عبر إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي، عن قلقه من أن تسرب تركيا، التي كانت ذات يوم حليفة وثيقة لبلاده، أسرارا مخابراتية لإيران؛ مما يكشف عن فقد الثقة فيما تتغير مصالح أنقرة الإقليمية. وتلقي التصريحات الخاصة، التي تم تسريبها، بظلال من الشك حول مدى رغبة أو قدرة إسرائيل على المصالحة مع الأتراك الذين غضبوا لقتل إسرائيل 9 من مواطنيهم على متن سفينة مساعدات ضمن قافلة لمناصرة الفلسطينيين في 31 مايو. وقبل أن يتعكر صفو العلاقات كانت تركيا أقرب حليفة مسلمة للدولة العبرية في صداقة قامت في الأساس على التعاون العسكري وتبادل معلومات المخابرات. وفي اجتماع مغلق مع قيادات مجتمعية إسرائيلية في مزرعة تعاونية خارج القدس في 25 يوليو، وصف باراك تركيا بأنها "صديقة وحليفة إستراتيجية مهمة". لكنه وصف حقان فيدان، الرئيس الجديد لجهاز المخابرات الوطني في تركيا، بأنه "صديق لإيران". ونقل راديو الجيش الإسرائيلي عن باراك قوله في الكلمة التي ألقاها: "هناك بضعة أسرار خاصة بنا (عهدنا بها لتركيا)، وفكرة أنهم قد ينفتحون على الإيرانيين على مدى الأشهر القادمة مزعجة جدا". وأحجمت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن التعقيب، لكن شخصا حضر اللقاء الذي جرى في مزرعة تعاونية قال لرويترز، اليوم الاثنين: إن تقرير راديو الجيش دقيق، وإن باراك كان يتحدث في سياق التعاون المخابراتي بين إسرائيل وتركيا فيما سبق. وتم تعيين فيدان في مايو، وكان فيما سبق مستشارا للسياسة الخارجية لرجب طيب أردوغان رئيس الوزراء، وهو كثيرا ما وبخ إسرائيل. ويتزعم أردوغان حزب العدالة والتنمية ذا الجذور في الإسلام السياسي. وتقول مصادر تركية إن فيدان ساعد في التوسط بين الغرب وإيران بشأن برنامج طهران النووي المثير للخلاف. ولمحت إسرائيل إلى إمكانية قيام جيشها بغارات عسكرية كملاذ أخير لحرمان الإيرانيين من وسائل تصنيع قنبلة نووية، وهو التهديد الذي عززته غارة إسرائيلية عام 2007 على مفاعل نووي مزعوم في سوريا حلقت خلاله الطائرات الحربية الإسرائيلية لفترة قصيرة فوق تركيا. وغضبت حكومة أردوغان من هذه الغارة، وأشارت إلى امتلاك إسرائيل لترسانة نووية مفترضة. وساعدت هذه المواقف تركيا عضو حلف شمال الأطلنطي في حشد تأييد العرب والمسلمين كقوة إقليمية مهيمنة في الشرق الأوسط. ولم تعقب أنقرة علنا على وضع علاقاتها المخابراتية مع إسرائيل. لكن بعض المعلقين الأتراك يتشككون في تقارير إعلامية أفادت بتواطؤ إسرائيلي مع الأكراد في شمال العراق بالنظر إلى علاقات الدولة العبرية المثيرة للارتياب مع حزب العمال الكردستاني الانفصالي بتركيا. على النقيض حظي جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) بالإشادة على نطاق واسع لمساعدته تركيا في القبض على عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني عام 1999، غير أن رئيس الموساد آنذاك افرايم هاليفي نفى صلة الموساد بهذا. وانتقدت تركيا تحقيقا إسرائيليا في اعتراض سفينة المساعدات مرمرة التي كانت ضمن قافلة لمساندة الفلسطينيين، والذي ألقى باللوم على المخابرات العسكرية لعدم توقعها مقاومة من الركاب لجنود الكوماندوز الذين اعتلوا السفينة. وقتل جنود من الكوماندوز 9 أتراك بالرصاص في الاشتباك الذي أعقب اعتلاءهم للسفينة، وبررت إسرائيل هذا بأنه دفاع عن النفس. وكانت تركيا -التي سحبت سفيرها وعلقت مناورات عسكرية مشتركة مع إسرائيل احتجاجا على أعمال العنف- قد طالبت باعتذار وإجراء تحقيق دولي أوسع نطاقا.