استقرار أسعار الذهب في مصر خلال تعاملات اليوم    إصدار لائحة الموارد البشرية لموظفي هيئة التأمين الصحي الشامل    استمرار حبس المتهمين بسرقة بطاريات من أحد أبراج الاتصالات في أكتوبر    تحسن أداء القطاع الخاص بمصر إلى أعلى مستوى من 3 سنوات.. فما الأسباب؟    نظام أمان مبتكر لمواجهة انزلاق السيارة على الماء    استقبال حافل وتكليف رئاسي.. كواليس أول يوم عمل لمحافظ بني سويف بعد تجديد الثقة    الجيش الإسرائيلي ينشر تقريرًا موجزًا عن هجمات حزب الله ويرد بالصواريخ    صحة غزة: توقف مولدات الكهرباء في مجمع ناصر الطبي خلال ساعات    بيلاروس تنضم رسميا إلى منظمة "شنجهاي للتعاون"    "المنتخب بيشحت".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن الدوري ويوجه رسالة للأندية    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي أمم أوروبا يورو 2024 والقنوات الناقلة    في انتظار رخصة كاف.. الزمالك يعلن انتهاء أزمة بوطيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. كل ما تريد معرفته عن هندسة المطرية    نتيجة الدبلومات الفنية.. مصادر بالتعليم تكشف موعد إعلانها رسميًا    "مش ناوي تنزل تشتغل".. سر جملة أنهت حياة "منى" على يد زوجها أمام أطفالها بطنطا    توفيق عبد الحميد يكشف حقيقة تدهور حالته الصحية    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    عبوات مجهولة المصدر.. تحذير رسمي بشأن أحد أدوية التصلب المتعدد    "الشرف غالي يا بيه".. أم تنهار لاختفاء ابنتها والشرطة تكتشف أنها وابنها وراء قتلها    وزير الإسكان: الرئيس السيسي وجه بضرورة إيجاد حلول بديلة وغير تقليدية لتحقيق التنمية    إيرادات قوية لفيلم اللعب مع العيال في دور العرض.. كم حقق في 22 ليلة؟    عدد أيام إجازات يوليو 2024 وموعد عطلة رأس السنة الهجرية    بدء الصمت الانتخابي اليوم تمهيدا لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية    عمرو سعد: أحمد حلمي قرر أنه مش هيشتغل معايا أنا وأخويا    مدير مكتبة الإسكندرية يشرح تفاصيل تصميم «بيت مصر في باريس»: صُمم بهوية مصرية    «مناسب لكل الأعمار».. 5 وجوه للترفيه في مهرجان العلمين    محافظ قنا: سنعمل معا على التنمية واستكمال مشروعات حياة كريمة    تحرير 35 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    لتأخر صرف الأدوية.. «الصحة» تحيل مديري الصيدليات بمستشفيي العامرية والقباري للتحقيق    أستاذ جراحة تجميل: التعرض لأشعة الشمس 10 دقائق يوميا يقوي عظام الأطفال    رئيس الاعتماد والرقابة الصحية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع مؤشر مصر الصحي    سويلم يتابع ترتيبات عقد «أسبوع القاهرة السابع للمياه»    البيت الأبيض: هدف باريس وواشنطن حل الصراع عبر الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل دبلوماسيًا    تقرير: أوروبا تدعم زيادة شحنات الأسلحة لأوكرانيا وترفض إرسال جنود للقتال    ملفات محافظ أسيوط الجديد.. أبرزها إنهاء الخصومات الثأرية وإحكام الرقابة على الأسواق    انقلاب سيارة وتهشم أخرى في حادث تصادم بالتجمع |صور    العكلوك: الاحتلال يستهدف التوسع الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية    حزب الله يشن هجوما بمجموعة من المسيرات على 7 مواقع عسكرية إسرائيلية    طلاب الثانوية العامة يمتحنون الكيمياء والجغرافيا.. السبت    وزير التموين ل"اليوم السابع": نستهدف جودة سلع الدعم المقدمة للمواطن    المفتي يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بالعام الهجري الجديد    "رغم سنه الكبير".. مخطط أحمال بيراميدز يكشف ما يفعله عبدالله السعيد في التدريب    استقبال العام الهجري الجديد 1446 بالدعاء والأمل    تطور مفاجئ.. الأهلي يفرض عقوبتين على كهربا في 24 ساعة    قرعة التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2025.. تعرف على موعدها    محافظ القليوبية يعتمد مواعيد امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي لصفوف النقل    «منهج تنفيذي».. محافظ المنيا الجديد: العمل وفق استراتيجية التواجد الميداني    «دون وفيات».. انهيار منزل من 5 طوابق بالمنوفية    شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: افتقدنا للأيادي القوية غير المرتعشة.. والحكومة الجديدة تضم خبرات دولية    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للخروج من مصيدة الوهم والواقعية
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 10 - 2010

صار لزاما علينا جميعا أن نعى أن التمدد الاستيطانى لا يعالج مطلقا بطلب التجميد بل بصياغة الرد المعقول والمطلوب والمشروع.
ثمة بوادر تحرك سياسى وفكرى فى كثير من أوساط الفلسطينيين فى مختلف أماكن وجودهم، ويتميز هذا المخاض بالبحث عن بدائل ناجعة لإنجاز حلول جذرية تؤمن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطينى. تسود قناعة بأن مسارات السلام التى أرست قواعدها اتفاقيات أوسلو وما بعدها أدت إلى قناعة بأنها أجهضت بالتدريج الكثير من هذه الحقوق على الرغم من الاعتراف الدولى بأن هذه الحقوق شرعية، ومنسجمة مع القوانين الدولية، وبالتالى غير قابلة للتصرف.
فمسارات السلام منذ أوسلو تبدو واضحة، بأنها بدلا من أن تنجز وإن بالتدرج الحقوق الفلسطينية أدت إلى المزيد من تآكلها وإفقادها المناعة، رغم إصرار الشعب الفلسطينى من خلال صموده مدعوما بالشعب العربى والشعوب الإسلامية ودائرة الضمير العالمى، على إنجاز هذه الحقوق كما يستقيم الاستقرار والسلام وتنجز مشاريع الوحدة والتنمية فى المنطقة العربية خصوصا، وإلى حد كبير عالميا.
هذا التحرك هو بمثابة عملية استعادة لاتجاه البوصلة وعقلنة للتوجه وتأمين الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتوفير المرجعية الموحدة لعملية التحرير، بمعنى آخر ما هو حاصل من خلال استرجاع البوصلة هو إدانة واضحة للفشل والسقوط فى مصيدة أوسلو، كما هو تعبير واضح عن ضرورة إنضاج وبلورة مقاومة مصممة على التحرير وإنجاز الحقوق المشروعة.
إلا أن هذا السعى لاسترجاع مرجعية للنضال الفلسطينى يطرح بدائل تستوجب عملية نقدٍ للذات وللأداء السابق فى حصر التعامل مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، كون ما تصورته القيادة الفلسطينية الحالية بأن الولايات المتحدة وحدها قادرة على ممارسة ضغط على إسرائيل يفتقد الدقة، ذلك أن إسرائيل بدورها قادرة على القيام بضغط مقابل على الإدارة الأمريكية سياسيا وعمليا، ما يؤكد قدرة إسرائيل وبالتالى اللوبى الإسرائيلى على ممارسة الابتزاز حتى عندما تكون الإدارة الأمريكية مقتنعة بصوابية موقف فلسطينى معين.
يستتبع ذلك، أن القيادة الفلسطينية الحالية استمالتها مفردات مثل تجميد الاستيطان حتى المؤقت منه، بدلا من وضوح المطالبة بتفكيك الاستيطان الذى اعتبر من بعض أعضاء القيادة الفلسطينية بأنه خارج الواقعية السائدة.
كما أن السقطة التى ارتكبت هى أن المفاوض الفلسطينى لم يصر فى البدء على أن ينتزع بدوره أو بحصر تعامله مع الإدارة الأمريكية، اعترافا من إسرائيل بأنها فى الأراضى الفلسطينية المحتلة هى سلطة محتلة، وكون هذا التعريف لواقع إسرائيل فى الأراضى المحتلة كان ملتبسا فى أحسن الحالات فقد أدى إلى إمعان إسرائيل فى اتخاذ خطوات فى بعض الأحيان بطيئة وفى أكثر الأحيان متسارعة ومكثفة. ففقدان القاعدة القانونية بأن التفاوض هو مع محتل تحوّل إلى محادثات مع مغتصب.
المراجعة النقدية الصارمة المطلوبة الآن تستوجب التوقف الكامل، واتخاذ مواقف صريحة تشترط وضوحا أمريكيا بأن الأراضى الفلسطينية المحتلة هى قانونيا محتلة وأن المرجعية هى قيادة حركة تحرير بالمعنى الحقيقى، وأن استعمال التجميد هو بمثابة شراء الوقت لتأجيل حق تقرير المصير للشعب الفلسطينى وبالتالى إجهاض أية مفاوضات ناجعة يمكن أن تستولد نتائج، تلبى ما فرضته الشرعية الدولية وما حددته القوانين الدولية للشعب الفلسطينى من حقوق فى أرضه وحق لاجئيه فى العودة، واعتبار القدس الشريف عاصمة له. بمعنى آخر، عودة إلى بديهيات حولتها إسرائيل وكأنها تنازلات، ولذلك صار لزاما علينا جميعا أن نعى أن التمدد الاستيطانى الذى تم التعبير عنه فى الأيام الأخيرة ببناء ستمائة وحدة استيطانية لا يعالج مطلقا بطلب التجميد، ولا بطلب التفكيك بل بصياغة الرد المعقول والمطلوب والمشروع بأن قانون العودة الإسرائيلى هو الذى مهد ولا يزال يمهد للتمدد الاستيطانى المتواصل منذ نشأة دولة إسرائيل، وأن هذا القانون هو الذى يدفع إسرائيل للمطالبة بأن يعترف الفلسطينيون والعرب بكون إسرائيل دولة يهودية ووطنا للشعب اليهودى، والذى ينطوى بدوره على سياسة مأسسة التمييز العنصرى ضد عرب إسرائيل وكذلك الأمر بالتمهيد لعمليات الترحيل المستقبلية وإعدام كامل لأى حق للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم.
فالاعتراف بإسرائيل دولة ليهود العالم كما تصر كشرط مسبق للتعامل معها هو بدوره إغلاق الباب نهائيا أمام حق العودة وفتح الأبواب أمام الاستمرار فى التمدد الاستيطانى فى الأرض التى لا نعرف فيها الحدود التى يتوقف عندها الاستيطان.
وقبل استفحال هذا المشروع الصهيونى والبحث فى البدائل المطروحة آنيا من قبل طلائع فلسطينية فكرية، تبقى الأولوية لردع هذا التمادى وهذا التسلط وهذه الاستباحات التى تقوم بها إسرائيل بشكل متواصل، وبدلا من الضغط عليها، فإنها تطلب المزيد من المساعدات الأمريكية العسكرية المتطورة مثل طائرات F 35 التى قيل إنها تشكل ضمانات أمريكية لحث إسرائيل على تجميد الاستيطان لمدة شهر(!) ألهذا المستوى انحدرت مسيرة السلام؟ ألهذه الدرجة عجزت الدول المطبعة عن «إقناع» إسرائيل كما كان موعودا؟ أليس هناك من حاجة لدى هاتين الدولتين المطبعتين وبعض الدول التى تبدو «راغبة فى علاقات ما» أن تعيد النظر بموقفها حتى لا يبقى الشعب الفلسطينى محاطا بسياج من التطبيع وبالتالى مطالبا بالتكيف والقبول ببعض المساعدات الإنمائية على حساب اجتزاء حقوقه القومية، أو بالأحرى إجهاضها؟ لذلك أمام هذا الاستفزاز الفاقع ليس للحقوق الفلسطينية فقط بل أيضا للكرامة العربية، هل يجوز أن نبقى فى مصيدة الواقعية الطاغية التى تسوقها لنا الوعود التى تمعن فى بعثرة الأمة العربية وتفتيت مجتمعاتها؟
ألم يصبح لزاما أن يساهم العرب جميعا فى إخراج شعب فلسطين من المصيدة الخانقة التى هو فيها؟ وإذا قام بحراك باتجاه مجلس الأمن أو أعلن دولة مستقلة ألا تستطيع الأمة العربية وجامعتها تأمين اعتراف شامل بهذه الدولة وأن يصدر عن مجلس الأمن قرار بكيانها القانونى، وأن يقنع العرب من خلال المواقف الدبلوماسية الشجاعة والإعلام العربى المكثف الولايات المتحدة والإدارة الأمريكية بألا تمارس حق النقض هذه المرة لأن إسرائيل ممعنة فى شطب فلسطين من الخارطة ونحن على حافة مثل هذا الخطر؟ لعل من دون إعلان استقلال الدولة الفلسطينية ووحدتها مع شرعنة دولية غير قابلة للانتقاص بالقدس الشرقية على الأقل عاصمة لها وبحق العودة إذا بقينا فى حالة التردد والتفسخ سوف نبقى عرضة للتدرج فى التخلى عن حقوقنا وأن تدفعنا الواقعية المزورة إلى واقعية قد يصعب الخروج منها بسهولة.
الآن لحظة الحقيقة وهى واضحة وقابلة للصيرورة. الآن هناك ضرورة لقطع العلاقات مع إسرائيل وفرض المقاطعة الاقتصادية عليها وعودة فلسطين نقطة الارتكاز لاستعادة شعورنا بأن العرب من دون فلسطين هم على ما هم عليه ومع فلسطين نستعيد قدرة النهضة والوحدة. أرجو ألا يكون هذا سرابا أو مجرد أمنية بل اقتراحا قابلا للإنجاز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.