نشر السيرة الذاتية ل«جوليان آسانج» مؤسس موقع «ويكيليكس»، محير... تأتى الحيرة لصعوبة إيجاد إجابة شافية حول نشر سيرة ذاتية رغم أنف صاحب السيرة، خاصة أن المحرر المشارك للكتاب «معده» أعلن تنصله من نشر الكتاب، فلا تعرف بحق هل من المقبول نشر السيرة ضد رغبة المؤلف، حتى لو لم يستطع رد قيمة العقد المبرم مع دار النشر أم لا؟.
تلك الحيرة تزامنت مع ارتباك أحدثته بعض الصحف المصرية والعربية، بنشرها معلومات مغلوطة، حول أزمة نشر الكتاب، متكئة عن طريق الخطأ إلى صحف أجنبية، ونشرت ما ترجمته دون أن تكون صاحبة الحق فى النشر. إحدى الصحف القومية أفردت صفحة كاملة عن الكتاب، بعنوان «مخادع»، تتحدث عن كتاب جوليان آسانج الجديد الذى يثير الجدل مع صورة للغلاف، ولكنك تفاجأ بمحتوى الصفحة الذى يعرض لكتاب آخر عن جوليان آسانج، فلا تعرف غرض الصفحة، الذى ربما يريد ألا يترك الجدل دون مشاركة، حتى ولو عن جهل، وعدم وعى.
تعود قصة جدل كتاب «جوليان آسانج.. سيرة غير مرخصة» الصادر عن دار كانونجيت إلى الخميس قبل الماضى، حينما أعلنت الدار نبأ صدور الكتاب رغم رفض آسانج لمحتوى السيرة الذاتية، واصفا إياها بأنها ممارسة للدعارة. وقتها أرسلت دار النشر الاسكتلندية خطابا إلى أحمد بدير مدير عام دار الشروق، صاحبة الحق فى نشر النسخة العربية من الكتاب، أكدت فيه تصميمها على نشره. ويوميا ترسل كانونجيت إلى بدير خطابات وإيميلات، لتوضح موقفها الصحيح من نشر الكتاب، والذى يرى فيه بدير سابقة جديدة فى نشر كتب المذكرات، معترفا بخطأ موقف المؤلف فى هذه القضية، وموضحا باستغراب شديد أنه عادة يختلف صاحب المذكرات مع دار النشر حول لغة الكتاب وصياغته أو حول نقطة معينة به، وليس إلى الحد الذى نراه فى كتاب آسانج من رفض تام لنشر المذكرات واستنكار كامل له، هذا الاستنكار الذى اشترك فيه محرر الكتاب أو المؤلف المشارك الذى تبرأ من الكتاب، ربما لتخوفه من تعرضه للمساءلة القانونية.
أحد خطابات كانونجيت يوضح أن جوليان آسانج قرأ البروفة الأولى من الكتاب منذ أكثر من خمسة أشهر، ثم علق قائلا إن الكتاب شخصى جدا، ورغم ذلك لم يستطع تقديم أى تعليقات مفصلة أو اقتراح عملى بديل للكتاب الذى يعكس 50 ساعة من المقابلات أجريت مع آسانج (40 عاما) فى منزله فى شرق انجلترا حيث يخضع للإقامة الجبرية بانتظار البت بطلب تسليمه إلى السويد، حيث تتهمه سيدتان بإرغامهما على إقامة علاقات جنسية معه.
ولعل من المهم والمفيد فى هذه القضية المثارة أن يتعرف الوسط الثقافى المصرى، خاصة المهتمين بصناعة النشر، على قدرة الغرب فى حسم هذه القضية، وكيف كتب محامو دار النشر الاسكتلندية ردا حقوقيا رائعا يخص حقوق الملكية الفكرية.
من خطابات كانونجيت إلى أصحاب حقوق نشر الكتاب فى العالم، يجىء خطاب مهم به الأسباب التى تجعل من حق الدار نشر السيرة الذاتية، وهى: مخالفة آسانج عقد النشر المؤرخ فى 20 ديسمبر 2010، والذى حاول إنهاء العقد فى أوائل يونيه الماضى، لكنه لم يستطع رد المقدم المالى الذى حصل عليه من كانونجيت التى وافقت على إنهاء العقد بشرط رد المقدم المالى. وأنه من حق كانونجيت اعتبار عقد النشر قائما وساريا، وأن التزامها القانونى، هو تخفيف الخسائر الناجمة عن مخالفة آسانج للعقد. لذلك قامت كانونجيت بنشر المخطوطة الجاهزة لديها، والذى اعتمد محتواها على الجلسات الموسعة (والمسجلة) التى حدثت بين صاحب ويكيليكس والكاتب المشارك».
ولكن لم يسكت بالطبع، محامو آسانج، حيث هددوا مقابل نشر السيرة الذاتية، رغم أنفه، دار النشر بعدة نقاط، وهى النقاط لم يتم تنفيذها حتى الآن، معتمدين على أن آسانج هو المالك الحصرى لحقوق الملكية الفكرية، وأن النشر يخالف الحقوق الأدبية لآسانج، وكذلك ما كان يجب على كانونجيت النشر؛ لأن آسانج لم يُمنح فترة خمسة أيام بعد البروفات الأولية كى يقر المخطوطة النهائية عملا بالمادة 23 من اتفاق النشر.
وردا على هذه النقاط، أكدت كانونجيت: «رغم صحة هذا الادعاء فى الأصل، (وهو أن آسانج المالك الحصرى لحقوق الملكية الفكرية)، ولكن بموجب عقد النشر، فقد منح آسانج كانونجيت حقوقا حصرية فى طبع ونشر الكتاب خلال فترة حق النشر القانونية. لذلك تمارس الدار هذا الحق، مع العلم أن القرار حول الشكل والمحتوى النهائى للكتاب يتوقف على تقدير الناشر.
وعن أن النشر يخالف الحقوق الأدبية لآسانج، قال محامو الدار: «ليس هناك ما يشير إلى ما يخالف الحقوق الأدبية. يستند الكتاب إلى ما أدلى به آسانج خلال جلساته المسجلة مع المؤلف المشارك؛ فضلا عن أن اسم آسانج معترف به كمؤلف الكتاب كما هو مطبوع على الكتاب».
وحول النقطة الأخيرة التى ذكرها محامو آسانج: «ما كان يجب على كانونجيت النشر؛ لأن آسانج لم يُمنح فترة خمسة أيام بعد البروفات الأولية كى يقر المخطوطة النهائية عملا بالمادة 23 من اتفاق النشر»، قالت كانونجيت: «كان الكتاب نتاجا للعديد من المقابلات مع الكاتب المشارك خلال شهور. وهو يمثل رصدا دقيقا لرؤاه. حصل آسانج على المخطوطة المطبوعة من 31 مارس، لكنه لم يعط منذ ذلك الحين أى رد فعل تفصيلى على وجه الإطلاق، سواء فى الأمور التى تؤثر على الضمانات التى يحق له الحصول عليها أو غير ذلك. لقد منُح فرصة كبيرة للغاية لمراجعة المخطوطة المطبوعة».