزبداني القريب الذي شهد مظاهرات منتظمة تطالب بتنحي الأسد على مدى أسابيع قبل الاتفاق مع المتمردين في يناير على وقف إطلاق النار.
وفي الزبداني علقت صور شبان قتلتهم قوات الأسد على المتاجر وواجهات البنايات. وكتب على ملصق يسخر من انتخابات اليوم الاثنين، "انتخبوا مرشحكم للانتخابات البرلمانية الشهيد نور عدنان الدلاتي"، وكتب على آخر "انتخبوا الشهيد عصام حسن طاسة".