فى نوفمبر 2011 وقف شعبان للمرة الأولى فى حياته فى طابور طويل، لكى يختار الميكروفون والريشة والميزان. وبجوار أحد سكان العمارة التى يحرسها شعبان فى المقطم، راح يتعرف على رموز من يريد انتخابهم، لأنه لا يعرف القراءة أو الكتابة.
«كان كل تفكيرى ان البلد ينصلح حاله وولادى ما يبقوش فى اللى أنا فيه».
شعبان محمد، 33 عاما، واحد من الأميين فى مصر الذين يقرب عددهم من 12 مليون أمى أى ما يعادل 28 % من عدد السكان، وفى تقارير أخرى تصل تلك النسبة إلى 45%.
ورغم أن شعبان لا يجيد القراءة والكتابة الا انه يعرف قراءة الاسماء على الهاتف المحمول، فزوجته الحاصلة على الدبلوم ترسم له الحروف ويحفظها لكى يستطيع قراءتها بعد ذلك.
وفى الوقت الذى يتابع فيه شعبان مرشحى الرئاسة بشغف ويسأل عن رموزهم، ظهرت مطالب تبناها مجدى الشريف رئيس حزب حراس الثورة وممثل حركة مستمرون بمنع الأميين من المشاركة فى التصويت فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
«الانتخابات البرلمانية الاخيرة أكدت انها غير معبرة عن الشعب، والإخوان والسلفيون اعتمدوا على خداع الناس واستخدام الشعارات الدينية من أجل التصويت لصالحهم، مستغلة الاميين فى التصويت للرمز الانتخابى لمرشحيهم دون معرفة الناخب بهوية المرشح الذى يصوت له، على الأقل يتم منعهم فى الانتخابات الأولى إلى أن يتم وضع خطة لمدة 4 سنوات لمحو الأمية»، هكذا برر الشريف موقفه من تصويت الأميين.
صوت شعبان فى الانتخابات البرلمانية كان من نصيب حزب الحرية والعدالة، «كانوا أقرب ناس كلنا نعرفهم لأن الإعلام ماكنش بيقول ليل ونهار غير الحرية والعدالة، وماسمعناش عن الباقى، حتى كنت عايز اعرف الشباب اسمهم إيه»، لكنه يرد على رئيس حراس الثورة قائلا «بدل ما تمنع اللى مش بيعرف يقرأ ويكتب فهمه، واختيار الرئيس مش محتاج شهادة جامعة».
وطبقا لتقرير اليونسكو جاءت مصر فى المركز 119 دوليا. وضمن أول 9 دول من حيث عدد الأميين فى العالم.
«لا نستطيع اقصاء 30% من المجتمع وتلك الدعوات دليل على التعصب والعنصرية» علق دكتور شبل بدران عميد كلية التربية جامعة الإسكندرية.
ويضيف «حتى الدول المتخلفة أكثر مننا مثل السودان وموريتانيا لم تقص الأميين لأنه حق دستورى ولذلك تم اختراع فكرة الرموز لكى تسهل على الشخص الأمى التصويت فى الانتخابات».
انتخابات الرئاسة مختلفة عند شعبان الذى قرر التعرف على برامج مرشحى الرئاسة فى التليفزيون قبل أن يقف فى الطابور الطويل مرة أخرى، «مراتى مش عايزه تروح الانتخابات بعد اللى شافته من الإخوان فى مجلس الشعب، بس أنا لسه عندى أمل أن ولادى يعيشوا عيشة أحسن منى».