يوما بعد يوم تتصاعد حدة الاحتقان بين مصابى وأسر شهداء الثورة والحكومة، حيث إنها تدرجت من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، إلى اقتحام مقر «المجلس القومى لرعاية مصابى وأسر شهداء الثورة» والاعتداء على موظفيه، وصولا إلى تحرير محاضر وتقديم بلاغات إلى النائب العام من قبل المصابين ضد الأمين العام لمجلس رعاية مصابى وأسر شهداء الثورة د. حسنى صابر. وكل ذلك جاء بعد تبادل الاتهامات بين المصابين وأسر الشهداء وصابر، الذين اتهمهم بعض المصابين ب«البلطجية، لأنهم يحرضون المصابين ضد المجلس والاندساس بينهم دون مبرر، رغم صرفهم مستحقاتهم المالية كاملة».
وقرر الأمين العام للمجلس وقف استقبال أى حالات لإجراء الكشف عليها من خلال القومسيون الطبى فى المجلس، حيث إنه تم توقيع الكشف على 800 حالة خلال ال3 أيام الماضية، وسيتم تخصيص الشيكات للمستحقين منها، بالإضافة إلى 1115 مصابا صرفوا مستحقاتهم بالفعل، فضلا عن اتخاذ المجلس قرار إعادة إجراء القومسيون الطبى على بعض المصابين الذين أثيرت بعض الشكوك حول كونهم من مصابى الثورة.
وكانت وزارة المالية قد أوقفت صرف المستحقات المالية لمصابى وأسر شهداء الثورة أمس الأول؛ لتكرار محاولات بعض المصابين اقتحامها، واشتبكوا مع الموظفين بالوزارة ومحاصرتها لفترة تزيد على 3 أيام متتالية، تسببت فى عرقلة حركة العمل بالوزارة، مما اضطرها إلى وقف صرف الشيكات ومطالبة جميع الموظفين بالتوجه إلى المجلس القومى لرعاية مصابى واسر شهداء الثورة لصرف مستحقاتهم.
ويقول أحد المصابين إسماعيل حميد وهو شاهد عيان على الاشتباكات التى حدثت عصر أمس الأول أمام مقر وزارة المالية ل«الشروق» أن «هناك العديد من المصابين لم يتم صرف مستحقاتهم بعد، ومماطلة الحكومة فى صرف مستحقات المصابين هى السبب فى جعلهم أكثر تحفزا ضد المسئولين».
ومن جانبه استنكر صابر ما حدث من أعمال عنف ضد وزارة المالية مما أدى إلى اتخاذها قرار الوقف، مؤكدا أن هناك عناصر مندسة بين المصابين هى التى تحرض على أعمال الشغب و«الاعتداء على المنشآت العامة ليست من أخلاق الثوار».
وأعلن صابر ل«الشروق» أنه ستتم مخاطبة وزارة المالية لإعادة فتح أبواب صرف مستحقات المالية، نافيا قدرة المجلس على صرف المستحقات، حيث إنه غير مؤمن على الإطلاق قائلا: «وزارة المالية بكل وسائلها التأمينية لم تتمكن من منع الاعتداء عليها فكيف يتمكن المجلس من ذلك؟».
موظفو المجلس: اعتداءات المصابين علينا متكررة
وليد ربيع أحد موظفى المجلس يقول: «عملنا بالصندوق منذ إنشائه فى الأول من يوليو الماضى وتعرضنا للعديد من الاعتداءات من قبل المصابين، حيث إنهم غير قادرين على استيعاب موقف الموظفين الذين لا يملكون سوى تنفيذ القرارات فقط وليس إصدارها».
وتابع ربيع «قررنا اللجوء إلى الاعتصام بعد تصاعد حدة الاعتداءات علينا من قبل المصابين»، موضحا «أن المصاب يرغب فى الحصول على جميع حقوقه من الموظف الموجود أمامه، وفى حالة عد نجاحه فى ذلك تصل حدة انفعاله إلى الاشتباك بالأيدى مع الموظف الذى يحاول بجميع جهده ضبط نفسه واحتواء الموقف وتقدير الحالة النفسية المشحونة التى يعانى منها المصاب».
وأشار إلى وجود عناصر تحريضية تندس بين المصابين، وتعمل على تهييج الموقف دون أى مبررات حقيقية، مشيرا إلى أن هذا الأسلوب تسبب فى تحرير عدة محاضر ضد المصابين من قبل عدد من الموظفين الذين أصيبوا بأضرار جسيمة.
مصابون: لا نجد مسئولا يتحدث معنا
الموظفون يبررون انفعالهم الزائد أحيانا على موظفى «المجلس القومى لرعاية مصابى وأسر شهداء الثورة»، وفى هذا السياق يقول جلال حماد، أحد المصابين «أصبت بطلق مطاطى فى ساقى والغضروف فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، والتقارير الطبية أثبتت أننى معرض للعجز فى أى وقت إذا تأخر علاجى نتيجة لقطع نصفى فى الغضروف يعوقنى عن الحركة»، متابعا «تقدمت بتظلم إلى المجلس لحصولى على 5 آلاف جنيه فقط والعملية التى أحتاجها تتكلف 23 ألف جنيه».
وتابع حماد الذى يعمل فى مجال الأعمال الحرة «لا نجد مسئول من المجلس للتحدث معه، بالرغم من قدومى يوميا من المنصورة إلى القاهرة مما يتسبب فى تدهور حالتى الصحية دون جدوى حيث أن المجلس خالى من الموظفين والمسئولين»، مضيفا: «نريد أن نعرف من المسئول عن هذا المجلس الوهمى»، على وصفه.
ويتفق معه محمد عصام محام وهو أحد مصابى أحداث «محمد محمود» الذى رفض تجاهل المجلس للمصابين وحالاتهم مقررا اللجوء إلى القضاء، موضحا ل»الشروق» أنه أصيب فى قدمه اليسرى بطلقين ناريين سببوا له عجز فى تلك القدم.
ويقول عصام: «سلمت أوراقى وأصل التقارير الطبية لحالتى للمجلس منذ بداية إنشائه، ومؤخرا ترددت على المجلس عدة مرات لأجده مغلقا لا يستقبل أى حالات، وكأنه لم ينشأ من الأصل»، مضيفا: «المسئولون عن المجلس نجحوا بالفعل فى إدخال مصابى الثورة فى حالة من اليأس من الحصول على حقوقهم».
كيف يتم تحديد مصاب الثورة؟
كيف يمكن تحديد مصاب الثورة ومدى أحقيته فى التعويض؟ سؤال طرحناه على د. حسنى صابر، الأمين العام ل«المجلس القومى لرعاية مصابى وأسر شهداء الثورة»، فقال «إن مصاب الثورة يجب أن يتقدم بأصل تقرير بحالته من مستشفيات تابعة لوزارة الصحة، بالإضافة إلى أصل محضر النيابة، على أن يكون المصاب قد توجه بهم إلى القومسيون الطبى بالمجلس لمعرفة مدى أحقيته فى الحصول على التعويض المالى، وبناء على نسبة عجزه التى يحددها القومسيون، يتوجه مستحقى التعويض إلى وزارة المالية لصرف تعويضاتهم.