قال ناشطون إن قوات الأمن السورية قتلت بالرصاص 19 شخصا على الأقل وأصابت عشرات آخرين لدى قمعها احتجاجات بعد صلاة الجمعة مثيرة شكوكا فيما إذا كان بوسع خطة للجامعة العربية وقف إراقة الدماء. وذكر التلفزيون السوري أن الحكومة أمهلت حاملي السلاح اسبوعا اعتبارا من اليوم لتسليم أنفسهم وأسلحتهم في إطار عفو ما داموا "لم يرتكبوا جرم القتل".
ولا يبدو أن هذه اللفتة جزء من خطة الجامعة العربية التي أعلنت سوريا قبولها يوم الأربعاء والتي تتضمن خروج الجيش من المدن التي تشهد احتجاجات والإفراج عن السجناء السياسيين وبدء حوار مع المعارضة خلال أسبوعين.
وردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند بالرفض عندما سئلت عما إذا كانت تعتقد انه يجب على السوريين المشاركة في هذا العفو. وقالت " لا انصح أحدا أن يسلم نفسه لسلطات النظام في الوقت الحالي".
واتهمت الحكومة السورية بعدم تنفيذ خطة الجامعة العربية وقالت إن الولاياتالمتحدة لا تثق في أنها ستفعل ذلك. وأردفت قائلة للصحفيين"لدينا تاريخ طويل وعميق من نقض نظام الأسد لوعوده". وزاد العنف منذ إعلان اتفاقية الجامعة العربية وسط تقارير عن عمليات قتل طائفي.
وأطلقت قوات الأمن النار على الاحتجاجات التي اندلعت بعد صلاة الجمعة في عدد من البلدات وقال ناشطون إنها قتلت سبعة أشخاص على الأقل في بلدة كناكر إلى الجنوب من دمشق وتسعة في مدينة حمص حيث استخدمت الدبابات مجددا وشخصا آخر في ضاحية سقبا قرب العاصمة.
وأضافوا أن محتجين آخرين قتلا في مدينة حماة الواقعة على بعد 240 كيلومترا شمالي دمشق عندما أطلقت قوات الأمن النار على عدة آلاف من المحتجين الذين حاولوا السير إلى ميدان العاصي الرئيسي الذي شهد مظاهرات ضخمة قبل اقتحام الدبابات المدينة قبل ثلاثة أشهر.
وقال محمد احد سكان كناكر عبر الهاتف "سقط كثيرون على الأرض مصابون بالرصاص ونخشى أن يكون بعضهم قد مات".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان نقلا عن ناشطين في كناكر إن جنديا عمره 20 عاما تمرد أثناء إطلاق وحدته النار على المحتجين في البلدة وقتل خمسة من أفراد قوات الأمن من بينهم ضابط برتبة عقيد قبل إطلاق النار عليه وقتله.
وأدت القيود الصارمة المفروضة على وسائل الإعلام إلى صعوبة التحقق من صحة الأحداث منذ أن بدأت الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد في مارس.
ونفى التلفزيون الحكومي سقوط أي قتلى وبث صورا من أماكن قال إن تقارير وردت عن احتجاجات بها.
وتظهر اللقطات مصلين يغادرون المساجد في هدوء بعد الصلاة. وقال إن أربعة من رجال الشرطة أصيبوا بطلقات نارية من "جماعات إرهابية مسلحة في كناكر".
لكن مقاطع مصورة نشرت على موقع يوتيوب قيل إنها من مدن وبلدات سورية مختلفة أظهرت آلاف الأشخاص وهم يلوحون بالأعلام وبعضهم يرددون هتافات ضد الأسد.
وفي احد المقاطع المصورة من بلدة طيبة الإمام قرب حماة ظهرت حشود تسير في شارع رئيسي ونصبت على البنايات أعلام سورية ضخمة تعود إلى عهد ما قبل حكم حزب البعث إلى جانب العلم الذي اتخذه الثوار الليبيون الذين أطاحوا بمعمر القذافي. وهتف الناس في حشد في بلدة دير بعلبة قرب حمص "الشعب يريد إعدام الأسد".
وأصبحت حمص مركزا للاحتجاجات والمعارضة المسلحة المتزايدة للقوات الحكومية. وقال ناشطون إن نيران الدبابات والقناصة قتلت 22 شخصا على الأقل في المدينة التي تقع في وسط سوريا يوم الخميس أغلبهم في حي باب عمرو القديم.
ويشير العنف في حمص حيث تواصل الدبابات قصفها لليوم الثاني على التوالي إلى مدى صعوبة تنفيذ المبادرة العربية في سوريا التي تشهد صراعا داميا بين الأسد والمطالبين بإسقاط حكمه المستمر منذ 11 عاما.
وقال دبلوماسيون اطلعوا على الاتفاق انه لا يتضمن أي جدول زمني للتنفيذ.
وتصاعدت مخاوف من تحول الاضطرابات إلى عنف طائفي الاسبوع الماضي وسط تقارير أفادت بقتل أشخاص من الأقلية العلوية - التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد - ومن السنة الذين يشكلون أغلبية بين سكان سوريا البالغ عددهم 20 مليون نسمة.
ونقلت وكالة الأنباء العربية السورية (سانا) عن العديد من سكان حمص رواياتهم عن هجمات شنها مسلحون على سيارات أجرة يوم الخميس.
وأوضحت الوكالة أن امرأة تدعى إخلاص عاشور قالت إن مسلحين في حمص خطفوا سيارة أجرة كانت تركبها مع عدد آخر من الركاب وبعد مسافة قصيرة أجبروا الركاب على النزول وسرقوهم واستولوا على بطاقات الهوية الخاصة بهم وقتلوا كل الرجال.
ونقلت الوكالة عنها قولها انه "مشهد لا يمكن وصفه من شدة بشاعته حيث أحسست بأنني في كابوس".
وقال ساكن آخر في حمص يدعى غياث درويش لسانا إنه كان في سيارة أجرة بمنطقة جب عباس واعترضت مجموعة "إرهابية مسلحة" الطريق "وقامت بإنزال الركاب" وقتلت البعض بشكل عشوائي وجرت جثثهم بعيدا.
وذكرت الوكالة السورية الرسمية أيضا إن 13 جنديا قتلوا على يد "عصابات مسلحة" في حمص ومدينة حماة وفي محافظة إدلب بشمال غرب سوريا وأضافت أن جثثهم أعيدت إلى عائلاتهم لدفنها أمس الخميس.
وترفض المعارضة حتى الآن إجراء محادثات مع الأسد ما دام العنف مستمرا وقالت إن الوسيلة الوحيدة لاستعادة السلام هي تنحي الرئيس فورا.
وتقول الأممالمتحدة إن أكثر من ثلاثة آلاف شخص قتلوا منذ بدء الانتفاضة ضد حكم عائلة الأسد الممتد منذ 41 عاما.
وتلقي السلطات السورية بالمسؤولية على متشددين إسلاميين وعصابات مسلحة تقول إنها قتلت 1100 فرد من الجيش والشرطة.وتزيد العقوبات الغربية والانتقادات المتزايدة من تركيا ومن جيران سوريا العرب الضغوط على دمشق لوقف إراقة الدماء.