انطلقت أمس محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية المباشرة فى واشنطن وسط دعوات باغتنام الفرصة للتوصل إلى اتفاق سلام على طاولة زرعت تحتها «قنبلة موقوتة» تسمى الاستيطان بالاضافة إلى أجواء ميدانية متوترة فى الأراضى المحتلة. وقال الرئيس الأمريكى باراك أوباما أوباما خلال مؤتمر صحفى مشترك فى البيت الأبيض مع الرئيس الفلسطينى ورئيس الوزراء الإسرائيلى والرئيس المصرى والعاهل الأردنى إنه ينبغى على الجانبين أن يتذكرا جهود من سبقوهما لتحقيق المصالحة. ودعا أوباما الطرفين إلى عدم تفويت هذه الفرصة لإحلال السلام القائم على أساس إقامة دولة فلسطينية وضمان أمن إسرائيل خلال سنة. وقال أوباما الذى التقى عباس ونتنياهو على حدة ثم أقام عشاء حضرته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون وممثل اللجنة الرباعية فى الشرق الأوسط تونى بلير «فرصة السلام هذه قد لا تتوافر مرة أخرى». وأضاف الرئيس الأمريكى «لا يمكنهم أن يسمحوا لأنفسهم بتفويت هذه الفرصة»، مؤكدا أن «الوقت حان للقادة الشجعان وأصحاب الرؤية أن يفتحوا الباب أمام السلام الذى تستحقه شعوبهم». من جهتهما تبادل عباس ونتنياهو الابتسامات وتصافحا بحرارة أمام الكاميرات لكن المفاوضات الفعلية والمصاعب تبدأ الخميس حين يلتقيا فى وزارة الخارجية ويطلقا المفاوضات المباشرة والتى يبدأ معها طرح القضايا الشائكة التى عرقلت فى السابق جهود السلام. ومن جانبه حث نتنياهو الفلسطينيين على الانضمام إليه فى مساعى التوصل إلى «تسوية تاريخية»، وقال متوجها إلى عباس «أنت شريكى فى السلام, والأمر يعود إلينا أن نعيش جنبا إلى جنب ومع بعضنا البعض». وأضاف «أتيت إلى هنا لإيجاد تسوية تاريخية تتيح لشعبينا العيش بسلام وأمن وكرامة». أما الرئيس حسنى مبارك فقد شدد كذلك على ضرورة وقف الأنشطة الاستيطانية «تماما إلى أن ينتهى التفاوض»، مضيفا أنه يتم «بمخالفة القانون الدولى». وعبر الرئيس المصرى عن أمله فى أن تفضى المفاوضات المباشرة إلى اتفاق سلام خلال عام. وأضاف «لم يعد من المقبول، ونحن فى بداية العقد الثانى من الألفية الثالثة أن نفشل فى التوصل لاتفاق سلام». ووصفت صحيفة بريطانية الاستيطان الاسرائيلى بأنه قنبلة موقوتة تهدد المفاوضات التى يجريها محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى واشنطن. وقالت صحيفة الفايننشيال تايمز فى عددها الصادر أمس إن «هذه القنبلة قد تدمر هذه المفاوضات فى أقل من شهر»، أى بحلول السادس والعشرين من الشهر الحالى الذى ينتهى فيه الوقف الإسرائيلى المؤقت للأنشطة الاستيطانية فى الضفة الغربيةالمحتلة. وأضافت أن المعضلة التى تواجه نتنياهو واضحة، فإذا مدد هذا الوقف المؤقت كما يطالب الفلسطينيون فسيغامر بفرص بقاء ائتلافه الحكومى ويثير حنق الجماعات المؤيدة للاستيطان وهى قوية، كما أن الغالبية العظمى داخل ائتلافه «الليكود» تؤيد استئناف الاستيطان. وتشير الصحيفة إلى أن نتنياهو يميل إلى التوصل إلى تسوية بشأن تجميد الاستيطان، كما تنقل عن يوسى آلفر المحلل السياسى والمستشار السابق للحكومة الإسرائيلية قوله إن المشكلة هى أن قضية المستوطنات مسألة يشعر الفلسطينيون أنهم قد قدموا تنازلات كبيرة بشأنها، ومنذ زمن، وبالتالى فلا يجوز أن يتنازلوا ثانية». وقالت الفايننشيال تايمز إن هناك فكرة تحظى بتأييد متزايد بين الوزراء الإسرائيليين وهى التمييز ما بين ما يطلق عليه اسم الكتل الاستيطانية والتى تقع بالقرب من الخط الأخضر للحدود مع الضفة الغربية وبين المستوطنات الصغيرة المعزولة الواقعة فى عمق المناطق المحتلة، وإنه فيما يتوجب استئناف البناء فى الكتل الاستيطانية يبقى مجمدا فى الثانية، كما يقول دان ميريدور نائب رئيس الوزراء عن حزب الليكود. والخيار الثانى بحسب الفايننشيال تايمز هو السماح لأصحاب المشروعات الخاصة الحاصلين بالفعل على تراخيص للبناء بالمضى فى مشاريعهم، وفى نفس الوقت الامتناع عن إصدار أى تراخيص بناء جديدة وتجميد المشاريع الحكومية. وفى الحالتين فإن مفتاح السر كما يؤكد المحللون والمسئولون هو تفادى الإعلانات الرنانة ومشاريع البناء الضخمة، فكما قال مسئول فلسطينى لم تسمه الصحيفة «إذا كان هناك إعلان ببناء منازل أخرى فلن يكون بوسع الفلسطينيين الاستمرار فى المفاوضات». وترى الفايننشيال تايمز أن انهيار المباحثات سيسبب حرجا شديدا للرئيس الأمريكى باراك أوباما. ونقلت عن مسئول إسرائيلى سابق قوله «إن الولاياتالمتحدة ستضغط بشدة على إسرائيل لتمديد فترة التجميد، لكن ستضغط بشدة أكبر على عباس كى يقبل صيغة التسوية المحتومة ولا ينسحب من المفاوضات». وختمت الصحيفة تقريرها بالقول «واضح أن الولاياتالمتحدة تأمل أن تتراجع الأطراف خلال الأسابيع المقبلة، وإلا فقد يسجل التاريخ اجتماع واشنطن كواحد من أقصر محاولات تحقيق السلام فى الشرق الأوسط عمرا». وفى المقابل فإن الوضع الميدانى لا يزال متوترا، فقد أصيب إسرائيليان كانا فى سيارتهما بجروح إثر تعرضهما لإطلاق نار أمس الأول قرب مستوطنة فى الضفة الغربية بحسب الجيش الاسرائيلى. والثلاثاء الماضى قتل أربعة مستوطنين إسرائيليين فى هجوم تبنته حماس. وأكد مسئولون من حماس فى الضفة الغربية أمس أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية تواصل اعتقال ناشطين من الحركة على خلفية الهجومين. وصرح عمر عبدالرازق أحد قادة حماس فى الضفة الغربية بأن السلطة الفلسطينية شنت عمليات اعتقال واسعة فى صفوف أعضاء من حماس فى الضفة الغربية. وأضاف أنه لا يعرف عدد المعتقلين بدقة، لكنه أوضح أنه «من داخل مدينة رام الله فقط تم اعتقال 32 شخصا ونعمل على معرفة الارقام الدقيقة للذين تم اعتقالهم». وقال «هناك معتقلون لا تستطيع السلطة إخفاءهم». وأشاد الجيش الإسرائيلى بالتعاون الأمنى الذى أبدته أجهزة السلطة الفلسطينية.