أكد سكوت كاربنتر نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق والخبير بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن زيارة أوباما للقاهرة ستحمل عدة رسائل فى توقيتها وفى توجهاتها، حيث يأتى توقيت الزيارة للقاهرة قبل الانتخابات النيابية اللبنانية والرئاسية الإيرانية وأن محتوى الخطاب سيركز على الوصول إلى هؤلاء الناخبين. وأوضح أن إيران أصبحت تشكل مصدر تهديد لجميع دول المنطقة وأن اتفاق الدول العربية وإسرائيل على ضرورة التصدى لهذا الخطر يأتى من قبيل المصادفة أو عملا «بالمثل العربى أنا وأخى على ابن عمى وانا وابن عمى على الغريب». وتوقع كاربنتر فى حوار خاص مع «الشروق» أن انتقال السلطة فى مصر لن يصاحبه اضطراب مشيرا إلى أن جمال مبارك هو «الوجه الوحيد المطروح على الساحة مدعما باسم أبيه وسلطة ونفوذ الحزب الوطنى ورجال الأعمال وتعديلات الدستور الأخيرة التى تقلص فرص منافسته». وحول أهمية زيارة الرئيس الأمريكى لمصر قال كاربنتر إن أوباما أعلن منذ قدومه للبيت الأبيض أنه يريد إقامة علاقات مع ما يطلق عليه العالم الإسلامى، ووعد بإلقاء خطاب بعد 100 يوم من تنصيبه ومنذ ذلك الوقت وهو يعد لما سيقوله عن عملية السلام فى الشرق الأوسط. وقد ذهب إلى تركيا وألقى خطابا واعتقد البعض أنه الخطاب الموجه إلى العالم الإسلامى لكنه لم يكن كذلك بل كانت تركيا ضمن جولة أوباما الأوروبية. ويعترض كاربنتر على اختيار أوباما لمصر لإلقاء هذا الخطاب ويضيف: «كنت أؤيد أن يلقى خطابه من أندونيسيا باعتبارها أكبر دولة فى عدد السكان المسلمين فى العالم وهى دولة متنوعة ونامية اقتصاديا وأكثر ديمقراطية عن مصر لكن كان اختيار مصر لأسباب جغرافية سياسية». ويستطرد قائلا: «لأن الإدارة الحالية تؤمن أنه إذا قام بخطوة إيجابية فى ملف السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فيمكنه أن يقطع الطريق على إيران وهنا تكمن أهمية مصر من وجهة نظر الإدارة الأمريكية، فهى أول دولة تعقد معاهدة سلام مع إسرائيل. كما تناهض نشاط حزب الله وحماس وتعارض الأجندة الإيرانية ومن هنا ترغب الإدارة الأمريكية أن تؤكد أنها تساند مصر فى مواقفها المعارضة وتريد تحقيق سياساتها من خلال قلب العالمين العربى والإسلامى، وفى المقابل فإن اختيار أوباما لمصر يعيد لها بعض النفوذ الذى فقدته من عقود فى المنطقة العربية». وحول محتوى الخطاب يقول كاربنتر إن أغلب التحليلات تشير إنه سيتحدث عن جهوده فى مد الجسور مع العالمين العربى والإسلامى وإغلاق سجن جوانتانامو والأهم هو ما سيقوله عن منظور الإدارة الأمريكية لعملية السلام فى الشرق الأوسط. ويرتبط أهمية الخطاب فى رأى كاربنتر بتوقيته حيث «يأتى قبل الانتخابات اللبنانية بيومين وقبل الانتخابات الإيرانية بشهرين وأعتقد أن الرئيس أوباما يرغب فى التأثير على قرارات الناخبين من خلال القنوات التليفزيونية التى ستنقل الخطاب. بحيث يتخطى رؤساء الدول فى الحديث إلى الناخبين مباشرة ويوضح لهم أنه يرغب فى السلام ويريد التواصل مع الإيرانيين واللبنانيين ولا يطلب الكثير». ويوضح: «وبهذا ينافس كلا من أحمدى نجاد وحسن نصرالله فى اجتذاب الجماهير خصوصا أنها محاولة تأتى من شخص اسمه باراك حسين أوباما ويتمتع بقبول وشعبية فى المنطقة لا تتوافر لرؤساء أمريكيين آخرين». وفيما يخص ملف حقوق الإنسان والديمقراطية فى مصر أكد كاربنتر أنه سيكون هناك تراجع فى الاهتمام بقضايا الديمقراطية والإصلاح السياسى وحقوق الإنسان فى مصر. وأضاف أن الإدارة الأمريكية قررت التضحية بهذه القضايا لما هو أكثر أهمية بالنسبة لها وهو إحلال السلام فى المنطقة، وأوضح أنه «سيكون اتفاقا غير مكتوب بين الولاياتالمتحدة ومصر، أن مصر عليها توفير الاستقرار والأمن ولا يهم كيف، وعلى أمريكا أن توفر لمصر الأسلحة والمعونة. وهذا الاتفاق فى وجهة نظر كاربنتر «سيؤدى إلى التراجع فى مجال الإصلاح السياسى وسيحدث تأخر فى ملف حقوق الإنسان فى مصر. فعلى الرغم من أن عددا كبيرا من الناس لديها اختلافات مع سياسات الولاياتالمتحدة الخارجية لكنهم فى النهاية يقدرون ضغوط أمريكا للدفع فى قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية فى مصر». وفيما يخص الجدل فى واشنطن حول جمال مبارك أمين السياسات فى الحزب الوطنى وترشحه للرئاسة لخلافة الرئيس مبارك، قال كارينتر: «ليس لدى شىء ضد جمال مبارك فقد قابلته عدة مرات وهو شخص مدهش ولديه رؤية واسم ومنظمة كبيرة تسانده مثل الحزب الوطنى كما أننى لن أعترض على توليه الرئاسة فى مصر إذا اختاره المصريون من خلال انتخابات حرة يكتسب من خلالها الشرعية والمصداقية، وقد مهدت الدولة لمجيئه بالقضاء على أى منافسين محتملين». وأضاف: «لا أعتقد أن «الإخوان المسلمون» يشكلون تحديا له لأن التجارب أثبتت أن الشعوب لا تقبلهم عندما يصلون للحكم وفقا للتجربة فى العراق وغزة». وأوضح قائلا إنه يكفى «ويكفى مئات التعليقات السلبية التى قرأناها على موقع الإخوان على الإنترنت عندما نشروا برنامجهم». وردا على سؤال حول أهمية الشخصيات المؤثرة فى العلاقات بين القاهرةوواشنطن قال: «من الشخصيات المؤثرة رجل الأعمال نجيب ساويرس وهو يمثل عددا قليلا من رجال الإعمال المستقلين ولديه أفكار جيدة ومال ووعى سياسى ومسافة جيدة ومستقلة من دوائر السلطة. ورفعت السعيد من الشخصيات السياسية الماهرة، ومحمد كمال عضو الحزب الوطنى شخص أعرفه من فترة طويلة ولديه فهم جيد لكن ليس لديه القوة أو النفوذ، وأحمد عز الذى كان مؤثرا ولا أعرف إذا كان مازال يملك نفس النفوذ مع الإدارة الحالية أم لا».