قالت مصادر مصرية وسودانية فى القاهرة، إن قرار تأجيل عقد اللجنة المصرية السودانية المشتركة، التى كان مقررا خلال الأيام الجارية، جاء بطلب سودانى فى ضوء التوترات السياسية الكبيرة التى شهدتها العلاقات بين الشمال والجنوب خلال اليومين الماضيين، والتى وصلت ذروتها مع نشر حشود عسكرية على الجانبين. وقال مصدر دبلوماسى مصرى ل«الشروق» طلب عدم ذكر اسمه «لم يكن من الوارد الحديث عن تعاون ثنائى فى الوقت الراهن، كما لم يكن من الممكن أن يتوجه رئيس الوزراء إلى جنوب السودان، فى ظل التوتر الكبير الحالى». من ناحية أخرى، علمت «الشروق» أن القاهرة وجهت دعوات عاجلة بالتهدئة لقيادات فى الشمال والجنوب، وأن هناك فرصة لتبكير موعد اجتماع كان مقررا منتصف نوفمبر المقبل، بين قيادات سياسية وأمنية مصرية ونظرائها من السودانيين الشماليين والجنوبيين لتدارك الوضع الراهن على الأرض. وكان كل من جيشى شمال وجنوب السودان قد تبادلا الاتهامات بعبور الحدود بينهما، والتى تعرف بحدود 56. واتهم الجيش السودانى أمس قوات جنوب السودان (الجيش الشعبى) باجتياز منطقة متنازع عليها على الحدود بين الجنوب والشمال، معتبرا الأمر انتهاكا من شأنه أن يعيق تنظيم الاستفتاء على استقلال الجنوب. وأكد المتحدث باسم الجيش السودانى المقدم الصوارمى خالد سعد أن صحة الأنباء المتناقلة حول «الحشود العسكرية للحركة الشعبية عند الحدود الفاصلة بين ولايتى أعالى النيل والنيل الأبيض». وأضاف فى مؤتمر صحفى فى الخرطوم «لقد قطعت القوات المسلحة بعدم وجود أى إمكانية لإجراء الاستفتاء إذا استمرت الخروقات التى تقوم بها الحركة الشعبية على النيل الأبيض». ومن ناحيته، طالب المتحدث باسم الجيش الشعبى الأممالمتحدة بإجراء تحقيق حول ما سماه «اتهامات متبادلة» بين الشمال والجنوب بنشر قوات قرب الحدود التى تشهد خلافات حول ترسيمها فى منطقة ابيى الغنية بالنفط. ورفض كوال اتهامات الجيش السودانى جملة وتفصيلا، وأكد أنها «محض افتراء» للتغطية على الحشود والتسليح الذى يتم من قبل القوات المسلحة الحكومية بهدف مهاجمة الجيش الشعبى». وعلى ذات الصعيد، قال مسئول عربى رفيع المستوى مشارك فى الأعمال التحضيرية للقمة، ل«الشروق»: إن «انفصال جنوب السودان يقلق الدول العربية ويجعلها تفكر فى التأثير السلبى لهذا الانفصال عليها»، حيث من الممكن أن تفكر بعض الجماعات بتكرار هذه التجربة خاصة فى «الدول التى لديها توترات» على حسب قول المصدر. وتابع المصدر أن عددا من الوفود العربية، ستطرح قضية إمكانية انفصال الجنوب على الرئيس السودانى، ومعرفة ما إذا كانت فرصة الوحدة قائمة، أم لا، كذلك مناقشة مؤتمرات الاستثمار العربية فى جنوب السودان، المقررة فى البحرين خلال نوفمبر، والكويت فى ديسمبر، من العام الحالى. ومن جهة أخرى، قال مصدر عسكرى سودانى متقاعد رفض الكشف عن هويته ل«الشروق» إن حكومة جنوب السودان أعادت نشر 26% من جيشها المقدر بنحو ثلاثين ألف جندى، على الحدود بينها وبين الشمال. وتابع المصدر «لا أتوقع بدء حرب بين الطرفين، لكن الحشود العسكرية، وسيلة ضغط» يستخدمها الجانبان. ومن ناحيته، توقع الناشط السودانى الباقر العفيف فى تصريحات ل«الشروق» تأجيل الاستفتاء لعدم كفاية الاستعدادات اللوجيستية حتى الآن، وأضاف أنه «لن يتأخر عن أبريل» 2011. وتابع العفيف «طبعا هناك مخاوف من تجدد الحرب الأهلية، لكن الطرفين لا يرغبان فيها، لأنهما يعانيان أصلا من مشاكل أخرى».