مساء جمعة الغضب جلس صبرى، أحد المشاركين فى الثورة، داخل مقهى بجانب ميدان التحرير قبل أن يبدأ اعتصامه داخل الميدان، «وأنا قاعد على الكافيه شفت الفيديوهات والصور اللى الناس بتصورها لأحداث الثورة»، اقترح صبرى على الشباب الموجود على المقهى إنشاء مركز لتوثيق أحداث ثورة 25 يناير. صبرى، صيدلى، شارك فى الثورة منذ بداية انطلاقها يوم 25 يناير، ومع زيادة استخدام العنف ضد المتظاهرين فى جمعة الغضب «الناس بدأت تصور الاحداث بكاميرا الموبايل أو الديجيتال»، فاقترح صبرى على أربعة من الشباب الموجود على المقهى، والذين لا تربطهم به أى علاقة سابقة، إنشاء مركز لتوثيق أحداث ثورة 25 يناير «عشان الاجيال كلها تعرف ايه اللى حصل بالظبط بالصوت والصورة». بدأ الشباب الخمسة فى تجميع مبلغ من بعضهم البعض «نعمل به لوحة بانر وورق دعاية للفكرة»، فى اليوم التالى كانت لوحة البانر المكتوب عليها فكرة توثيق الثورة معلقة داخل ميدان التحرير بجانب اللوحة الكبيرة لصور الشهداء. كان من الشباب الاربعة الذين شاركوا صبرى تنفيذ الفكرة، وليد الطويل، مخرج أفلام تسجيلية، ومخرج فيلم شخصية مصر لجمال الغيطانى، «تبرع وليد انه يعمل فيلم تسجيلى عن الثورة» من المادة التى سيتم تجميعها بعد انتقاء الافضل منها من حيث جودة الصورة والصوت. فكرة الفيلم التسجيلى حمست الشباب أكثر إلى بذل جهد أكبر للوصول إلى أكبر عدد من مقاطع الفيديو والصور الخاصة بأحداث الثورة «كنا بنروح لأى حد عنده فيديو أو صور لحد بيته عشان نجيبها». يروى صبرى أن فكرة توثيق الثورة لاقت قبولا كبيرا عند المعتصمين داخل ميدان التحرير طوال أيام الثورة، الامر الذى دعا صبرى وشركائه الأربعة، محمد ووليد واحمد وعمرو، إلى إنشاء مقر لهم داخل الميدان «حطينا طرابيزة عليها 2 لاب توب وكاميرا ديجيتال» لاستلام مقطوعات الفيديو والصور والشعارات من الثوار. توثيق قصص الشهداء من أهم ما اهتم به الشباب القائمون على المركز «اتصل بينا اخو الشهيد شريف يحيى وحكى عن قصة استشهاده بعدها اتفقنا على ميعاد عشان نصور من جوه بيته» كما يروى محمد، طالب طب الاسنان، والذى تولى تصوير قصة الشهيد بكاميراته الشخصية، وبعد خبر التنحى بأقل من اسبوع ذهب محمد وعمرو إلى منزل الشهيد. من داخل سلالم العمارة بدأت قصة الشهيد، «دخلنا إلى الشقة ووالده اتكلم معانا عن آخر يوم فى حياة ابنه». الشهيد خرج إلى الانضمام إلى المتظاهرين من ابناء منطقته فى بولاق الدكرور يوم جمعة الغضب. الشهيد بعد تخرجه فى كلية التجارة لم يجد عملا «وكان كل طموحه انه يلاقى شغل ويتجوز» بهذه الجملة برر الاب خروج ابنه للمرة الأولى والأخيرة للمشاركة فى المظاهرات. محمد، هاوى التصوير منذ صغره، بعد أن استمع إلى قصة الشهيد «لقيت صورة كبيرة للشهيد فى صالة الشقة مع والدته صورتها بالكاميرا» وكان المشهد أصعب ما واجه محمد أثناء تصوير القصة «لانى عرفت أن الشهيد والدته توفيت قبل 5 شهور من استشهاده وكلام الاب عنهم كان باين منه انه موجوع عليهم اوى». أفكار مشروع توثيق أحداث الثورة كلها جاءت من بنات أفكار الشباب الخمسة ومن انضم اليهم بعد ذلك «كان أهم حاجة لازم نعملها هو الموقع الالكترونى لتوثيق الثورة» من خلال الموقع الإلكترونى egythawra.net ذهب أصحاب الفكرة إلى إحدى الشركات المتخصصة فى إنشاء المواقع الالكترونية، «صاحب الشركة بمجرد ما عرف الفكرة اتبرع انه يعمل الموقع ببلاش»، لم يتخيل الشباب أن فكرتهم ستلاقى كل هذه الاستجابة «خصوصا بعد ما وصلنا حوالى 300 جيجا من فيديوهات وصور لأحداث الثورة». فكرة الشباب لتوثيق الثورة لم تكن الوحيدة، مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى، التابع لوزارة الاتصالات «اتصل بينا ناس من المركز وبلغونا اننا نتعاون سوا فى تجميع المعلومات» على حد قول صبرى. الذى رحب بالمشاركة وابدى استعداده وزملائه للتعاون مع المركز.