تنسيق الجامعات.. تعرف على كلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان    غدا.. انتهاء المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بكليات جامعة حلوان الأهلية    بعدد 3867 مولودًا.. انخفاض أعداد المواليد مقارنة بالعام الماضي في قنا    بحضور الوزير.. تفاصيل اجتماع الجمعية العمومية للشركة القابضة للكهرباء    رئيس الوزراء: نسعى لخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في الساحل الشمالي    وزير خارجية جنوب السودان: لابد من وجود عقوبات حتي يتحقق للسلام    مجزرة جديدة.. الاحتلال يستهدف فلسطينيين أثناء تعبئتهم المياه بمحيط مسجد في حي الزيتون    بوجبا يحسم موقفه من الاعتزال    أليسون: فينيسيوس يستحق الفوز بالكرة الذهبية    وزارة التعليم ترصد 3 حالات غش بالقاهرة والدقهلية    استمرار الارتفاع.. الأرصاد تكشف حالة الطقس وبيان درجات الحرارة المتوقعة    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنان عزت زين في افتتاح دورته ال17    بسبب سرقة لحن.. تأجيل محاكمة المطربين «مسلم» و«نور التوت» ل2 سبتمبر    «زيادة الدخل والأرباح».. توقعات برج العذراء في شهر يوليو 2024    موعد صيام عاشوراء 2024 وفضله وحكمه في الإسلام    لم تلزم بقرار الغلق.. تحرير 137 مخالفة للمحلات التى خلال 24 ساعة    رياضة المنيا: قافلة طبية مجانية للأسر الأكثر احتياجا في قرية الجندية    مصدر مطلع: الحكومة الجديدة تؤدي اليمين أمام الرئيس السيسي غدا    مصدر حكومي: التغيير الجديد يشمل عددا كبيرا من الحقائب الوزارية والمحافظين    الكومي: بيريرا مستمر حتى نهاية تعاقده.. وأخطاء التحكيم أثرت على نتائج 8 مباريات فقط    موقف سيف الجزيري من اللحاق بلقاء الزمالك وفاركو    جهاد جريشة: ياسر عبد الرؤوف وسمير محمود عثمان الأنسب لقيادة لجنة الحكام    رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية بين الصندوق السيادى وشركة الأهلى سيرا    قطار سياحي فاخر.. أبرز المعلومات عن «حارس النيل» قبل إطلاقه في مصر    آلام الولادة تداهم طالبة ثانوى عام بلجنة الامتحانات فى الفيوم    ضبط 2.5 طن لحوم ودواجن وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمى بالمنوفية    ضبط عناصر إجرامية بحوزتهم مخدرات بقيمة 3 ملايين جنيه    رئيس مجلس الشيوخ يفتتح الجلسة العامة    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة دراسة نظم الري الحديثة    مصدر حكومي: التغيير الوزاري يشمل دمج وزارات واستحداث أخرى    فيلم ولاد رزق 3 يتصدر شباك التذاكر بإيرادات تخطت ال 2 مليون جنيه    «ربنا فوق الكل».. رد جديد من شقيق شيرين عبد الوهاب بشأن اتهامه ببيع «صفحات التواصل»    مشاركون فى ملتقى الهناجر: مصر تمتلك قوة ناعمة قادرة على تجميع المصريين    مستشار الرئيس الفلسطينى: متمسكون بحقنا فى الأرض ومواجهة الاستطيان الإسرائيلى    وزير الخارجية يفتتح النسخة الرابعة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين    تسعى لفرض قيود على الهجرة والحجاب.. من هي مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي؟    هآرتس: الجيش الإسرائيلي ينوي إنهاء القتال في غزة دون التوصل لصفقة تبادل    غداء اليوم.. طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة    عاجل| شؤون الأسرى: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بالضفة لنحو 9490 معتقلا منذ 7 أكتوبر    وزير الصحة يستقبل ممثلي شركة فايزر لمناقشة تعزيز سبل التعاون المشترك    الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة الداخلية في الدوري    بعد الإفراج عنه.. مدير مجمع الشفاء بغزة: الاحتلال عذبنا بالكلاب البوليسية    المستشار عبد الراضي صديق رئيس هيئة النيابة الإدارية الجديد في سطور    "البحوث الإسلامية" يفتتح لجنة الفتوى الرئيسية بالمنوفية بعد تطويرها    إرتفاع جماعى لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات منتصف الأسبوع    وزير الصحة يستقبل ممثلي شركة فايزر لمناقشة تعزيز التعاون المشترك    محافظ بني سويف: البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب أصبح مشروعا قوميا    الإفتاء: تعمد ترك صلاة الفجر وتأخيرها عن وقتها من الكبائر    14 وفاة و6 ناجين.. ننشر أسماء ضحايا عقار أسيوط المنهار    مأمورية خاصة لنقل المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة    الحوثيون يعلنون تنفيذ أربع عمليات عسكرية نوعية استهدفت سفنا أمريكية وبريطانية وإسرائيلية    أمين الفتوى: وثيقة التأمين على الحياة ليست حراما وتتوافق مع الشرع    خالد داوود: جمال مبارك كان يعقد لقاءات في البيت الأبيض    كوبا أمريكا.. أوروجواي 0-0 أمريكا.. بنما 0-0 بوليفيا    الأزهر يعلن صرف الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري اليوم    تصعيد مفاجئ من نادي الزمالك ضد ثروت سويلم    «الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد    في أول يوم تطبيق.. احذر عقوبة فتح المحال العامة بعد العاشرة مساءا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروج من استقالة الأمة
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 08 - 2010

قرارات لجنة المتابعة العربية بتأييد أو تغطية المفاوضات المباشرة بين الرئيس أبو مازن ورئيس حكومة «إسرائيل» نتنياهو استولدت بقصد أو من دون قصد تداعيات من شأنها أن تفاقم التعقيدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية بما فيها حرفها عن مركزيتها باتجاه جعلها مسلسلا من مشكلات معقدة مرشحة للمعالجة إداريا، بدلا من كونها تستوجب حلا جذريا يتلخص بتمكين الشعب الفلسطينى من تحقيق مصيره بما رسمته القرارات الدولية، وكما تم تعريفها فى القوانين الدولية وإجماع محكمة العدل الدولية على شرعية حقوق الشعب الفلسطينى الوطنية والإنسانية.
إلا أن التداعيات المستولدة آنيًا والتى تتسارع بشكل مطرد، فهى أن النظام العربى القائم استجاب منذ اتفاقيات أوسلو وقبلها معاهدة الصلح بين مصر الدولة و «إسرائيل» مما أفقد القضية الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير المناعة التى بدورها أجازت ل «إسرائيل» الإمساك بمفاصل مقدرة التقرير ووتيرة المسار، وحتى لا نتهم ب «اللاواقعية» وإعطاء آمال مغلوطة، أو كما يدعى «البراغماتيون الجدد» أوهام قيام دولة فلسطينية مكتملة السيادة مع القدس عاصمة لها، فإن فقدان المناعة وبالتالى فقدان إمكان تصليب الالتزام بحق تقرير المصير يدفع الشعب الفلسطينى إما إلى ما يقارب الانفجار العبثى أو إعادة النظر بشكل جذرى بما يؤول إلى إعادة الوحدة الوطنية إلى شرائح الشعب الفلسطينى بشكل فورى، وأن تكون هذه المراجعة نقدية وصارمة بحيث تخرج الوضع العربى من إشكالية انقسام فى الحالة القومية بين أنظمة «معتدلة» وأخرى «ممانعة» أو متطرفة، وبالتالى دفعنا بشكل استفزازى إلى خيارات من شأنها قمع استقلالية الإرادة العربية، وبالتالى توصيف أية معارضة أو مقاومة أو حتى اعتراض كأنه انضمام إلى «محور الشر»، كما أن أى امتثال للإملاءات الصادرة عن بعض العواصم الغربية هو برهان على «الواقعية» وعلى نهج «الاعتدال».
من استتبع افتعال هذا التوصيف الجائر، إضافة لكونه غير دقيق مطلقا، دفع الكثير من الجماهير العربية إلى التجاوب مع بروز تركيا والبرازيل، أو كما سميته قبلا «قدر الجنوب» لنموذج جذاب يعيد الكرامة إلى كونها فعلا يعبر عن استقلالية التحرك من دون اللجوء إلى المراهنة والارتهان.
وبالعودة إلى رصيد تصرفات لجنة المتابعة العربية التى أجازت أو غطت المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية و«إسرائيل»، فإنه صار واضحا أن الرئيس أوباما ضغط بشكل غير مسبوق على الرئيس محمود عباس مقترحا حتى لا نقول ضاغطا على لجنة المتابعة العربية تسهيل اختصار مدة المفاوضات غير المباشرة من أربعة أشهر إلى شهرين من دون مبررات مقنعة، على اعتبار أن مهمة ممثل الرئيس أوباما السيناتور ميتشل لم تفسر الأسباب لاختزال تجربة «المفاوضات غير المباشرة»، إلا أن الاستنتاج هو الطلب الذى تقدم به نتنياهو الذى أبدى «رغبته» للرئيس أوباما، وسرعان ما تجاوب بشكل فورى مما أعطى الانطباع بأن ضغوطا سياسية داخلية خاصة قام بها اللوبى «الإسرائيلى» إيباك دفعت إلى التسرع لوضع الرئيس عباس و«الاعتدال» العربى أمام الخيار فسارعت الدولتان المنضبطتان إلى تسويق ضرورة «الدخول فورا فى المفاوضات المباشرة»، وإلا، كما ورد فى رسالة الرئيس أوباما إلى الرئيس عباس، «لن نقبل رفضا لطلبه»، وإلا «ستكون للرفض تبعات على العلاقات الأمريكية الفلسطينية». وعزز الرئيس الأمريكى هذه الرسالة الضاغطة ب «أن رئيس الوزراء «الإسرائيلى» نتنياهو أصبح جاهزا للانتقال إلى المفاوضات المباشرة عقب اللقاء الذى عقده معه أخيرا»، كما أن أوباما لن يقبل بالتوجه إلى الأمم المتحدة بديلا عن المفاوضات المباشرة.
من المرجح أن أعضاء لجنة المتابعة العربية لم يكونوا مطلعين على محتوى العناصر التى وردت فى اللقاء الثانى بينه وبين نتنياهو، لأن سرعة الموافقة دلت على أنه لم يسبق قرار لجنة المتابعة تجاوب مع طلب الرئيس أوباما من دون أية إحاطة دقيقة بما استوجب ثقة الرئيس الأمريكى بالنتائج المرجوة الضامنة لقيام الدولة الفلسطينية مكتملة السيادة.
لماذا الشك؟ كما لماذا ترك الرئيس محمود عباس وحيدا فى مجابهة غير متوازنة فى مفاوضات ليست «مفاوضات»؟ استعمال مصطلح «مفاوضات» ينطوى على اتفاق مسبق بين الأطراف على النتيجة، وبالتالى يصبح التفاوض على المراحل والتوقيت والترتيبات الإجرائية المطلوبة لتسريع إنجاز الاتفاق لا لاكتشاف ما هو الاتفاق، كما أن لجنة المتابعة لم تأخذ أى إجراء جدى أو حتى غير جدى لإنجاز خطوات حاسمة لوحدة المرجعية التى تفرزها وحدة كل الفصائل حتى لا تتعثر المفاوضات، وأن يؤدى التسرع إلى مزيد من الانقسام وانعدام الفرص لممارسة حق تقرير المصير. يُضاف أن الرئيس أوباما لم يوضح بما فيه الكفاية، أو بالأحرى لم يوضح أبدا إذا انتزع من نتنياهو اعترافا بأن «إسرائيل» سلطة محتلة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة على الأقل منذ يونيو/حزيران، 1967 كما أن ما تم من تجميد للاستيطان لم يكن مستقيما مع تواصل الإجراءات التهويدية فى القدس والتكثيف الحاصل فى عدد من المستوطنات القائمة.
وتستمر الأسئلة: ولماذا لم توفر لجنة المتابعة لنفسها إمكان مخاطبة الرئيس الأمريكى؟ وتسأله، لماذا لا يطالب بتفكيك المستوطنات بدلا من تجميدها، مما يعنى تعامل إدارته مع كون «إسرائيل» تحتل الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية؟
وجود المستوطنات يشكل إضافة إلى كونه خرقا واضحا لاتفاقيات جنيف الرابعة، و«إسرائيل» تعتبر تمددها الاستيطانى حقا يمليه المشروع الصهيونى، وبالتالى يتنافى مع اعتبار المجتمع الدولى أن «إسرائيل» محتلة، فهل وفر للرئيس أوباما ضمانا أن «إسرائيل» سوف تفاوض على كونها محتلة؟ أو كما يدل سلوكها منذ 5 يونيو 1967 أنها مستمرة بسلطتها كفاتح.
لقد حان الوقت أن يتوحد العرب فى طرح هذا السؤال على الرئيس الأمريكى وإدارته كون المجتمع الدولى اعترف بأن «إسرائيل» تحتل، والإدارة الأمريكية تبقى الالتباس من خلال كلمة مفاوضات، لتمكن «إسرائيل» من الاستفراد بالمصير الفلسطينى، إذا لم يستعد العرب إدراكهم لمسئوليتهم القومية تجاه فلسطين القضية، كما بالتالى تستعيد «لجنة المتابعة» إدراكها أن استقامة معادلة التفاوض هى أيضا تعبر عن ثقافة المقاومة، وبالتالى تعطى غطاءات ل «المفاوضات العبثية»، عليها أن تعى أن مسئوليتها أشمل من مجرد «تغطية»، بل المشاركة بتعبئة قومية حتى لا تعود «إسرائيل» تستفرد بتعريف المصطلحات وبإملاء التوقيت والإمعان باستباحة الحقوق والادعاء بأنها مستعدة للقيام ب«تنازلات» هى ذروة الاستعلاء العنصرى والاستخفاف بعقول العالم والإمعان فى التهديد والتهويد وممارسة التمييز العرقى والدينى، واعتبار أية مقاومة لاحتلالها كأنها تمرد على حقوقها الملكية وسهولة ممارستها القمع، وأيضا اعتبار أن أى مساءلة عن ترساناتها النووية بمثابة «تهديد وجودى لها»، بما يعنى أن أى سؤال فى هذا الشأن دليل على حقها فى الابتزاز، وبالتالى التفوق الاستراتيجى على الكل العربى باحتضان أمريكى معلن.
أمام هذا الوضع، أليس هناك من حاجة للجنة المتابعة لإعادة النظر فورا بما أقدمت عليه من تمكين «إسرائيل» من الاستفراد بالسلطة الفلسطينية فى عملية «تفاوض» فاقدة الحد الأدنى من ميزان القوة والحد الأقصى من استمرار التمدد الاستيطانى «الإسرائيلى» وانقسام المرجعية القيادية للشعب الفلسطينى وفقدان مرجعية عربية موثوقة. ألم نتعلم أن فقدان التنسيق بين أقطار الأمة العربية ناهيك عن الوحدة بسبب ضياع البوصلة، سببّ المزيد من التفكك والتقوقع وتفتيت المجتمعات؟ أو هل قدرنا أن نبحث عن دورة تأمين حقوقنا من دون المطالبة بحقوق فلسطين؟
يبدو كأننا نجتر تذمرات سابقة، فهل من فرصة للخروج من حالة الاستقالة التى تجد الأمة العربية نفسها وقعت فيها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.