** هذا صيف حار ومشبع بالرطوبة، ومشبع بالرياضة، وهو ما خفف من تأثير الحر الفظيع والرطوبة الخانقة.. هو صيف مثل مغارة «على بابا».. فيها بطولة أوروبا لكرة القدم، وكوبا أمريكا، وبطولة ويمبلدون للتنس، ودورة الألعاب الأوليمبية فى باريس، ولأن الرياضة الحقيقية هى المتعة الأولى وربما الوحيدة، فى حياتى وبعدها زراعة عود فل، أو ياسمين، أشعر بالأسى قليلًا لتوديع كأس أوروبا وكوبا أمريكا وويمبلدون، وأستعد لدورة الألعاب الاوليمبية.. أهم حدث رياضى وأكبر حركة سلام عرفتها البشرية. ** انتهت معركة برلين. وفى تاريخ كرة القدم مايسمى بمعجزة برن، يوم هزمت ألمانياالغربية منتخب المجر العظيم فى نهائى كأس العالم 1954 بقيادة بوشكاش وهيديكوتى والحارس جيولا جروسيكس وتشيبورو ساندور كوتشيس. وكان منتخب المجر هو المرشح للفوز بالكأس ففى السنوات الخمس التى سبقت المباراة النهائية، ظل دون هزيمة فى 31 مباراة (32 مباراة إذا احتسبت مباراة ضد ألمانياالشرقية عام 1952 لا تعتبر دولية رسمية).. وخسر منتخب المجر. ** معجزة برلين ستكون هى فوز إنجلترا بكأس أوروبا لأول مرة، وإحراز بطولة كبرى لأول مرة أيضًا بعد 58 عامًا من الفوز بكأس العالم 1966. ففى الواقع كل التقارير والتحليلات التى سبقت المباراة النهائية وضعت منتخب إسبانيا مرشحًا، وفى تحليلات مرشحا مطلقا لأنه كان الفريق الأفضل على الإطلاق. بينما شهدت الأربع والعشرون ساعة التى سبقت المباراة النهائية حالة من التحدى أصابت جميع لاعبى إنجلترا وكل الجمهور والعائلة المالكة ودول الكومنولث، والكثير من محبى الكرة الإنجليزية والمشفقين على المنتخب الذى يمثل الدولة التى علمت العالم كرة القدم الحديثة (منذ قرابة 150 عامًا). ووصل الأمر إلى أن بعض المحللين الإنجليز وصفوا ساوث جيت مدرب إنجلترا بأنه ليس عبقريًا، لكنه قد يحقق مفاجأة ومعجزة. خاصة أن بعض لاعبيه اعتبروا الفريق الإسبانى جدارا من الحجارة وهم مستعدون لإختراق هذا الجدار بأى وسيلة.. فهل حدث ذلك؟! ** فى القرن الثامن عشر كانت أوروبا تعيش عصر الظلام، وكل شبر فيها يحارب بعضه.. إنجلترا تحارب فرنساوألمانيا تحارب النمسا، وإنجلترا تحارب إسبانيا. ومن وحى تلك الحروب شبه البعض مباراة إسبانيا وإنجلترا بمعركة هو تحطيم أسطول الأرمادا فخر البحرية الإسبانية فى معركة ببحر الشمال فى الثامن من أغسطس عام 1588. لكن أوروبا التى نهضت بعد عصر الظلام بالتفكير والفلاسفة والحكمة، عاشت على مدى شهر كامل فى بهجة وسعادة وإثارة بسبب كرة القدم. صحيح كانت هناك مشاغبات ومعارك بين مشجعين، لكن مئات الألوف عاشوا المتعة وعاشوا جمال كرة القدم وما فيها من دراما وإثارة. ** ماذا بعد انتهاء كأس أوروبا، وكوبا أمريكا وويمبلدون؟ يبقى لنا الألعاب الأوليمبية وما فيها من تحدى البشر للزمن والمسافة والوزن.. لكن باريس خيبت ظنى وخيبت كل الظنون المماثلة لعدم وجود الإسكواش ودخوله الأولمبياد عام 2028، بينما أفسحت باريس المجال للبريك دانس وركوب الأمواج والتسلق ضمن برنامج ألعابها.