بعد ماراثون من المباحثات الثنائية التى كانت فى مجملها مغلقة وبعد أخذ وجذب وتدخلات رفيعة من القاهرة، ومن عواصم عربية أخرى، بدأت الجولة الثانية للمفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بمشاركة أمريكية متأخرة ساعتين عن الموعد المقرر لها. الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون مع مبعوث الرئيس الأمريكى للسلام فى الشرق الأوسط التقوا فى أحد الفنادق الكبرى بشرم الشيخ وسط أجواء تحفظ فى وصفها الدبلوماسيون المشاركون فى اجتماعات شرم الشيخ بدعوى أنه من المبكر جدا الحديث عن التفاؤل فى ضوء الصعوبات الكبيرة التى تحيط ببدء التفاوض المباشر من حيث الاتفاق على القضايا التى ستناقش وترتيبها. «الرئيس (عباس) قلق.. مازال قلقا وهو سينتظر بعض الوقت قبل أن يذهب للقاء الثلاثى (مع نتنياهو وكلينتون)». هكذا قال مصدر فلسطينى ل «الشروق» عقب ساعة من الوقت الذى كان مقررا لبدء الجلسة الثلاثية للتفاوض المباشر الثانية بعد جلسة استضافتها واشنطن فى الثانى من سبتمبر وقبل جلسة أصرت المصادر على أنها ستكون الحاسمة تعقد فى القدس اليوم. أسباب تأخير الاجتماع الثلاثى ترتبط حسبما قال مصدر فلسطينى فى شرم الشيخ بعدم استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلى بتخفيف لغته المتعنتة حول تمديد تجميد جزئى للاستيطان الاسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية إلى جانب ترتيب القضايا التى ستطرح على مائدة النقاش والمساحة التى ستخصص لمناقشة كل منها. «طبعا التباين كبير جدا جدا ولكن الرئيس عباس ملتزم بالعمل وإعطاء الأمور فرصة». المصدر أشار إلى أن هذا الالتزام ليس فقط أمام الجانب الأمريكى ولكن أيضا أمام عواصم عربية تعهدت لواشنطن ببذل الجهد ل«تشجيع» عباس على المضى قدما. كان الرئيس الفلسطينى قد ذهب إلى مقر انعقاد المفاوضات المباشرة بعد حصوله على دفعة جديدة من الدعم السياسى العربى الرفيع المستوى وفى ضوء الارتياح الفلسطينى للحديث المعلن لوزيرة الخارجية الامريكية برغبة واشنطن فى استمرار تجميد الاستيطان بعد ال30 من سبتمبر التاريخ المقرر لانتهاء مدة التجميد الجزئى لعشرة أشهر. وحسب تصريحات أدلى بها نبيل شعث قبيل مغادرة عباس فندقه متوجها إلى الفندق محل انعقاد اللقاء الثلاثى فإن أمريكا لا تمارس ضغوطا على السلطة الفلسطينية للتنازل عن مطلب تجميد الاستيطان. ولكن حسب مصادر أمريكية ومصرية فإن ذلك لا يعنى أن عباس سيلقى تشجيعا فى حال ما قرر أن ينسحب من التفاوض خلال أيام حيث إن الاتفاق الضمنى هو منح التفاوض المباشر فرصة بضعة أشهر ولو قليلة وهى المدة التى قال مصدر أمريكى من واشنطن أن إدارة أوباما تعمل من أجل اقناع الحكومة الاسرائيلية بمد تجميد الاستيطان خلالها ولو بدون إعلان رسمى. ومازال التحفظ سيد الموقف بعد أسبوعين من الجولة الاولى للتفاوض المباشر والمسئولين المشاركين فى اجتماعات شرم الشيخ اتفقوا على تفادى التصريحات إلا فى إطار مؤتمرات صحفية مقررة ومتفق عليها مسبقا. ولم تصدر أية تصريحات عقب ثلاثة لقاءات مغلقة متتالية أجراها الرئيس حسنى مبارك صباح أمس فى شرم الشيخ مع كل من كلينتون ونتياهو وعباس. كلينتون لم تدل بدورها بتصريحات عقب لقاءين جمعاها منفردة مع كل من عباس ونتنياهو كما أن عباس لم يدل بتصريحات عقب لقاء جمعه مع كل من وزير الخارجية أحمد أبوالغيط والوزير عمر سليمان. وتم تأخير المؤتمر الصحفى الذى كان مقررا لجورج ميتشيل المبعوث الأمريكى الرئاسى للشرق الأوسط فى الواحدة ظهرا بالنظر إلى البدء المتأخر للمفاوضات المباشرة. مصدر أمريكى قال بدوره إن المهم هو أن اللقاءات بدأت «وبجدية وبالتزام وبالطبع ستكون هناك صعوبات وستكون الولاياتالمتحدة مستعدة للتدخل لتذليل الصعوبات ولكنها لن تكون مستعدة لتقديم حلول بدلا عن الاطراف». المصدر الذى شدد على رغبة الادارة الامريكية فى انجاح فرص التفاوض قال إن اوباما لم يكن ليرسل بكلينتون بنفسها فى الوقت الذى يوجد فيه ميتشيل فى المنطقة وبالرغم من الكثير من الالتزامات الأخرى فى واشنطن «لولا أن يكون أوباما عازما على تحقيق تقدم». من ناحية أخرى، أكد عوفير جندلمان المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أن بلاده لن تمد قرار تجميد الاستيطان الذى ينتهى فى السادس والعشرين من هذا الشهر، ورفض التعليق على تصريح نتنياهو قبل يومين بأن إسرائيل تفكر فى تحديد النطاق المستقبلى للمستوطنات. وأقر جندلمان أن الجولة الثانية من المفاوضات فى شرم الشيخ أمس بدأت بخلافات اعتبرها متوقعة «لأن هذه هى طبيعة الصراع مع الجانب الفلسطينى»، لكنه رفض الإفصاح عن طبيعة هذه الخلافات وعما إذا كانت قديمة أم طارئة، «نحاول تجاوز هذه العقبات باتصالات مكثفة نسعى لأن تتم بعيدا عن الصحافة». وفى مؤتمره الصحفى قال جورج ميتشيل مبعوث السلام الأمريكى فى الشرق الأوسط إن الهدف الذى نسعى إليه هو التوصل إلى اتفاق إطار على أساس قيام دولتين لشعبين. ورفض ميتشيل القول ما إذا كان هذا يعنى تبنى الولاياتالمتحدة لوجهة النظر الإسرائيلية المطالبة بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية مقابل السماح بقيام دولة فلسطين.