بغداد.. الموصل.. الكوفة.. الأعظمية.. وحتى سوق الهرج، أسماء مدن ومناطق عراقية ترددت بقوة خلال اليومين الماضيين على ألسنة المصريين اصحاب الحوالات الصفراء، الذين بدأوا الاحد الماضى صرف قيمة حوالاتهم المستحقة لهم والبالغة 408.38 مليون دولار، حولت من قبل الحكومة العراقية قبل نحو اسبوعين «الشروق» تحدثت مع بعضهم عن ذكريات العمل فى مدينة الخلافة العباسية وأمجاد اخرى محملة بتاريخ حضارى وإنسانى كبير. «كيف للإنسان أن ينسى أفضل سنين عمره؟» بهذا العبارة بدأ أحمد محمد أحمد، من مدينة القناطر الخيرية، كلامه متذكرا ال14 سنة التى عمل بها فى عدة مدن عراقية، ومؤكدا ان «المصرى تعامل افضل معاملة داخل العراق، لدرجة تفوق معاملة ابناء البلد انفسهم»، وبحسب كلامه، فإن «سبل الرزق كانت مفتوحة أمام كل من يريد».
محمد الذى يبلغ من العمر 64 عاما والذى كان يمتلك مطعما للوجبات الجاهزة ، قال إن «ما أشيع من إجبار المصريين على التجنيد فى جيش العراق الذى دخل فى حرب طويلة مع ايران غير صحيح على الإطلاق»، مؤكدا ان المصريين كانون يتطوعون للحصول على المزايا التى كانت تقدم لأفراد الجيش هناك من مرتبات ومساكن وحوافز، «ايام الحرب فى العراق كنا سعداء حيث كانت الأموال والسلع وفرص العمل وفيرة ومن يقول غير ذلك يكذب».
سمير محمد أحمد، من منطقة روض الفرج، وأحد حاملى «الحوالات الصفراء» أكد أن له مستحقات عن عمل 8 سنوات عمل خلالها فى صناعة الزجاج فى العراق من خلال سوق الهرج، وهو سوق معروف هناك متخصص فى بيع السلع القديمة بجميع أنواعها، والمصريون كانون يسيطرون عليه بشكل كبير من خلال المحلات والفراشة الارضية، وكان يدر دخلا كبيرا بحسب سمير، الذى يذكر تلك الايام بانها كانت احسن للمصريين من وضع مصر بشكل كبير، متمنيا «لو ورجعت تلك الايام التى كان كيلو اللحم فيها ببغداد لا يتجاوز ثلاثة ريالات».
وقد شهدت فروع البنوك الاربعة التى يصرف من خلالها قيمة تلك الحوالات زحاما شديد لليوم الثالث على التوالى، وسط تدفق من المحافظات المختلفة على فرع «مصرف الرافدين» العراقى بمنطقة الدقى، الذى يمتلك خريطة كاملة لجميع تفاصيل الحوالات، حيث كان معظم المصريين العاملين فى الخارج يقومون بتحويل اموالهم من العراق على بنوك المصرية بالإضافة الى البنوك العراقية الأخرى «الإمام الأعظم، والناصرية، ودجلة، وعقبة بن نافع»، التى كانت ذكريات المصريين عنها لا تنقطع طوال ساعات الانتظار الطويلة امام البنوك «الاهلى ومصر والاسكندرية والعربى الافريقى» التى يتم منها الصرف.
صابر محمد القادم من سوهاج بحثا عن اسمه من خلال بنك «الرافدين» يقول إن المصرى كان يحصل على «تموين الشهر» زيت.. سكر.. أرز.. وسلع اخرى مدعومة من الحكومة العراقية، مثله مثل العراقى، وكان يتوفر لديه فائض كبير «حتى الدقيق» كان يتم التخلص منه لأنه كان يفسد من طول مدة التخزين و«نحن فى مصر نتخانق على ب50 قرشا عيش كل صبح» على حد قوله.
والسؤال الذى يبحث اصحاب الحوالات الصفراء عنه اين فوائد تلك الاموال التى تزيد مدتها عن عشرين عاما، ولا يوجد من يقدم لهم الاجابة، رئيس احد البنوك قال ل«الشروق» أن مهمة البنوك محصورة فى صرف المبالغ المحولة اليها، مع الحصول على عمولة تصل الى 1% وذلك دور الخارجية المصرية والقوة العاملة.
ونتيجة لتزايد أعداد المستحقين الذين تجمهروا أمام مصرف الرافدين العراقى خلال اليومين الماضيين، والذى خصصه البنك «المركزى» لتلقى الشكاوى، اضطر موظفوه إلى النزول من مكاتبهم إلى الشارع ليتلقوا الشكاوى ، ويقدموا النصائح للناس، خاصة أن الكثير منهم أتوا من المحافظات نظراً لعدم علمهم بإمكانية الصرف فى محافظاتهم، مع الاستفسار عن اشياء اخرى منها اذا كان الشخص يمتلك اكثر من حوالة.
وقال عدد من اصحاب الحوالات إن ابرز العقبات التى تعترض تسهيل صرفهم مستحقاتهم على مدار الايام الثلاثة الماضية، هى قلة عدد منافذ الصرف، فالبنوك لم تستعد بشكل كامل لتسهيل عملية الصرف رغم تعدد الفروع. فى المقابل يرى مسئولون بالبنوك التى لها حق الصرف أن تهالك اصل الحوالة يعد ابرز مشاهد الايام الثلاثة، خاصة أن ذلك الاصل يرجع الى اكثر من عشرين عاما، وهو الامر الذى نحاول التغلب عليه من خلال بيانات القوة العاملة والخارجية والتى نسقت مع البنك المركزى فى ذلك الامر.
ومن المرجح ان تزيد بعض الفروع عدد ساعات العمل لتصل الى التاسعة مساء بدلا من السادسة، وهو ما كان مقررا خلال الاتفاق الذى تم اقراره قبل اسبوع بين البنوك الاربعة والمركزى. ولم تستبعد المصادر المصرفية التى تحدثت الى الشروق فتح بعض الفروع ايام الاجازات الرسمية «الجمعة والسبت» لمواجهة التكدس الذى اصاب الفروع الرئيسية فى بعض المناطق.
وقد وصل عدد من قام بالصرف فى بعض البنوك خلال اليومين الأول والثانى الى نحو 10 آلاف فرد، خاصة فى الفروع الكبرى فى محافظة القاهرة التى شهدت زحاما شديدا اثر على حركة المرور فى مناطق مثل وسط القاهرة.