كلنا يعلم أن اليابان هي الدولة الوحيدة التي تعرضت لأسوأ كارثة بشرية في أقصر مدة زمنية بتعرضها للقنبلة الذرية الأمريكية .. فلم يكن هنالك وقت لمراجعة تراث البلاد القديم و الاعتماد عليه .. فلجأت لعقد الصداقة مع أمريكا نفسها ! .. و بدأ اليابانيون بتقليد الصناعة الأمريكية .. فكانت جودتها حينها مماثلة لجودة الصناعة الصينية التي نعرفها الآن .. و عندما وصلت لمستوى الجودة التي جعلتها ثاني أقوى اقتصاد في العالم .. صار من حقها رفض التقليد و ابتكرت نهجها الخاص و كان من أهمه مبدأ الكايزن . و هو يقابل المبدأ الأمريكي في تطوير المؤسسات(ادارة الجودة الشاملة ) فيما عدا تفوق الكايزن ببساطته و ملائمته لكل مجالات الحياة. و قد ظهر للوجود مفهوم جديد على يد الخبير الياباني ماساكي اماي. و هو وسائل التغيير في الحياة مفهوم جديد هو التغيير = تجديد أو كايزن ( باللغة اليابانية ( التجديد و لعلل التعبير الأدق للكلمة هو (الصعود المندفع) فمثلا : عندما تقرر الاقلاع عن عادة ما (التدخين مثلاً) فإن هذا القرار سيكون قرار جذري يتم بموجبه الابتعاد كلياً عن كل ما يربط الانسان بتلك العادة و قد ينجح ذلك مع البعض و لكن الأغلب يفشلون لأنها تكون نتيجة حماس مفاجئ ما يلبث أن يخف مع الوقت. أما مفهوم الكايزن يرفض الفكرة السابقة بشدة لأنه (التغيير البسيط و التدريجي) و الذي يفهم من نفس المثال السابق. عندما تقرر الاقلاع عن عادة ما (التدخين مثلاً) فإننا لابد و أن نعطي القرار كامل وقته فإن كنت تدخن علبة كاملة في اليوم .. فقلصها لليوم التالي إلى علبة إلا سيجارة .. و في اليوم التالي قلص إلا سيجارتين و هكذا. و هو مبدأ طبيعي في الحياة .. فكل ما كان التغيير تدريجياً كانت فرصته للاستمرار أقوى و نجد مثالاً مشابهاً في ديننا في قصة التدريج في منع شرب الخمر على مراحل ثلاث كما ذكر في الآيات الكريمة :."يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا" (البقرة 219) ."يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى" (النساء 43) ."يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ..." (المائدة 90( فيجب على كل مصرى رجال ونساء وشبابا وأطفالا أن يعرفوا أن ما يأتى سريعا يذهب سريعا فمصر في مرحلة دقيقة وتاريخية في هذه الأوقات فيجب ألا نتعجل ثمار الإصلاح والتنمية إن مصر واليابان متشابهتان في ظروفهما بل على العكس إن ما تعرضت له اليابان كان أشد وأخطر مما تعرضت له مصر ولكن اليابان بدأت بترسيخ المفاهيم الأساسية في التعليم وركزت على الإنسان اليابانى وعملت على تنميته فكريا ونفسيا وماديا الأمر الذى جعل اليابانيون بعد ذلك يتظاهرون من أجل إلغاء يوم إجازة إضافى إقترحته الحكومة اليابانية للعاملين في الدولة وذلك على عكس ما كان يحدث بمصر فالفرحة لا تسعنا عندما نأخذ أجازة إضافية. إننا كمصريون دائما ننبهر بالمنتجات اليابانية وجودتها وسمعتها الدولية ويجب علينا أن نعرف أن السبب في ذلك هو الإنسان اليابانى فهو حجر الزاوية في عملية نهوض الإقتصاد بعد ما تعرض له من دمار في الحرب العالمية الثانية وهو نفسه الذى قررأن يعاود عجلة التنمية بعد ما تعرضت له اليابان مؤخرا لزلزال رهيب تبعه موجه تسونامى أخذت في طريقها كل شئ من طرق ومبانى وخلفت ورائها آلاف القتلى فالمصريون معجبون بالنموذج اليابانى في الإقتصاد ولكن لكى يصلوا إلى ما وصل إليه اليابانيون لابد أن يتبعوا منهجهم في الإصلاح حتى لايكون لسان حالنا كما قال الفنان الكبير محمد صبحى ( لوفاتنا اليابانى مش حنشوفه تانى ) وفى إعتقادى أننا سنرى اليابان مرة أخرى تعود على دربها.