أكد خبراء أتراك أنه لا يمكن إدارة السياسة التركية مع إيران على أساس النوايا، وتجاهل الخطر المحتمل من سعيها للتسلح النووي. وأوضح الخبراء أن تركيا تقوم بمغامرة محفوفة بالمخاطر من خلال الاستراتيجية التي تتعامل بها مع إيران، والتي ترفض أن ترى في إيران تهديدًا، في إطار خطط حلف شمال الأطلسي "ناتو" لإقامة نظام الدفاع الصاروخي أو "الدرع الصاروخية" في شرق أوروبا، ورغبته فب أن يشمل تركيا، وكذلك عدم وجود احتياطات لمواجهة الاندفاع الإيراني نحو التسلح النووي. وشدد المسئول العسكري التركي السابق سردار أردوماظ على أن تركيا لا يمكنها أن تبني خططها على أساس النوايا، ويجب أن تكون هناك علاقات طيبة مع إيران، لكن حتى هذا الأمر يمكن أن يتغير، مثلما تغيرت العلاقات الجيدة بين واشنطن وطهران أيام حكم الشاه. ولفت أردوماظ، الذي يعمل الآن خبيرًا بمركز بحوث العلاقات الدولية والتحليل الاستراتيجي التركي "تورك صام"، إلى أن تركيا تسعى إلى امتلاك نظام للدفاع الصاروخي بوسائلها الخاصة، قائلا إن مستشارية التصنيع العسكري فتحت بالفعل مناقصة في عام 2007 لشراء نظام دفاع جوي بعيد المدى، لكن هذه الخطط علقت بسبب ارتفاع تكلفة هذا النظام. وبدوره أكد ممثل تركيا في حلف الناتو سابقًا، أوميت بامير، أن ما يهم الناتو هو القدرات لا النوايا، في إشارة إلى امتلاك إيران قدرات نووية. وأشار إلى أن تركيا كانت من بين أعضاء الناتو، الذين طالبوا الولاياتالمتحدة بإدراجهم ضمن الدول التي سيتم نصب الدرع الصاروخية للناتو بها، بعدما أعلنت أنه سيتم نصبه في بولندا وجمهورية التشيك، لكن تركيا كغيرها من أعضاء الناتو شعرت بالقلق بسبب رد الفعل الروسي تجاه خطط الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، ورأت أن الأفضل أن يكون لديها نظام دفاعي من خلال الناتو. وتابع بامير، وهو واحد من 12 عضوًا في لجنة الحكماء التي شكلها الأمين العام لحلف الناتو، أنردس فوغ راسمسون، لإعداد وثيقة الرؤية الاستراتيجية لمستقبل الحلف، التي ستناقشها قمة الناتو الشهر المقبل، أن التقرير الذي أعدته لجنة الحكماء بشأن خريطة الطريق الخاصة بالتحديات التي يواجهها الناتو أدرج إيران كتهديد لدول الحلف، لكنه أشار إلى أن راسموسن لا يعتنق هذه الفكرة، وسيطرح تصوره الخاص أمام قمة الناتو. ومن جانبه، استبعد الخبير في شئون العلاقات الدولية بجامعة قدير هاس في اسطنبول، الدكتور حسن هان، أن تقدم إيران على خطوة استخدام الصواريخ الباليستية لمهاجمة تركيا ، لكنه أوضح أن هذه ليست هي المشكلة، إنما المشكلة تكمن في تزايد تأثير إيران مع استمرار جهودها في إطار برنامجها للتسلح النووي، وسيكون الانعكاس الطبيعي هو تراجع التأثير التركي. وأكد أن أكثر الوسائل اقتصادًا وتوفيرًا بالنسبة لتركيا، هي أن تقبل العرض المقدم لها من الناتو بإدراجها ضمن إطار منظومة الدرع الصاروخية، محذرًا من أن رفض هذا العرض سيضر المصالح التركية على المدى البعيد، وسيكون خطوة غير "ماهرة" من جانب تركيا على الإطلاق. وأشار إلى أن سياسة "صفر المشاكل مع الجيران" التي تطبقها الحكومة التركية ترمي إلى منع عسكرة العلاقات الخارجية وإبقاء الجيش بعيدًا عن الأنظار لأقصى درجة، لكنه أوضح أنه من أجل الحفاظ على التوازن مع الجيش الإيراني يجب أن يتم عمل ذلك من خلال الوسائل العسكرية، وهو ما يعني إعطاء مزيد من المصداقية للجيش وإبقائه في دائرة الضوء. وأضاف هان أن السياسة الداخلية للحكومة تغفل النظرة بعيدة المدى للعلاقات الخارجية، على الرغم من حقيقة أن ذلك سيضر بمصالح تركيا على المدى الطويل.