قال سفير الأغنية العراقية سعدون جابر أن التراث الفني العراقي بدأ يندثر، وأصيب بنفس الأمراض التي أصابت الأغنية العربية. وأضاف جابر إنه حاول توثيق 10 أساليب فقط من حوالي 2070 أسلوبا في الغناء الريفي العراقي فقط، وكل أسلوب يتفرع إلى عشرات الأساليب الأخرى.. مشيرا إلى أن هذه الثروة تكاد تنسى لأنه لا يتم غناؤها، فالمطرب الشاب الذي يرغب بشهرة سريعة لا يبحث في التاريخ الغنائي لبلده، ويعتبر نفسه فوق مستوى هذا الفن الشعبي العظيم. وبدأ جابر حياته الفنية كمؤدي في فرقة الكورال مع الفنان العراقي العظيم القبنجي، ورافقه في تلك الفترة عدد من الفنانين العراقيين المعروفين كفاضل عواد وهادي حافظ وعارف مشعل وغيرهم. وتابع جابر بعد أربعة عقود أشعر أنني قادر على الغناء بشكل أفضل، وثمة نضوج صوتي ووعي وثقافة أكبر، الآن عندما أغني أجد نفسي أكثر صدقا وعفوية وتأثيرا بالمتلقي، ويترجم هذا التأثير بالدموع التي أراها في عيون الناس، كل ذلك يجعلني أتمنى تقديم أغانٍ جديدة، لكني أجد صعوبة الآن في إيجاد ألحان مناسبة. ويتميز صوت جابر ببحة صوتية نادرة، جعلت البعض يلقبه بصاحب أحن صوت في العراق، ولعل الآهات التي يتوج بها مواويله تختزل معاناة شعب كامل عانى وما يزال من ويلات الكوارث والحروب. ومن أشهر المواويل التي غناها جابر موال الذهب الذي كتبه جندي عراقي يدعى كاظم إسماعيل القاطع وكان صديقا لجابر، وغناه جابر عام 1984. ويرى جابر أن ثمة نوعين فقط من الموسيقى في العالم العربي هما الموسيقى المصرية والعراقية، المصرية وليدة الفراعنة العظام والعراقية بنت السومريين والبابليين والأكاديين. ويضيف أن كل الموسيقى العربية التي يسوق لها الإعلام الآن، تدور في فلك الموسيقى المصرية، وجميعها تشبهها إلا الموسيقى العراقية فهي عالم مختلف تماما، ويستطيع المرء أن يميز الأغنية العراقية عندما يسمعها. وأكد أن العراق يحتوى تراثا فنيا عريقا جدا لم يتم اكتشافه بعد، مشيرا إلى أن الذي وصل للمستمع العربي من المقام العراقي من خلال القبنجي وناظم الغزالي يعتبر يسيرا جدا.