خيم التوتر على منطقة الشرق الأوسط قبل 48 ساعة من انتهاء مدة سريان القرار الإسرائيلى بتجميد الاستيطان جزئيا، ففى الوقت الذى تحاول فيه إسرائيل المناورة لتفادى وقف الاستيطان وعدم إبداء رد واضح على دعوات تمديد فترة التجميد لإتاحة الفرصة لمفاوضات السلام الجارية، يتأهب المستوطنون بالفعل لاستئناف البناء غير الشرعى على الأراضى الفلسطينية المحتلة فور انتهاء التجميد مستعينين بتقنيات تسرع من وتيرة البناء، بينما تهدد السلطة الفلسطينية بوقف التفاوض. وأعلن مسئول إسرائيلى كبير طلب عدم كشف اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية ان إسرائيل على استعداد للتوصل إلى «تسوية متفق عليها» من الأطراف كافة بشأن تمديد قرار تجميد الاستيطان فى الضفة الغربية. وقال المسئول الذى طلب عدم كشف اسمه إن إسرائيل على استعداد للتوصل إلى تسوية متفق عليها بين الأطراف كافة بشأن تمديد قرار تجميد الاستيطان، مع العلم بأن هذا التجميد لا يمكن أن يكون كاملا». ويأتى ذلك فيما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوعز إلى موفده إلى محادثات السلام يتسحاق مولخو بالبقاء فى الولاياتالمتحدة فى مسعى لإيجاد حل لقضية تجميد البناء فى المستوطنات. وقال نتنياهو خلال جلسة تشاورية عقدها مساء أمس الأول انه «إذا أراد الفلسطينيون التوصل إلى السلام فعليهم الا ينسحبوا من المفاوضات»، مشيرا إلى أنهم «قد قاموا بالتفاوض مع الحكومات السابقة فى إسرائيل بالرغم من استمرار أعمال البناء كما أنهم قد أضاعوا الفرصة للبدء فى المفاوضات مع الإعلان عن فترة التجميد قبل عشرة أشهر». وفى المقابل، اتهم «مجلس التجمعات السكنية اليهودية فى يهودا والسامرة (الضفة الغربية)» (ييشا)، ابرز الهيئات التمثيلية ل300 ألف مستوطن يهودى الرئيس الأمريكى باراك أوباما «بالرضوخ لتهديدات الفلسطينيين بالانسحاب من طاولة المفاوضات إذا لم تتم الاستجابة إلى شروطهم المسبقة». وفى ذات السياق، ذكرت صحيفة «هاآرتس» أمس أن المستوطنين ينوون استئناف البناء الاستيطانى فى الضفة الغربية الاثنين المقبل فور انتهاء مدة التجميد فى 26 ديسمبر الجارى. وتشير التقديرات إلى أن هناك تراخيص لبناء 2000 إلى 2200 وحدة سكنية، بحيث يمكن البدء ببنائها فورا. وافادت الصحيفة أن مقاولى البناء سيباشرون البناء الاثنين المقبل، مشيرة إلى أن من بينهم مقاولين لبناء وحدات سكنية «خفيفة» لا يستغرق بناؤها أكثر من شهرين وتعتبر غير مكلفة نسبيا، ويمكن العيش فيها لسنوات طويلة. وبحسب المستوطنين فإنه «عندما يقرر رئيس الحكومة الإسرائيلية ماذا سيفعل سيكون قد تم بناء مئات الوحدات السكنية المرتبطة بجميع شبكات البنى التحتية»، على حد قول الصحيفة. ودعا الرئيس الأمريكى باراك أوباما إسرائيل إلى تمديد العمل بقرار تجميد الاستيطان فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولى متحدثا على هامش الجمعية العامة «ثمة مواقف غير منسجمة من الجانبين، ونعرض أفكارنا بشأن الطريقة التى يمكننا بها المضى قدما من الطرفين حتى تستمر العملية فى التقدم». وحذر الرئيس الفلسطينى محمود عباس مجددا ان مفاوضات السلام مع إسرائيل ستتوقف إذا استؤنف الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة عند انتهاء العمل بقرار إسرائيل تجميده الأحد المقبل. وقال عباس خلال لقاء فى نيويورك مع ممثلى الجالية الفلسطينية فى الولاياتالمتحدة «من واشنطن انطلقت المفاوضات المباشرة لكن قلنا لإسرائيل وللإدارة الأمريكية لن تستمر المفاوضات إذا لم يوقف الاستيطان، وأنا أقول كلمة واحدة، إذا لم يوقف الاستيطان ستوقف المفاوضات». وميدانيا، فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلى، منذ منتصف الليلة الماضية، إجراءات مشددة فى مدينة القدسالمحتلة، تمنع بموجبها المواطنين من القدسالمحتلة والداخل الفلسطينى ممن تقل أعمارهم عن الخمسين عاما من دخول البلدة القديمة أو المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاة الجمعة. وبررت سلطات الاحتلال إجراءاتها بأنها تأتى تحسبا لانطلاق مسيرات وتظاهرات تنطلق من باحات الأقصى بعد صلاة الجمعة وتخترق شوارع البلدة القديمة ضد سلطات الاحتلال. وما زالت قوات الاحتلال تفرض حصارا عسكريا مشددا على بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى، وبلدة العيسوية وسط القدسالمحتلة، ووضعت المتاريس على بوابات معظم الأحياء المقدسية القريبة والمتاخمة لأسوار القدس القديمة والمجاورة لبلدة سلوان بعد المواجهات التى شهدتها المدينة بين المواطنين وقوات الاحتلال خلال اليومين الماضيين.