«تمكن الاقتصاد المصرى من الصمود أمام تداعيات الأزمة العالمية، ولكن المهم إدراكه أن الاقتصاد لم ينحن أمام تداعيات الأزمة، نتيجة لمتانته أو لاتباع الحكومة لسياسات إصلاحية سليمة، بل فقط لأن مصر لا تزال فى أول طريق الانفتاح الاقتصادى. ولو تعرضت مصر لأمثال هذا الكساد بعد خمسة عشر عاما من الآن لواجهت تحديات أكبر وأخطر»، هذه هى خلاصة الدراسة التى عرضها بيتر مانتيل، خبير اقتصادى عالمى، أمس فى ندوة بمركز الدراسات الاقتصادية، بعنوان «الإصلاحات الاقتصادية الكلية والقدرة على مواجهة الأزمات.. دروس مستفادة لمصر من الركود الكبير». هذا لا يعنى، بحسب مانتيل، عدم المضى قدما فى الانفتاح الاقتصادى، «لأن الانعزال قد يحول دون تحقيق معدلات إيجابية من النمو ولكن التحدى هنا يكمن فى كيفية تحقيق هذا الانفتاح. على الحكومة المصرية أن تستفيد من التجارب السابقة لتحقيق هذا الانفتاح دون زيادة هشاشة الاقتصاد المصرى»، بحسبب قوله. وهذا يتطلب، بحسب الدراسة إلى السعى إلى تحقيق إصلاحات اقتصادية «فعالة ومثمرة»، وهذا لا يتطلب تحقيق معدلات نمو عالية فقط، وإنما أيضا تحسين مستوى معيشة الأفراد. «وهذا لم يحدث فى دول نامية كثيرة أخرى سبقت مصر فى الانفتاح الاقتصادى، يرجع بعضها إلى «عدم إعداد المنزل من الداخل من خلال عدد من القوانين التى تقضى على الفساد، تسمح بالمنافسة»، والبعض الآخر إلى «عدم انعكاس آثار النمو على تحسين مستويات المعيشة». وفى حالة مصر، بحسب مانتيل، ستكون المهمة صعبة، لأن هناك تحديا أساسيا يحول دون تحقيق هذه المعادلة، هو تفاقم عجز موازنة الدولة. «المشكلة فى مصر ترتبط أساسا فى نقص الموارد المالية»، بحسب قوله، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية ستواجه اختيارا صعبا فى الفترة المقبلة. «كيف تستطيع البنوك المصرية فى مصر أو الحكومة تخصيص إيراداتها للإنفاق على الأغراض التنموية، الأساسية للحد من الآثار السلبية للانفتاح، مثل الصحة والتعليم، والبنية الأساسية، إذا كانت تخصص الجزء الأكبر منها لتغطية عجز الموازنة؟ الحكومة مكتوفة الأيدى والأهم من ذلك أن الوضع إذا استمر هكذا لن يتم جنى ثمار النمو»، بحسب مانتيل. لن يتطرق مانتيل إلى إيجاد حلول أو بدائل للحكومة المصرية ولكنه اكتفى بقوله: «الحكومة يجب أن تعلم كيف توازن بين التحرير وآثاره الاقتصادية، خصوصا أنه خلال الفترة المقبلة، ستضطر إلى إبداء مزيد من المرونة، خصوصا فيما يتعلق بنظامها المالى والبنكى. «النظام البنكى فى مصر لم يتأثر هو الآخر بشدة بالأزمة العالمية، ولكن ذلك لأنه لايزال فى أول مراحل التطوير، وهذا لن يدوم طويلا»، بحسب قوله. ويربط مانتيل الحل بتنظيم السياسة الضريبية وتوسيع قاعدتها فى مصر، وهذا أصلا من وجهة نظره صعبا فى الفترة الحالية، مع الاهتمامات المختلفة فى السوق المصرية، ولكن يجب على الحكومة الإسراع. «المرة المقبلة ستكون الضربة أقوى، ولن تفلت مصر من الازمة، خصوصا أن الدرس الأساسى الذى تعلمناه جميعا من الأزمة، هو أنه كلما زاد الارتبط بين الاقتصاديات الناشئة، والأخرى المتقدمة، وهذا ضرورة فى ظل الانفتاح الاقتصادى، كلما زادت قوة الضربة، وهذا سيكون وضع مصر المرة المقبلة»، يقول مانيل..