بدأ رئيس الوزراء العراقى المكلف نورى المالكى أمس مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة بعد يوم واحد من تكليف رئيس الجمهورية جلال طالبانى له، بناء على اتفاق لتقاسم السلطة بين الكتل السياسية الرئيسية فى البلاد، لكن التوتر مازال قائما بعد رفض التحالف الوطنى الشيعى التصويت على استثناء قيادات سنية من قانون اجتثاث البعث فى خطوة وصفها قيادى سنى بارز ب«الغدر». يأتى ذلك فى الوقت الذى أشارت فيه تقارير صحفية غربية إلى أن الاتفاق هو «محاصصة على الطريقة اللبنانية».وتبدأ المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة والبالغة شهرا واحدا، فور تسلم المالكى رسالة التكليف الرسمية من رئيس الجمهورية. وقال الرئيس العراقى فور إعادة انتخابه «إننى اتعهد أن أعهد وفق المادة 76 من الدستور الفقرة برئاسة الوزارة إلى مرشح الكتلة الأكبر عددا وهى كتلة التحالف».وأنهى الاتفاق على تقاسم السلطة بين الكتل العراقية، ثمانية أشهر من الفراغ السياسى والجمود، إضافة إلى شلل حكومى، منذ الانتخابات التشريعية فى مارس الماضى. وفازت كتلة القائمة العراقية التى يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوى (شيعى علمانى)، وتحظى بدعم سنى واسع، على 91 مقعدا، من مجموع 325 هى كامل مقاعد مجلس النواب، فى حين حصلت منافستها ائتلاف دولة القانون (شيعة) بزعامة المالكى على 89 مقعدا، والائتلاف الوطنى (شيعة) على 70 مقعدا، فيما حل التحالف الكردستانى رابعا بعدد 43 مقعدا، وذهبت باقى المقاعد للأقليات الدينية والمستقلين. وكون كل من دولة القانون والائتلاف الوطنى، التحالف الوطنى عقب الانتخابات ليكونوا أكبر كتلة، قال محللون إنها جاءت بضغط إيرانى واضح. واهتمت الصحافة الغربية على جانبى الأطلنطى بالاتفاق العراقى. وذكر تقرير على الموقع الإلكترونى لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية أن الاتفاق العراقى «أقرب إلى نظام المحاصصة اللبنانى منها إلى الوحدة الوطنية». وعلى الرغم من اعتراف الصحيفة بالترحيب الذى سيحظى به الاتفاق إلا أنها شككت فى قدرة الصفقة على الصمود، خاصة ما أشارت إليه بأنه «مناورات الأطراف المتصارعة» على الساحة العراقية، فى إشارة إلى كل من تأثير إيران والولايات المتحدة. ومن ناحيتها كشف جارديان البريطانية عن تردد واضح فى أوساط السنة العراقيين للمشاركة فى الحكومة، حيث نقلت الصحيفة عن أحد قيادات القائمة العراقية قوله «لم تكن هناك ثقة ولن تكون». وكان القيادى السنى فى القائمة العراقية صالح المطلك قد أكد أنه «كان مقررا خلال الجلسة انتخاب رئيس للبرلمان ونائبيه والتصويت على فقرة إلغاء الاجتثاث (البعث) فقط» وليس الاتفاق بمجمله. وأضاف «قاطعنا الجلسة لأننا أبدينا حسن نية للآخرين لكنهم غدروا بنا ولن نعود إلى الجلسة إلا بضمانات دولية.. كما نريد ضمانات من التحالف الوطنى». ومن جانبها ركزت تايمز البريطانية على أن انسحاب علاوى وأعضاء كتلته من جلسة البرلمان احتجاجا على عدم تصويت المجلس على استثناء أربعة أعضاء من القائمة من قانون اجتثاث البعث، يمكن أن يهدد العملية السياسية برمتها. ومن جانبها، مجلة تايم الأمريكية قرأت الدروس المستفادة من الأزمة العراقية، حيث أشارت إلى أربعة دروس هى أن تأثير واشنطن فى سياسات بغداد ضعيف، بينما تتمتع طهران بتأثير قوى لا يصل لدرجة التحكم الكامل بالحكومة، فيما يستمر المالكى بالحكم عبر خلقه توازنات سياسية دقيقة بين المكونات السياسية، وأخيرا ما يجرى فى العراق هو نفسه الذى يحدث فى الشرق الأوسط.