«الأمور تبدو مستقرة والتطورات الصحية طيبة في المجمل،» هكذا أجاب مصدر رسمي في ألمانيا باقتضاب شديد عندما سألته «الشروق» حول حالة الرئيس. وقال مصدر آخر في القاهرة: «إن المعلومات التي تعلن رسميا حول تطورات صحة الرئيس سليمة تماما حتى إن لم تكن كاملة مائة بالمائة، الأمور مستقرة ولا يبدو أن شيئا يدعو للقلق على الإطلاق». على جانب آخر تُدار أمور تسيير الدولة حسب التفويض الدستوري الموقع من الرئيس مبارك حتى عودته من قبل رئيس الوزراء أحمد نظيف. مصدر رسمي قال إن التسيير الفعلي مقسم بين جهات مختلفة. «فرئيس الوزراء على سبيل المثال يُخطر ولا يقرر في القضايا الأمنية بما في ذلك الداخلية والخارجية التي يتم التشاور حولها في غياب الرئيس بين المسئولين الرئيسيين المعنيين». أما إدارة الشئون اليومية، والاطمئنان أن الخدمات تسير بصورة سليمة، وأن الاقتصاد تدور عجلته، فهي مسئولية رئيس الوزراء أحمد نظيف الذي قال المصدر: إنه حريص على التشاور حول بعض أمورها مع شخصيات مهمة في الدولة «بمن في ذلك شخصيات رفيعة في الحزب الوطني الديمقراطي». في الوقت نفسه تتولى قيادات الحزب الوطني الديمقراطي الترتيب المكثف لانتخابات مجلس الشورى المقررة الشهر المقبل بعد أن قال مصدر إن الرئيس لن يكون لديه بالضرورة المساحة للانخراط المكثف في تفاصيل الإعداد لها حال عودته. وعلى صعيد السياسة الخارجية، تُدار عجلة السياسة الخارجية كالمعتاد بالتشاور بين وزير الخارجية ومؤسسة الأمن القومي. بعض اللقاءات لوفود زائرة أجنبية كان مقررا أن يستقبلها مبارك تم إلغاؤها والبعض الآخر أحيل إلى وزير الخارجية. في نفس الوقت فإن مذكرات العرض على رئيس الدولة التي يبعث بها مكتب الوزير حول القضايا الملحة إلى مؤسسة الرئاسة ترسل بنسبة تقارب المعتاد إلى مدير مكتب الرئيس للمعلومات. «فى المرة الماضية لم يتلق الرئيس اتصالات هاتفية حول العمل إلا عندما سمح له الأطباء بذلك، شأن أي مريض، ولم تكن كلها اتصالات مباشرة حيث تتم بعض الاتصالات من خلال الدكتور زكريا عزمي مدير ديوان رئاسة الجمهورية وهذا أمر عادى بالنسبة لكل الرؤساء»، هكذا قال مصدر في إشارة إلى عملية في العمود الفقري خضع لها الرئيس مبارك أيضا في ألمانيا عام 2004. التسيير التقليدي للعلاقات الخارجية وإبقاء الأمور الداخلية مستقرة والابتعاد عن اتخاذ قرارات كبيرة يكون لها ردود فعل واسعة، هي المهمة الرئيسية الموكلة إلى المواقف الرسمية التي تبث الاطمئنان حول صحة الرئيس حتى عودة مبارك التي لم يعلن بعد عن موعد لها. ولكن الأسئلة في ذهن البعض تبقى مطروحة مع الحالة الصحية للرئيس كما كانت قبلها: وماذا إذا قرر مبارك أنه يريد أن يستريح من عناء المسئولية؟ أستاذ العلوم السياسية الداعي للتغيير حسن نافعة قال ل «الشروق»: إن أحدا لا يمكن له إلا وأن يتمنى للرئيس الشفاء، غير أن السؤال الذي يجب التدبر بشأنه هو مستقبل الرئاسة في مصر التي تعد الرئاسة فيها فاعلة بدرجة كبيرة في تسيير شئون الدولة. تجربة مرض الرئيس وهو كما يقول نافعة أمر طبيعي جدا يجب أن تدعو لزيادة دور مؤسسات الدولة. نافعة يقول أيضا انه بغض النظر عن تطورات صحة الرئيس فإن الوقت قد حان للنظر إلى المستقبل ورسم خطوطه بصورة أكثر تعددية.