الرئيس الأمريكى جو بايدن جمد مؤقتا شحنة أسلحة، عبارة عن ذخائر وقنابل لإسرائيل، الأسبوع الماضى؛ خوفا من استخدامها لقتل المدنيين فى رفح الفلسطينية. كثيرون اعتقدوا أن الولاياتالمتحدة أوقفت كل شحنات الأسلحة الإسرائيلية، لكن هؤلاء لا يعرفون حقيقة وجوهر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى الشق العسكرى، وهو الموضوع الذى سلطت عليه العديد من وسائل الإعلام الأضواء فى الأيام الأخيرة بعد قرار بايدن والجدل الذى أثير بشأنه. هناك أرقام وبيانات ومعلومات وحقائق مهمة ينبغى على كل مهتم أن يعرفها إذا أراد أن يفهم جوهر هذه العلاقات، بحيث لا يعتقد أن مجرد تجميد صفقة واحدة يعنى توقف كل العلاقات. وفقا لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكى فإن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل بلغت 216 مليار دولار منذ زرع إسرائيل فى المنطقة عام 1948. وإن إسرائيل تحصل على 69٪ من وارداتها من الأسلحة من أمريكا. ووفقا لمعهد ستوكولهم الدولى لأبحاث السلام فإن أمريكا تقدم لإسرائيل مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3٫8 مليارات دولار. فى عام 2016 وقع البلدان مذكرة تفاهم مدتها عشر سنوات تبدأ من 2018 إلى 2028 تقدم خلالها أمريكا مساعدات عسكرية قيمتها 38 مليار دولار منها 33 مليار لشراء معدات عسكرية و5 مليارات للدفاع الصاروخى. الولاياتالمتحدة ساعدت إسرائيل على تطوير وتسليح أنظمة الدفاع الجوى خصوصا نظام القبة الحديدية، وأرسلت لها ملايين الدولارات لإعادة التزود بالصواريخ الاعتراضية. وقبل أسابيع قليلة تصدى الجيش الأمريكى بنفسه للصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية والحوثية الموجهة لإسرائيل. كما تساعد واشنطن إسرائيل فى تطوير نظام «مقلاع داود» الإسرائيلى المصمم لإسقاط الصواريخ التى تطلق من مسافة 100 200 كيلو متر. فى الأيام الأولى من عدوان إسرائيل على غزة فى 7 أكتوبر الماضى أرسلت الولاياتالمتحدة حاملتى طائرات فورد وأيزنهاور إلى السواحل الإسرائيلية ثم سفينة نووية لمنع دخول أى أطراف أخرى فى الحرب ضد إسرائيل. واللافت للنظر أن الإدارة الأمريكية قدمت صفقتين كبيرتين من الأسلحة فى الشهور الماضية لإسرائيل بموجب قوانين الطوارئ، أى عدم عرضهما على الكونجرس بمجلسيه. ووقع بايدن فى الشهر الماضى على حزمة مساعدات عسكرية إضافية قيمتها 15 مليار دولار ثم أعقبها بحزمة مساعدات عسكرية أخرى قيمتها 26 مليار دولار. فى الفترة من 2019 وحتى العام الماضى تلقت إسرائيل 69٪ من الأسلحة المستوردة من الولاياتالمتحدة ومعظمها مساعدات، وهى أول دولة فى العالم تشغل المقاتلة إف 35 الأكثر تقدما، وستحصل على 75 مقاتلة من هذا الطراز وتسلمت بالفعل 36 طائرة العام الماضى وتم دفع الثمن من المعونة الأمريكية، و25 مقاتلة F-15Ai و12 طائرة أباتشى، و230 طائرة شحن، و20 سفينة محملة بالأسلحة و200 طائرة ضمن الجسر الجوى محملة بالسلاح والمركبات المصفحة، وعشرة آلاف طن من السلاح والمعدات. ووفقا لبيانات أمريكية منشورة فإنه ومنذ السابع من أكتوبر فقد زودت أمريكا إسرائيل بحوالى 21 ألف ذخيرة. ومن بين الأسلحة التى تم إرسالها قنابل إم كى 820 وذخائر الهجوم المباشر كيه إم يو 572، وقنابل إف إم يو 139. ومن بين المعدات المهمة جدا القنابل الخارقة للتحصينات من طراز «بى يو 109»، وهى النقابل التى يعتقد أنها مسئولة بالأساس عن هدم وتدمير أكثر من نصف مبانى ومنشآت غزة، وكذلك 57 ألف قذيفة مدفعية و5 قنابل طراز 82 MK، و5400 قنبلة برءوس حربية وألف قنبلة ذات قطر صغير و3 آلاف قنبلة «جدام». ما سبق مجرد نماذج وليس كل أنواع الأسلحة التى قدمتها أمريكا لإسرائيل، وقد تعمدت أن أسردها بالتفصيل حتى يدرك القارئ أن العلاقة بين البلدين شديدة الحميمية والتداخل، وأن مجرد تجميد صفقة لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يؤثر على هذه العلاقة العضوية والحميمة لبلد يلعب دورا وظيفيا خطيرا لأمريكا وأوروبا فى المنطقة.