فى الوقت الذى مازالت فيه دماء نشطاء أسطول الحرية تصيب العلاقة بين تركيا وإسرائيل بالشلل، اندلعت أزمة جديدة بين البلدين ولكن بطلها هذه المرة رئيس جهاز الاستخبارات التركية الجديد، هاكان فيدان، الذى يلقبه بعض المراقبين الإسرائيليين ب«الشبح»، ويلقبه أتراك ب«المذنب» الذى كشف وجه إسرائيل الحقيقى. وسبب الأزمة اتهام وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك ل«فيدان» بأنه «صديق مقرب لإيران» وقد «يسرب أسراراً مخابراتية إسرائيلية لطهران»، فى خطوة أثارت استياء الأتراك ودفعتهم لاستدعاء السفير الإسرائيلى لإبلاغه الاستياء من هذه التصريحات. وعاد باراك ودافع عن تصريحاته مرة أخرى وقال «إنها لم تخرج عن حدود اللياقة لأنها ببساطة حقيقة وهذا أمر يزعجنا حقا». وفى معرض تعليقه على هذه الأزمة، قال الخبير السياسى التركى إبراهيم أقباب ل«المصرى اليوم» إن إسرائيل تحاول منذ فترة طويلة إثارة المشاكل بين تركيا وإيران الذين تربطهما علاقات قوية سواء على الصعيد السياسى أم على الصعيد الاقتصادى. وأضاف أقباب أن «إسرائيل فى وضع حرج الآن بعد اعتدائها على أسطول الحرية فى عرض المياه الإقليمية الدولية، كما تضررت علاقاتها مع أنقرة أكبر حليف إسلامى لها، ولذلك فهى تبحث عن مسمار جحا لضرب العلاقة بين أنقرة وطهران والبحث عن أى مخرج من أزمتها بأى شكل». واستطرد الخبير التركى «إن القلق الإسرائيلى من هاكان فيدان ليس بسبب إيران ولكن لأنه الشبح الذى كشف الوجه الحقيقى لحكومة بنيامين نتنياهو، ولذلك هى تسعى لتشويه سمعته. وتؤكد تقارير تركية أن فيدان لعب الدور الرئيسى فى توريط إسرائيل فى فخ «أسطول الحرية» كونه أبرز منظمى الرحلة. ويرى مراقبون أتراك أن فيدان سيقوى جانب أردوجان فى مواجهة دولة العسكر التركية لأنه مقرب منه وكان يعمل مستشاراً له فى السابق. ويأمل أردوجان بحسب تقارير تركية فى زيادة فعالية «الميت» (الاسم التركى للمخابرات) بمساعدته فى خطته التى ينوى خلالها تقسيم المخابرات إلى جزءين على الطريقة البريطانية هما M15 وM16، استخبارات داخلية واستخبارات خارجية يكون فيدان مسؤولاً عنهما، تكون أولويتهما تعزيز دور تركيا فى مناطق الشرق الأوسط، والبلقان والقوقاز. ويرى خبراء أتراك أن اختيار فيدان لرئاسة جهاز المخابرات يحمل عدة رسائل أمنية واستراتيجية موجهة إلى أكثر من جهة إقليمية ودولية مفادها أن جهاز المخابرات التركية لن يكون فى موقف المتفرج أمام مسار الأحداث، هو يريد أن يكون صانعاً للقرار ومؤثراً فيه تماما كما هى سياسة. وهاكان فيدان (42 عاما) دخل «الميت» من باب العلوم السياسية، وحاصل على شهادة فى هذا التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية وحصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة بيلكنت فى أنقرة مسقط رأسه. كما أنه ليس بعيداً عن جوّ الاستخبارات، حيث إن أطروحته للدكتوراه عنوانها «دراسة مقارنة بين أنماط عمل أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والتركية». ويتمتع بخبرة عملية فى ميدان الاستخبارات. وفيدان من مواليد أنقرة عام 1968 لعائلة أناضولية تعيش حياة متواضعة، التحق باكراً بالمؤسسة العسكرية وأمضى هناك 15 عاماً.