أين يستثمر المصريون أموالهم فى الوقت الحالى؟ سؤال يطرحه العديدون هذه الأيام بعد ثورة 25 يناير، وما قد يصاحبها من تحولات اقتصادية مهمة خلال الفترة المقبلة، فهل من الأفضل الاستثمار فى البورصة، التى يراها البعض تربة خصبة للاستثمار مع انخفاض أسعار الأسهم بها لمستويات مغرية للشراء، أم من الأفضل، مع ما يشهده سوق العقارات من ضغوط، أن يقوم الفرد بتجميد أمواله فى عقار سكنى منخفض الثمن حاليا لحين انتعاش هذه السوق مجددا؟ الذهب والدولار أيضا قد يمثلان فرصة جيدة لتحقيق أرباح على المدى المتوسط مع ارتفاع الأسعار العالمية من جهة، والضغوط التى تواجه العملة المصرية من الجهة الأخرى. الشروق قامت باستطلاع رأى الخبراء لمساعدة المواطنين على اختيار أفضل بدائل الاستثمار حاليا، ومزايا وعيوب كل منها. أسعار الذهب لن ترتفع لمستويات أعلى «لا يوجد أى وعاء ادخارى يوفر العائد الذى يوفره الذهب»، بحسب قول رفيق عباسى، رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، معتبرا أن «الارتفاعات المتتالية فى أسعار الذهب عالميا تجعل منه أفضل استثمار فى الوقت الحالى». كانت أسعار الذهب العالمية لم تتوقف، خلال السنوات الأخيرة، عن تحقيق زيادة سنوية لا تقل عن 25%، كونه أصبح الغطاء الآمن لمدخرات الحكومات فى ظل الاضطرابات التى تعرضت لها اقتصادات العديد من الدول على مستوى العالم، مما دفع أسعار الذهب، بعياراته المختلفة إلى تسجيل ارتفاعات قياسية على المستوى المحلى. وبالرغم من أنه من المتوقع أن تتراجع أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، بعدما وصلت إلى أعلى مستوى لها حاليا، بحسب تقديرات العباسى، فإنه يرى أن «الذهب ملاذ آمن للاستثمار، وأن الاستثمار فيه لن يمثل خسارة بأى شكل»، يقول عباسى. ولا تتفق الدسوقى مع هذا الرأى، قائلة «الذهب مرتبط بشكل كبير بأوضاع الاقتصاد العالمى، الذى لا يتمتع بثقة كبيرة فى الوقت الحالى»، بحسب تعبيرها، مؤكدة أن أسعار الذهب قد سجلت بالفعل مستويات قياسية ومن ثم بات غير مضمون أن تحقق معدلات زيادة أعلى من ذلك. ويؤيد أحمد قورة، الخبير المصرفى، هذا الرأى، مؤكدا أن الذهب ليس إلا سلعة قابلة للارتفاع أو الانخفاض وفقا للظروف والعوامل الخارجية. الاستثمار فى العقارات يحتاج إلى نفس طويل يشهد القطاع العقارى حاليا ضغوطا قوية على خلفية ثورة 25 يناير، وما تبعها من الكشف عن عمليات فساد فيما يتعلق بتخصيص الأراضى تضمنت أسماء كبرى الشركات الرائدة فى هذا المجال مثل سوديك وبالم هيلز، وغيرهما. «شراء عقار للاستثمار يمثل حاليا مخاطرة عالية جدا، خاصة وأنه حتى الآن لم تشهد السوق تخفيضات حقيقية ملموسة تعوض هذه المخاطرة، فالشركات العقارية وأصحاب الأراضى الآن مثار لغط كبير ومن ثم قد تعلق هذه الشركات نشاطها بين ليلة وضحاها، ويبدو مصير هذا القطاع غامضًا إلى حد كبير»، يقول محمد عاشور، محلل قطاع العقارات فى بنك الاستثمار نعيم. ويتفق مع هذا الرأى محمد فرج، محلل القطاع فى بنك الاستثمار عكاظ، قائلا «من المتوقع أن تواجه الشركات العقارية مشكلات فى السيولة خلال الفترة القادمة، وهذا ما يشكك فى قدرة هذه الشركات على استكمال مشروعاتها، فمن المتوقع أن يتم تعليقها»، بحسب قوله. إلا أن هذا الركود المؤقت، وفقا للدسوقى، قد يمثل «فرصة جيدة للاستثمار، ولكن طويل الأجل، فمن لديه سيولة إضافية يستطيع أن يستغنى عنها لفترة ما، يستطيع الاستثمار فى العقارات، فمما لا شك فيه أن هذا القطاع سيشهد فترة رواج ثانية»، بحسب قولها. البورصة فرصة ذهبية للاستثمار انخفضت أسعار الأسهم المصرية مع استئناف التداول فى البورصة، على خلفية الاضطرابات التى يشهدها الاقتصاد، لتصل إلى مستويات تقل فى بعضها عن نصف قيمتها الحقيقية، وهو ما يمثل فرصة قد لا تتكرر للاستثمار وتحقيق مكاسب، بحسب ما اتفق عليه الخبراء، مؤكدين أنه لا يوجد بديل أفضل من البورصة للاستثمار، طويل أو متوسط الأجل، «على من يريد الاستثمار حقا استغلال هذه الفرصة»، بحسب قول عيسى فتحى، العضو المنتدب لشركة الحرية للتداول. ويربط عيسى مدى ربحية الاستثمار فى البورصة بقدرة المستثمر على الاستغناء عن تسييل أمواله لفترة أطول، ف«كلما طالت فترة الاستثمار والاحتفاظ بالأسهم، كان ضمان تحقيق أرباح أكبر، وإن كان من يبحث عن أرباح معقولة وسريعة، يستطيع أيضا أن يحققها»، بحسب قوله. ومن ثم فإن البورصة تمثل تربة خصبة لجميع أنواع الاستثمار، الصغير والكبير، المضارب ومن يبحث عن استثمار ذى أجل طويل، كما أكد محمد عبدالسلام، القائم بأعمال رئيس البورصة، «فانخفاض أسعار الأسهم الكبيرة المضمونة الربحية أتاحت فرصا متنوعة للاستثمار»، بحسب قوله. كانت البورصة المصرية قد أوقفت نشاطها عقب ثورة 25 يناير ما يقرب من خمسة أسابيع لتعاود استئناف نشاطها فى الثالث والعشرين من مارس الماضى، وسط تخوفات كبيرة من الانهيار، إلا أنها فاجأت الجميع بصمودها حيث حققت خسارة محدودة فى اليوم الاول تبعها بعد ذلك زيادات متتالية. ولم تسجل البورصة برغم تراجعها فى بعض الأيام الماضية، تراجعا كبيرا، و«هو ما يدلل على قدرتها على التماسك وسط التقلبات الحالية وينبئ بأرباح مضمونة لكل أنواع الاستثمار بها»، أضاف فتحى. الاستثمار فى الدولار غير محفوف بالمخاطر شهدت العملات الأجنبية، والدولار بصفة خاصة، ارتفاعات كبيرة أمام الجنيه على خلفية الثورة، ليقترب حاليا سعر الدولار من هامش الستة جنيهات، وهو ما اعتبره الخبراء زيادة معقولة جدا فى ظل الاضطرابات الحالية. ولم يتوقع أى من الخبراء زيادة كبيرة مرتقبة للدولار، وذلك لما كرره البنك المركزى من عزمه على التدخل لضبط سعر الصرف، عند حدوث مضاربات فى أى لحظة، «المركزى لن يسمح بذلك، وسيتدخل بكل قوة، كما حدث فى الثامن من فبراير الماضى، أول يوم عمل للبنوك بعد الثورة»، بحسب قول هشام رامز، نائب محافظ البنك المركزى. «هناك اعتقاد خاطئ بأن الطلب على الدولار سيزداد بصورة كبيرة فى الفترة القادمة مما سيؤدى بدوره إلى رفع سعره إلى مستويات قياسية جديدة. ولكن هذا غير صحيح»، كما يقول محمد الأبيض، رئيس شعبة الصرافة، مضيفا «هناك نقص فى المعروض بالفعل، ولكن هناك أيضا تباطؤا فى الطلب على الدولار من جهة أخرى، فقد اطمئن المواطنون بعدما وجدوا أن الجنيه تراجع أقل من المتوقع مع بداية الاضطرابات التى تشهدها البلاد، ومن ثم أصبحوا لا يتهافتون على شراء الدولار للاحتفاظ به»، يقول الأبيض. وتبعا لرئيس شعبة الصرافة «سعر الدولار ثابت منذ الصعود الأول له، فهو يرتفع وينخفض نصف قرش فقط، وهذا دليل على أن السوق لن تتحرك بقوة، وهو ما يجعله استثمارا غير محفوف بالمخاطر»، بحسب قوله.